بريق الذهب والفضة الذي تضعف أمامه كثير من النساء لم يكن ليخطف أبصارالمسلمات في عهد الرسول, بل كان الدين لديهن أغلي من كل كنوز الدنيا, وقصة الرميصاءس من الذهب والفضة وفضلت أن يكون الإسلام هو مهرها لتصبح أعظم النساء مهرا. هي الصحابية الأنصارية الجليلة أم سليم بنت ملحان النجار, الخزرجية (من قبيله الخزرج) التي اشتهرت بالرميصاء. تربطها بالرسول صلة قرابة من جهة بني النجار أخوال أبي النبي (ص), تزوجت أم سليم بمالك بن النضر النجاري, ورزقت منه بأنس, فلما جاء الله بالإسلام كانت من طليعة السابقين إليه من قومها الأنصار, ثم عرضت الإسلام علي زوجها فأبي وغضب عليها وتركها وسافر إلي الشام ومات هناك. وكانت أم سليم تقول: لا أتزوج حتي يبلغ أنس ويجلس في المجالس, ولذلك يقول أنس: جزي الله أمي عني خيرا, لقد أحسنت ولايتي, ثم تقدم لها أبو طلحة يخطبها- وهو مشرك- وقال لها: لقد جلس أنس وتكلم, فردت قائلة: أما أني فيك لراغبة وما مثلك يرد, ولكنك رجل كافر وأنا امرأة مسلمة, لا يجوز لي أن أتزوجك, فقال لها في استغراب: ماذا دهاك يا رميصاء؟ أين أنت من الصفراء والبيضاء؟! (يعني الذهب والفضة) فقالت في ثقة: لا أريد صفراء ولا بيضاء, فأنت رجل تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا, أما تستحي يا أبا طلحة أن تعبد خشبة من الأرض تجرها لك حبش بني فلان ؟! إن أسلمت فذلك مهري لا أريد من الصداق غيره.. فأثر هذا الحديث في طلحة فذهب إلي رسول الله وأعلن إسلامه, وكان ذلك مهر أم سليم, وهو أعظم المهور. ومن مواقفها الأخري أنه عندما مرض ابنها الأول من طلحة ومات في غياب أبيه, وبعد عودته سألها ما فعل ابني ؟ قالت: هو أسكن ما كان, وأعدت له العشاء فتعشي, ثم أصاب منها, فلما فرغت قالت: واروا الصبي (ادفنوه) فلما أصبح أبو طلحة فذهب إلي رسول الله وأخبره فقال رسول الله (ص) أعرستم الليله؟ قال نعم, فدعا لهما رسول الله (ص) اللهم بارك لهما, فولدت غلاما وأسمته عبد الله, ثم أنجبت ثماني ذكور فأصبحوا تسعة وكان جميعهم حفظه للقران. ومن مواقفها كأم أنها عندما حضر رسول الله (ص) إلي المدينة وكان ابنها أنس عمره عشر سنوات أخذته من يده وسلمته لرسول الله (ص) وهي تقول: يا رسول الله إنه لايبقي رجل ولا امرأه من الأنصار إلا قد أتحفك بتحفهة, وإني لا أقدر علي ما أتحفك به إلا ابني هذا, فخذه ليخدمك ما بدا لك. فيقول أنس: خدمت النبي عشر سنين, فما ضربني ضربة ولا سبني سبة ولا انتهرني ولا عبث في وجهي. فقد طلبت من رسول الله أن يدعوا لأنس فقال الرسول (ص): اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته, فكان أنس أكثر الأنصار في البصرة مالا وعاش حتي رأي من ذريته أكثر من مائة نسمة.