◙ تحوط السياسة النقدية كبح التضخم ودعم الاستقرار الاقتصادى ◙ صلابة القطاع المصرفى فى مواجهة الصدمات يوفر المناخ الداعم للنمو
جاء تقرير المجلس التنفيذى لصندوق النقد الدولى حول المراجعة الثانية لبرنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى ، ليؤكد بشكل قاطع على عدد من الامور والاعتبارات المهمة، فى مقدمتها ان ثمة نتائج ومؤشرات ايجابية على عبور الاقتصاد المصرى المرحلة الصعبة ، وتحقيق الاستقرار ، وابرز هذه المؤشرات تعافى معدل النمو الاقتصادى ليتجاوز 4.1% وهو ما يفوق المعدل الذى توقعه صندوق النقد والبنك الدوليين من قبل ، وثانيا كبح التضخم وبدء الاتجاه التنازلى بعد ان تراجع بنحو 5 نقاط اساسية ليسجل نحو 25.6% فى نوفمبر الماضى ، بفضل السياسة النقدية المتشددة التى انتهجها البنك المركزى ، والتى نجحت فى درء مخاطر التضخم ، وعززت من الاستقرار الاقتصادى ، كما ساعدت فى تدعيم قيمة الجنيه واحتفاظه بثقة المتعاملين كمخزن للقيمة ، مما انعكس ايجابيا فى زيادة تدفقات النقد الاجنبى ،من خلال تنازل المصريين عن الدولار للاستفادة من العائد المرتفع على الجنيه بالشهادات التى يطرحها البنك الاهلى وبنك مصر منذ قرار تحرير سعر الصرف وحتى الان ، واجتذبت ما يقرب من 625 مليار جنيه فى البنكين، اضافة الى زيادة تحويلات المصريين بالخارج لتصل الى اعلى مستوياتها وتسجل 24.2 مليار دولار بزيادة 4 مليارات دولار بعد قرار تحرير سعر الصرف ، الى جانب استثمارات الصناديق العالمية فى ادوات الدين المحلى لتصل الى مايقرب من 19 مليار دولار . إن نجاح السياسة النقدية التى انتهجها البنك المركزى فى كبح التضخم ، وبدء تراجعه ، سوف تسهم فى الخفض التدريجى لاسعار الفائدة ، لاسيما بعد استمرار الاتجاه الهبوطى للتضخم ، حيث يتوقع ان يصل الى 21% بنهاية السنة المالية الحالية فى يونيو المقبل ، ويستمر التراجع ليصل الى 13% بنهاية عام 2018،ويدعم توجه السياسة النقدية فى هذا الاتجاه تحسن مصادر النقد الاجنبى خاصة فى قطاع السياحة ، الى جانب تدفق الاستثمار الاجنبى المباشر. قوة وصلابة القطاع المصرفى فى مواجهة الصدمات التى مرت بالسوق والاقتصاد بفضل الاصلاح المصرفى ، ومواصلة البنك المركزى تبنى نفس الاتجاه من اجل تدعيم القاعدة الرأسمالية للبنوك ورفع من معدل كفاية رءوس اموالها ،لاسيما بعد قرار تحرير سعر الصرف ، خاصة وان البنوك حققت أرباحا طائلة خلال السنوات الماضية – بلغ صافى ارباحها نحو 56 مليار جنيه العام الماضى – وقد ساعد ذلك فى تمويل البنوك للمشروعات القومية الكبرى والقطاعات الاقتصادية الاستراتيجية من خلال قروض مشتركة ضخمة ، لاسيما فى قطاعى الكهرباء والطاقة وهيئة البترول ، الى جانب تمويل المشروعات التنموية والبنية التحتية ، الى جانب تمويل عمليات التجارة الخارجية وتوفير السلع الاساسية ومستلزمات الانتاج والسلع الرأسمالية للمصانع لدفع الانتاج المحلى . الآفاق مواتية بفضل الاستقرار الاقتصادى الراهن ،الذى يتيح اساسا صلبا – على حد وصف بيان الصندوق – بما يسهم فى تحقيق الاصلاحات الهيكلية لاطلاق افاق كبيرة لنمو القطاعات الاقتصادية الواعدة الاقتصادى وتحقيق انتعاش اقتصادى وكذلك النمو الاحتوائى بما يسهم فى توفير فرص العمل ، ،مع استمرار الجهود للحفاظ على السياسات الحذرة والتقدم فى الإصلاحات الهيكلية ، التى تعزز من القدرات التنافسية للقطاعات الاقتصادية الواعدة والارتقاء بتنافسية المنتج المصرى بما يعزز من تنمية الصادرات المصرية . وفى هذا الصدد، فان أولويات الإصلاح – وفقا لبيان الصندوق – تتمثل فى دعم المنافسة، وتحسين فرص الحصول على التمويل والأراضي، وتعزيز الحوكمة والشفافية فى المؤسسات المملوكة للدولة، ومكافحة الفساد، وزيادة مشاركة النساء والشباب فى سوق العمل. اما التحديات التى تواجه الاقتصاد خلال الفترة المقبلة تتمثل فى ، مخاطر ارتفاع اسعار النفط عالميا بما يؤثر على خطة الضبط المالى ، وتقليص عجز الموازنة العامة ، وتحقيق فائض فى العجز الاولى بالموازنة العامة ، والذى يتمثل فى تحقيق فائض فى الموازنة مع استبعاد اقساط وخدمة الدين العام ، والذى شهد تحسنا كبيرا خلال الفترة الماضية اذ تراجع العجز الاولى الى النصف من 3.6% الى 1.8% ، الا ان تحذيرات الصندوق تتعارض مع ما اعلنت عنه الحكومة من تحقيق الاكتفاء الذاتى من الغاز الطبيعى خلال 2018 ، ومن ثم فان تاثير ارتفاع اسعار النفط قد تكون قاصرة على النصف الثانى من العام المالى الحالى فحسب ، الى جانب ان الحكومة اعلنت عن عزمها تنفيذ خطة الرفع التدريجى لدعم الوقود والكهرباء فى السنة المالية المقبلة 2018/2019 . اهمية اصلاح السياسة الضريبية بما يتيح لها موارد مالية للانفاق على الاستثمارات الضرورية فى رأس المال البشرى لاسيما فى التعليم والتدريب ، الى جانب مشروعات البنية التحتية ، وتدعيم شبكة الضمان والحماية الاجتماعية ، تحتاج بالفعل الى الاهتمام لاسيما بتوسيع القاعدة الضريبية ومكافحة التهرب من المهنيين ودمج القطاع غير الرسمى، حيث تشير بعض الدراسات وتقديرات الخبراء الى ان معالجة ذلك كفيل بتوفير ما يقرب من 400 مليار جنيه سنويا .