يري البعض أن قرار " تعويم الجنيه" بعد مرور عام عليه كان أمراً حتمياً بعد نفاذ خزائن البنك المركزي المصري من الاحتياطي الأجنبي منذ ثورة 25 يناير ، ولوقف سباق السوق الموازية "السوداء" ووصول الفارق فيه مع البنوك لأكثر من 10 جنيهات ، لكن آخرون يؤكدون بأنه لم يكن حلاّ سحرياً لمشاكلنا الاقتصادية بل تضاعفت ، مما يستوجب التقييم بين إيجابية تحسن مؤشرات الوضع الاقتصادي ، ومع زيادة حياة المواطنين لهيب الأسعار وصعوبة المعيشة . التجربة الكاشفة أثبتت أن قرار التعويم جاء منفرداً دون إجراءات واجبة للسياسات النقدية والمالية مع وجود مشاكلنا الاقتصادية التي إبرازها إرتفاع الدين العام بنحو 4 تريليون جنيه ، وعجز بالموازنة 400 مليار جنيه سنوياً ، وبإحتساب متوسط فائدة 15٪ تبلغ خدمة الدين العام 600 مليار جنيه إي تقارب إيرادات الدولة نفسها البالغة 680 مليار جنيه ، ومع إستمرار البنك المركزي في طباعة النقود عرض عملتنا المحلية " الجنيه" لمزيد من التدهور لقيمته الشرائية ، فضلاً أن اقتصادنا لا يزال استهلاكيا استيراديا لا إنتاجيا تصديريا ، كل ذلك مع تكلفة المرتبات والدعم والمشروعات في كل ربوع مصر والصحة والتعليم ، غير قيمة سداد أصل هذه الديون ، وإن كان مع ذلك الوضع السيئ بارقة أمل بزيادة لموارد الدولة بمصادرها من السياحة والضرائب وتحويلات المصريين للخارج وقناة السويس والصادرات وإنحسار الواردات ، وتوج بزيادة الاحتياطي النقدي لنحو 36.5 مليار دولار. ولكن رغم ذلك التحسن الملموس في المؤشرات الاقتصادية والذي إستقبل بإشادات المؤسسات التمويلية والمالية الدولية إلا في مقابله إرتفعت أسعار السلع والخدمات وزاد التضخم لأكثر من الضعف، وحصد المعانأة المواطن بمختلف مستوياته خاصة البسيط الذي صار " فريسة " لأسباب منها الجشع والاحتكار لغالبية التجار مع فقدان السيطرة والرقابة علي الأسواق، حتى ظهرت ثقافة جديدة عند الكثير من المواطنين وهي " الاستغناء" كحيلة لمواجهة " نار" الأسعار فأصاب " الركود" حركة البيع والشراء بالأسواق ، غير سلبيات وجود " النواقص" بمعظم مستلزمات الإنتاج من غلق منافذ الاستيراد مما سبب " تعثرات" لعمل قطاعات صناعية فتسبب بزيادات في تكلفة المنتج مع قلة بالإنتاج والمبيعات وتضاعفت الأسعار، لكن الأخطر ما اصاب القطاعات الخدمية مثل الصحة التي شهدت زيادات متتالية بأسعار الأدوية فأصبح المواطن بين نارين تكاليف علاجه ونقص العديد من الأصناف التي لا غني عنها لحياته ، غير ما مس قطاع التعليم من إرتفاع المصروفات والكتب والدروس الخصوصية بنسبة 100٪ . إذا بعيداً عن الرابحين والخسرين لم يعد لدينا مفرا من إتخاذ إجراءات كانت غائبة مع بداية قرار التعويم ، فعلي المستوي المالي مضاعفة الموارد للحصيلة الضريبية المنخفضة للغاية رغم تصريحات "المالية" بتحقيق المستهدف ، وذلك ليس بالاعتماد علي الفئات المسجلة دون التوسع بقاعدة المسددين للضريبة من القطاع المهني وأصحاب الأرباح الكبيرة ، خاصة أن قيمة التهرب الضريبي أكثر من 400 مليار جنيه علي إعتبار أن متوسط الحصيلة من الناتج المحلي بالدول يصل 25٪ ونحن طبقاً للمالية 15٪ فقط ، ثانيا إصلاح منظومة الدعم عن طريق الدعم العيني والمشروط فرفع الدعم السبيل لترشيد الاستهلاك ، مع زيادة الإنتاج والعمل والصادرات وتقليل الورادات ، وعلي المستوي النقدي وقف عمليات الطباعة للنقود بشكل عشوائي التي دفعت الجنية لمزيد من التدهور وجذب الاستثمارات الجادة وطويلة الأجل ، ووقف المركزي "كمقرض" للحكومة دون سقف في غياب المساءلة البرلمانية ، وضرورة خفض الفائدة والشهادات ذات العائد المرتفع والذي يعد معوق كبير للاستثمار ويزد الضغط علي الموازنة بإعتبار الحكومة أكبر مدين .. ربما بإتخاذ ذلك يكون تقييم العام الثاني للتعويم بلا "بهدلة الجنيه" أو "صرخات" للغلابة. [email protected] لمزيد من مقالات محمد مصطفى حافظ;