سجل معدل التضخم 32.5% وفقا لجهاز الاحصاء ، وهو الاعلى منذ ثمانينيات القرن الماضى ، حيث سجل معدل التضخم 30 % وقتها،كبح التضخم والسيطرة على الاسعار يحتاج الى حزمة سياسات اقتصادية متكاملة ، على مستوى السياسة النقدية والسياسةالمالية وكذلك السياسة التجارية ، اضافة الى رفع كفاءة الاجهزة الرقابية وفى مقدمتها جهازا حماية المنافسة ومنع الاحتكار وحماية المستهلك ، اقتصاد السوق الذى تحكمه آليات العرض والطلب لايعنى الفوضى بل هناك ادوات مهمة تضبط الايقاع وفى مقدمتها تفعيل المنافسة ومواجهة الممارسات الاحتكارية بكل قوة ، مع تعزيز حماية المستهلك عن طريق جهاز حماية المستهلك وجمعيات المجتمع المدنى والتعاونيات التى يساهم فيها المستهلكون بكل حى وتوفر السلع بهامش ربح ضئيل مما يكبح محاولات استغلال بعض التجار للمستهلك . ثمة ارتفاع غير مبرر اقتصاديا فى بعض السلع ، كثير من السلع شهدت انفلاتا فى اسعارها الاشهر الماضية وتحديدا منذ تحرير سعر الصرف ، هى منتجات محلية بنسبة 100% ، اذ لا يعقل وغير مقبول ان يقفز سعر بعضها بما يزيد على 120% ، بعض هذه السلع الطلب عليها لا يتمتع بالمرونة ، اى ان الطلب عليها لن يتأثر رغم ارتفاع اسعارها ، ليس هناك تفسير او مبرر لهذا الارتفاع ، الا استغلال الموقف ، لاسيما بعد الاجراءات التى اتخذتها الحكومة لتقييد الاستيراد للسلع المستوردة التى لها منتجات محلية مثيلة ، الامر الذى يطرح تساؤلات حول غياب الاجهزة الرقابية او عدم كفاءتها، لردع هذه الممارسات من خلال انفاذ القانون ،واقتصاد السوق لايعنى الفوضى او استغلال المستهلك بل به ادوات متكاملة تضمن تحقيق التوازن بين جميع اطراف السوق بما يحقق صالح الاقتصاد ، ويدفع إلى النمو والتشغيل وتوافر السلع بمواصفات وتنافسية عالية فى السعر والجودة ، ليس فقط كحق اصيل للمستهلك ، بل من اجل رفع تنافسية تلك المنتجات بما يؤهلها للنفاذ الى الاسواق الخارجية والتصدير ، كل الدول المتقدمة التى تطبق اليات اقتصاد السوق اتخذت فى اوقات معينة آليات وسياسات مؤقتة تناسب طبيعة المرحلة الاستثنائية من اجل ضمان عدم طغيان او استغلال المنتج او التاجر على المستهلك ،اعلاء المصالح الضيقة ، لا تخضع للاخلاقيات والضمير ، بل يكبحها و يحكمها القانون . مواجهة ارتفاع الاسعار، محل اهتمام الرئيس السيسى طوال الوقت ، اذ ان توجيهاته الى الحكومة باتخاذ التدابير لاستقرار الاسعار واضحة للعيان ، وجاءت نصائح صندوق النقد الدولى ، على لسان المسئول عن منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا ، بضرورة ان يلجأ البنك المركزى ، الى اسعار الفائدة لكبح التضخم ، وقد سبق ذلك تصريحات للمدير التنفيذى كريستين لاجارد ، باهمية مواجهة ارتفاع التضخم ، ليطرح تساؤلات حول احتمالات قيام البنك المركزى برفع الفائدة فى اجتماع لجنة السياسة النقدية المقبل والذى اعلن المركزى تأجيله اسبوعا ليعقد فى 21 الشهر الحالى . السياسة النقدية ، تسعى الى استخدام ادواتها الفنية وفى مقدمتها اسعار الفائدة من اجل تحقيق توازنات صعبة تلائم طبيعة المرحلة لاسيما فى ظل تطبيق برنامج اصلاح اقتصادى مكثف اذ يستهدف اصلاح التشوهات المالية وكذلك الهيكلية ، اولويات السياسة النقدية هى استهداف التضخم بالاساس ، الى جانب الحفاظ على الاحتياطى الاجنبى ،مع تحقيق التوازن المطلوب لانعاش الاقتصاد ، بما يدفع النمو الاقتصادى ويسهم فى التشغيل ، وقد أعلن عن ذلك محافظ البنك المركزى ، وفى سبيل ذلك جاءت مبادرة الرئيس السيسى لتمويل البنوك المشروعات الصغيرة والمتوسطة ب 200 مليار جنيه باسعار فائدة مدعومة . من هنا يكتسب التساؤل حول احتمالات رفع اسعار الفائدة ، مرة اخرى ، اهميته ،بما يسهم فيه من دخول الاقتصاد فى مرحلة الركود التضخمى ، لاسيما وان هناك مؤشرات واضحة على تراجع الطلب المحلى بسبب تراجع الاستهلاك على اثر انخفاض القدرات الشرائية بعد تحرير سعر الصرف ، كما ان انتهاج سياسات انكماشية يسير فى اتجاه معاكس للجهود والاجراءات التى تتخذها الحكومة من اجل تحفيز وتشجيع الاستثمارات ، خاصة وان قانون حوافز وضمانات الاستثمار قد صدر بعد طول انتظار كما بدأت الاجراءات الاصلاحية تؤتى ثمارها فى تدفق الاستثمارات . تحريك وانعاش الاداء الاقتصادى اولوية ملحة لتحسين مستويات المعيشة ، وخلق فرص العمل لمواجهة مشكلة البطالة ، معدل التضخم السنوى فاق توقعات البنك المركزى وصندوق النقد الدولى ، عند تنفيذ برنامج الاصلاح حيث كانت توقعات الصندوق ان يصل الى المعدل السنوى 21% فى العام المالى الحالى ، قبل ان يقوم بتعديل توقعاته الى نحو 24.5 % ، فى السنة المالية الحالية مع توقعه بتراجعه الى نحو 17.5 % العام المالى المقبل ، تراجع معدل التضخم خلال الفترة المقبلة تجمع عليه توقعات كثير من بنوك الاستثمار والمؤسسات الاقتصادية والمالية ، وفى مقدمتها البنك الدولى حيث توقع احدث تقرير صادر عنه ، تراجع معدل التضخم فىالنصف الثانى من العام الحالى ، وبوضوح فى الربع الاخير من العام الحالى 2017 ،غير ان هذا الامر يستدعى مزيدا من السيطرة على عجز الموازنة العامة من جانب وزارة المالية ، وعدم ارتفاع العجز عما هو مستهدف 9.2% ، كما حدث العام المالى الحالى اذ رفعت توقعاتها من 9.8% الى 10.9 % ، ولعل ما يدعو الى التفاؤل فى هذا الامر هو تراجع العجز الاولى فى الموازنة العامة فى الاشهر الستة الماضية بشكل واضح ، وهو العجز بين المصروفات والنفقات بدون فوائد الدين .