وزير التعليم العالي يشهد إطلاق شراكة جديدة بين الحكومة والقطاع الخاص    محافظ الجيزة يكرم 100 من حفظة القرآن بمركز الواحات البحرية.. فيديو    صحيفة "يسرائيل هيوم": القيادة السياسية الإسرائيلية صدقت على عمليات لإعادة سكان الشمال إلى منازلهم    ارتفاع حصيلة ضحايا العاصفة بوريس ل 22 قتيلًا وسط وشرق أوروبا    مدبولي يكشف تفاصيل مسودة اتفاق حماية وتشجيع الاستثمارات المصرية السعودية    وزير الرياضة يلتقي رئيس اتحاد الووشو كونغ فو    جهاز حماية المستهلك: استقبال 11263 شكوى خلال سبتمبر الجاري    أحمد عزمي يناشد "المتحدة": لا طعم للحياة بدون عمل    فيلم عاشق على قمة شباك تذاكر السينما في مصر.. تعرف على إيراداته    «السبكي»: الفحص الإكلينيكي الدقيق والشامل للمريض خطوة أساسية للتشخيص السليم    الآن.. الاستعلام عن مسابقة معلم مساعد 2024 (التفاصيل)    1342 مدرسة تستعد لاستقبال 825 ألفا و700 طالب في بني سويف    الحكومة تستعرض الخطة التشريعية خلال دور الانعقاد المقبل لمجلس النواب    هاريس تتعهد بإصلاح نظام الهجرة حال فوزها بالانتخابات الرئاسية    حماس: العدوان لن يجلب للاحتلال ومستوطنيه إلا مزيدا من الخوف والدماء    محافظ الدقهلية ورئيس هيئة الأبنية التعليمية يفتتحان مدارس في السنبلاوين    أخبار الأهلي: بعد تعاقده مع الأهلي.. شوبير يعلن موعد بداية برنامجه    فانتازي يلا كورة.. ارتفاع سعر لويس دياز    "الموت قريب ومش عايزين نوصله لرفعت".. حسين الشحات يعلق على أزمتي فتوح والشيبي    تنسيق الشهادات الفنية 2024.. الحد الأدنى للقبول لشهادة سياحة    برلماني عن ارتفاع أسعار البوتاجاز: الناس هترجع للحطب والنشارة    خلال ساعات.. صرف مرتبات شهر سبتمبر 2024 بعد قرار وزارة المالية الجديد (احسب قبضك)    مهرجان أيام القاهرة الدولي للمونودراما يكرم "هاني رمزي" فى دورته السابعة    توقعات برج الحمل غدًا الجمعة 20 سبتمبر 2024.. نصيحة لتجنب المشكلات العاطفية    أول ظهور لشيرين عبدالوهاب بعد أنباء عن خضوعها للجراحة    من هن مرضعات النبي صلى الله عليه وسلم وإِخوته في الرَّضاع وحواضنه؟ الأزهر للفتوى يجيب    البيئة :خطوة تفعيل رسوم المخلفات الصلبة البلدية دفعة قوية تضمن استدامة تشغيل المنظومة مالياً    "خناقة ملعب" وصلت القسم.. بلاغ يتهم ابن محمد رمضان بضرب طفل في النادي    حادث درنة الليبية.. تفاصيل فاجعة وفاة 11 عاملًا مصريًا في طريقهم للهجرة    خبير سياسي: العدوان الإسرائيلي على لبنان اختراق استخباراتي وليس هجمة سيبرانية    "بداية جديدة".. تعاون بين 3 وزارات لتوفير حضانات بقرى «حياة كريمة»    بقيت ترند وبحب الحاجات دي.. أبرز تصريحات صلاح التيجاني بعد أزمته الأخيرة    إزالة تعديات على مساحة 14 فدان أراضي زراعية ضمن حملات الموجة ال23 في الشرقية    براتب 6000 .. وزارة العمل: 96 وظيفة شاغرة للشباب بمحافظة القليوبية    حزب الله: هاجمنا بمسيرات انقضاضية تمركزا لمدفعية الاحتلال    أبرز تصريحات الشاب خالد ف«بيت السعد»    عاجل| حزب الله يعلن ارتفاع عدد قتلى عناصره من تفجير أجهزة الاتصالات اللاسلكية ل 25    مركز الأزهر: اجتزاء الكلمات من سياقها لتحويل معناها افتراء وتدليس    "ناجحة على النت وراسبة في ملفات المدرسة".. مأساة "سندس" مع نتيجة الثانوية العامة بسوهاج- فيديو وصور    انتشار متحور كورونا الجديد "إكس إي سي" يثير قلقًا عالميًا    جامعة الأزهر تشارك في المبادرة الرئاسية «بداية جديدة لبناء الإنسان»    إخماد حريق نتيجة انفجار أسطوانة غاز داخل مصنع فى العياط    محافظ الإسكندرية يتابع المخطط الاستراتيجي لشبكة الطرق    نجم هوليود ميخائيل جوريفوي يقدم ورشة في مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح    حزب الله يهاجم تمركزا لمدفعية إسرائيلية في بيت هيلل ويحقق إصابات مباشرة    وزير الصحة: صناعة الدواء المصرية حققت نجاحات في أوقات شهد فيها العالم أزمات كبيرة    إصابة شخص صدمته سيارة أثناء عبوره الطريق فى الهرم    دوري أبطال أوروبا.. برشلونة ضيفا على موناكو وآرسنال يواجه أتالانتا    «لو مش هتلعبهم خرجهم إعارة».. رسالة خاصة من شوبير ل كولر بسبب ثنائي الأهلي    «الرقابة الصحية»: نجاح 11 منشأة طبية جديدة في الحصول على اعتماد «GAHAR»    ضبط عنصر إجرامى بحوزته أسلحة نارية فى البحيرة    مأساة عروس بحر البقر.. "نورهان" "لبست الكفن ليلة الحنة"    أسعار الأسمنت اليوم الخميس 19-9-2024 في محافظة قنا    كيفية الوضوء لمبتورى القدمين واليدين؟ أمين الفتوى يوضح    حامد عزالدين يكتب: فمبلغ العلم فيه أنه بشر وأنه خير خلق الله كلهم    دورتموند يكتسح كلوب بروج بثلاثية في دوري الأبطال    لو عاوز تمشيني أنا موافق.. جلسة حاسمة بين جوميز وصفقة الزمالك الجديدة    هل موت الفجأة من علامات الساعة؟ خالد الجندى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا يجوز..
نشر في الأهرام اليومي يوم 11 - 11 - 2017

افتتح بالأمس فى احتفالية حضارية مباركة متحف «اللوفر أبوظبى» الذى يضم أكثر من 300 عمل فنى عالمى، منها التماثيل والمنحوتات الأثرية والحديثة واللوحات الكلاسيكية المقتناة والمستعارة لأشهر الفنانين العالميين ومنهم ليوناردو دافنشى، وجوجان، وفان جوخ، وبابلو بيكاسو، وإدوارد مانيه وموندريان وبول كلى، وجوستاف كايبوت، ولوحة «العذراء والطفل» لجوفانى بيلينى، إلى جانب العديد من التماثيل الفرعونية التى استعارها لوفر أبوظبى من لوفر فرنسا، وتركز الإمارات فى رسالة المتحف على أن يكون رمزًا للحوار والتسامح وتربية الأجيال القادمة على الثقافة والفن والتذوق، على أن تتجدد المعروضات كل عامين، وفى تهنئة الرئيس الفرنسى ماكرون فى حفل الافتتاح كانت عبارته: «روح الجمال هى قلب الثقافة»... هذا ما يحدث فى أبوظبى الإمارات.

بينما عندنا هنا فى قاهرة المعز فقد أفتى الدكتور شوقى علام مفتى الديار المصرية من بعد ما سُئل هذا الأسبوع حول جواز رسم أو عمل تمثال للشخص العارى أو نصف عارى رجل أو امرأة بدعوى دراسة النسب الإنسانية بأنه لا يجوز!!.. وللرسام أن يلجأ إلى الأزهار والأشجار والثمار وغيرها مما أباح الله لعباده وفيها ما لا يقارن به بدن الإنسان عاريًا أو نصف عار.. وحيث إن الفتاوى تشكل فى بعض من جوانبها ما يجوز اعتباره الدستور الدينى بالمقارنة مع الدستور التقليدى للدولة فإن معظم آثارنا الفرعونية نصف العارية أصبحت فى حكم ال«لا يجوز»، وعلينا من اليوم وطالع تدبر الأمر فيها، ولنكتف تبعاً للفتوى بلوحات الطيور والأسماك والحقول وإن بدا فيها أجدادنا الفراعنة ومعذرة وهم يجرون النورج ويحصدون المحاصيل ويجمعون الغلال بصدور عارية وجونلات فوق الركبة تُظهر سيقانهم... ومن هنا وبشأن مفتى الديار وهيبة قراره خاصة إذا ما أحيلت أوراق المتهم إليه فساعتها عليه العوض ومنه العوض لأن البذلة الحمراء نهايته ومنتهاه، فلم نسمع إلا نادرًا بأن مفتيًا ما لم يصدِّق على حكم الإعدام فلست متفائلة كثيرًا بمصير آثار الفراعنة، ولا باللوحات الكلاسيكية، ولا بأفلام الزمن الجميل الأبيض والأسود، ولا بصور أبطال رياضات السباحة والملاكمة والكونفو لظهورهم فيها عينى عينك بالمايوه فقط..
وفى هذا الإطار ما يقود من جديد لطرح معضلة مشاهد الزواج والطلاق على الشاشة، حيث تعنى اللقطات بما فيها من حبكة وحكاية المنديل الأبيض الذى يغطى به المأذون يد العريس ووكيل العروس بأن الممثل والممثلة قد تزوجا بالفعل، كما أن الفنان الذى يقوم بطلاق زوجته فى العمل الدرامى وتصادف أنها زوجته فى الواقع يعتبر الطلاق قد وقع بينهما بصرف النظر فيما إذا كان ما يقومان به مجرد تمثيل، ومن أجل هذه المطبات صدرت الفتوى فى عام 2007 بعدم جواز التصوير، ويومها عقب الكاتب أسامة أنور عكاشة بأن تلك الفتوى «إرهاب فكرى جديد للمبدعين، وارفعوا أيديكم عن الفن فهو أنبل الرسائل الإنسانية»، وتساءل الكاتب وحيد حامد «لماذا يُصر مثل هؤلاء على الإساءة إلى الإسلام الذى يدعو دائماً إلى إعمال العقل»، وقال النجم الفنان حسين فهمى: «هل علىّ الآن أن أراجع عدد المرات التى تزوجت وطلقت فيها على الشاشة لأحصى عدد زوجاتى؟!».. ومن يومها فى 2007 وحتى الآن فى 2017 عقدت مئات الزيجات والطلاقات على الشاشة البيضاء والسوداء مما لا يشكك فى نواياها أو مما لا يحمد عقباها!.. وتُجمع هيئة كبار العلماء أخيرًا على أن الطلاق يقع بمجرد التلفظ به، ولذلك فإن الإسلام نهانا عن الحلف بالطلاق، بينما كانت هناك عدة فتاوى أثارت جدلا فقهيا حول تلك المسألة بالأخذ بما ييسر أمور الناس والنأى عما من شأنه أن يعسر قضاياهم، ومنها فتوى الدكتور أحمد السايح التى يقول فيها: «إن الطلاق العملى لا يتم إلا بعد تحقق ما جاء فى قوله تعالى: (فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما)، وفى قول الله تعالى: (يا أيها النبى إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن» أى وهن طاهرات مستقبلات للعدة، ومن هنا فإن الطلاق اللفظى لا صلة له بالإسلام، لأن الزواج أمر عملى، وجعله الله عزّ وجل آية من آياته، وأنه أى الزواج قد تم بناء على تعارف وخطبة وإعلان وصداق ومهر وإشهار، فهل يكون من السهل على الإسلام أن يطلق الرجل امرأته بكلمة، فالإسلام يأبى ذلك وآيات القرآن الكريم ليس فيها ذلك».. ويأتى الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية ليقول: «هذه الفتوى غير صحيحة وغير منصفة، وما ذكرته الفتوى من أنه لا بد أن يمر الطلاق بعدة مراحل فهى لعلاج مشاكل الطلاق، ولا يوجد فى الإسلام ما يسمى بالطلاق اللفظى أو الطلاق العملي، وإنما هى ألفاظ مخترعة لم ترد على أئمة المسلمين»..
وبشأن فوضى الفتاوى قام الباحث القدير فؤاد مطر أحد الكتاب النخبة فى العالم العربى وصاحب عشرات الكتب التى نفدت طبعاتها وآخرها «هموم العرب حكاما ومحكومين» على مدى ثلاث سنوات برصد ظاهرة الفتاوى التى باتت تصطف إلى جانب ظاهرة الصراعات السياسية فى العالم العربي.. ألف فتوى وفتوى بما يجدر تسمية كتابها «مسلمون فى مهب الفتاوى» تصدى لها فؤاد مطر عرضاً وتحليلا ومقارنة، وخاصة بعدما غدت أساسية خلال البرامج الدينية فى الفضائيات حتى بات المسلمون يبنون حياتهم ويعالجون أزماتهم ومشاكلهم العامة والخاصة على أساس هذه الفتاوى، وإذا ما كان بعض العلماء يلتقون على رأى موحد أحياناً، فإنهم فى معظم الأحيان لا يلتقون بل كل فى طريق لفتوى مختلفة، وهكذا بتنا نرى فتوى هذا الشيخ تتعارض مع فتوى الآخر، مع أن المسألة محسومة مادام الدين الإسلامى قرآنا وحديثا ووقائع منسوبة للنبى محمد صلى الله عليه وسلم هو النبع وهو الأساس.
وفى خضم الألف فتوى يسترعينى الجدل الذى دار فى السعودية بشأن «الاستمطار» أى المطر الصناعى فيما إذا كان يجوز أو لا يجوز عبر رش السحب بنترات الفضة من طائرات محلقة، وبذلك تتجمع السحب وتسقط على هيئة أمطار.. تبارى يومها الفقهاء لتصدر الفتوى الرسمية عبر اللجنة الدائمة للإفتاء التى جاء فيها: «إن المطر الصناعى لم يثبت بعد، بل الأمر مبالغ فيه، وأن الدول التى تعمد إلى تجربته لا تستفيد منه، وإذا لم ينزل الله تعالى عليها المطر من السماء عاشت فى قحط وفقر»، وتعالت الأصوات بألا نغفل عن صلاة الاستسقاء فإنها الاستمطار الحقيقي.. تلك الفتوى تزامنت مع تصريحات محافظ موسكو يورى ليزاخوف التى تعهد فيها بأن يكون شتاء موسكو خاليا من الثلج نتيجة خطة لرش مواد كيماوية على الغيوم قبل وصولها إلى أجواء موسكو مما ينتج تفاعلات تدفعها إلى إلقاء حمولتها من الثلج خارج المدينة، وتلك ليست هى المرة الأولى التى يقوم فيها ليزاخوف بتعديل مسار الظواهر الطبيعية، فقد قام عام 2002 بتحويل مسار نهر عملاق فى سيبيريا بحيث استفادت منه دول آسيا الوسطى المجاورة لروسيا فى رى محاصيلها الزراعية، وليس اقتراحه بتغيير المناخ فى موسكو بجديد أيضًا، فالحكومة غالباً ما تلجأ إلى رش المواد الكيماوية المانعة لتساقط الثلج خلال الأعياد الرسمية التى تتخللها عروض عسكرية خاصة فى يوم النصر على ألمانيا النازية، وقد صادق مجلس بلدية موسكو على قيام طائرات سلاح الجو الروسى برش مسحوق الأسمنت الممزوج بالجليد على الغيوم فى حال وجود عواصف تحمل كميات كبيرة من الثلج، وتقدر التكلفة طوال أشهر الشتاء بستة ملايين دولار بما يعادل نصف المبلغ الذى تنفقه بلدية العاصمة الروسية لإزاحة الثلج فى الطرقات.. وهنا وتبعاً لقوله تعالى «علم الإنسان ما لم يعلم» فإن ما أشار إليه المحافظ الروسى بشأن الاستمطار يغدو جائزًا وممكنا ومطبقاً على أرض الواقع، مع فارق بأن الروس لا يحتاجون إلى فتاوى فى شأن ما يبغون الإقدام عليه، فى حين أن الفتوى فى المجتمع الإسلامى تسبق اتخاذ القرار أو تنفيذه، وفى معظم الأحيان تتسم بعدم انتظار نتائج التجربة!
ومن الفتاوى التى يجدر التوقف أمامها طويلا التى لم يقتصر فيها الإفتاء على علماء الإسلام فقط فقد فاجأ البابا شنودة الثالث بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية يوم الأربعاء 8 أغسطس 2007 جمهور المصلين بأن جدّد الحديث حول الأضرار الناشئة من تناول لحم الخنزير المحرم إسلاميا، والمرغوب فيه بالذات من المسيحيين والبوذيين، وكان من قبل قد قال بأن العلم قد أثبت أن لحم الخنزير يؤذى المعدة، ويسبب اضطرابات معوية، فضلا عن مشقة إطعامه، والمجهود الذى تبذله ربة البيت فى طهيه، حيث من المعروف أنه لا ينضج بسهولة ويستغرق إعداده ساعات طويلة، ويومها احتج أقباط كثيرون على ذلك ومنهم حنا اسطفانوس أحد الكهنة الكاثوليك فى مصر الذى اعترض على فتوى البابا بأنها فتوى علمية ولا علاقة لها بالمسيحية، وأن البابا الذى يحاول إيجاد تقارب بين الإسلام والمسيحية فى عدد من النقاط قد أصدر منذ تبوأ مقعده العديد من الفتاوى المستقاة من البحوث العلمية، وفتواه هذه إحداها.. وكان من ضمن فتاوى البابا شنودة أيضاً أن الاعتراف الكنسى عبر التليفون مرفوض لاشتباه أن يكون التليفون مراقباً، كما أن الاعتراف عن طريق الإنترنت لن يكون اعترافاً لأن الكل سيطّلع عليه ولن يعود سرًا، والجدير بالذكر أنه بخلاف الكاثوليك الذين يعترفون بخطاياهم للكاهن على كرسى الاعتراف من خلف ساتر، فإن الأقباط يعترفون للكاهن بخطاياهم وجهًا لوجه..
أما عن الإجهاض فقد أكد البابا شنودة فى فتواه «بأنه قتل لنفس أراد الله أن يبقيها حية، لذا فإنه جريمة قتل ترفضها الكنيسة رفضا باتا مهما تكن الأسباب».. وبالنسبة للإفتاء فى اليهودية فقد أفتى الحاخام «عوفاديا يوسيف» كمثال فى ديسمبر 2008 بتكفير «أفيجدور ليبرمان» زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» وبأن كل من يصوّت لحركته سيدخله الرب المرتبة الخامسة من جنة عدن، ولن يحظى برحمة الخالق وذلك لأن ليبرمان علمانى يأكل لحم الخنزير ويشجع الزواج من غير اليهود ويكسر كل المحرمات»، وأفتى الحاخام الأكبر «ياكوفى عمار» فى مدينة مجدال الفلسطينية المحتلة عندما حاولت ابنة أحد المتوفين إلقاء كلمة رثاء لتأبين والدها الراحل بإنزالها من فوق المنصة مع إلزامها الصمت التام قائلا بصراخ مرتفع إنها امرأة وليس لها أن تتحدث فى مكان عام، فصوت المرأة عورة، وكلامها عن الميت علانية لا يجوز طبقا للشريعة اليهودية، وإن حكماء اليهود عبر تاريخهم الطويل قالوا بأن الشيطان يرقص عندما تتواجد المرأة فى محيط القبور لأن جسد المرأة نجس ولا يجوز تواجده فى نطاق القبر إلا ميتاً..
و..فى مصر مع صباحية أول أكتوبر 2007 تضج الأوساط المختلفة من جراء فتوى الدكتور عزت عطية رئيس قسم الحديث بكلية أصول الدين جامعة الأزهر التى أجاز فيها إرضاع المرأة لزميلها فى العمل منعا للخلوة المحرمة إذا كان وجودهما فى غرفة مغلقة لا يفتح بابها إلا بواسطة أحدهما.. وجاء فى الفتوى أيضا: «إن إرضاع الكبير يكون خمس رضعات وهو يبيح الخلوة ولا يحرّم الزواج، وأن المرأة فى العمل يمكنها أن تخلع الحجاب أو تكشف شعرها أمام من أرضعته، لكن يجب توثيق هذا الإرضاع كتابة ورسميا، ويكتب فى العقد أن فلانة أرضعت فلانا»، أى أنها ستكشف له عن صدرها وتخرج ثديها من حمالة الصدر وتطلب منه كما لو أنه طفل أن يرضع بصرف النظر عما إذا كان فى الثدى لبن أو لا!!.. و..تم عزل الدكتور عزت من منصبه ليبقى السؤال معلقاً رغم العزل والاستنكار وإهانة الفتوى للإسلام: هل يرضى الدكتور عطية تطبيق فتواه تلك إذا ما كان الطرف الأنثوى فيها السيدة زوجته أو ابنته أو شقيقته أو زوجة ابنه؟!! و..نفس الضجة الكبرى تأتى مع عام 2017 عندما تلطم وجوهنا فتاوى نكاح الوداع وممارسة الجنس مع الحيوانات بحجة أن الضرورات يبحن المحظورات!!
ويعود للشيخ العالم القيمة والقامة على جمعة الفضل عندما كان مفتياً للديار المصرية فى إصداره فتوى أجاز فيها أن تتولى المرأة وظيفة المأذون، أى أن تعقد مأذونة الزواج بين رجل وامرأة، وقد اتفق وكيل الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية الشيخ محمود عاشور وقتها فى مطلع عام 2008 مع المفتى، لينتهى الأمر بأن أمل سليمان عفيفى (32سنة) تغدو المأذونة الأولى فى مصر، وهى الحاصلة على شهادة الحقوق إلى جانب دبلومين فى القانون العام والجنائى بما يعادل الماجستير، حيث باشرت وظيفتها من خلال مكتب أنشأته بجوار بيتها مدعومة بفتوى شرعية من مفتى الديار المصرية تؤكد أحقيتها، وأنه لا يوجد نص شرعى يحرم عملها كمأذونة، وامتدادًا لتحقيق الفتوى عملياً وعربيا أصدر الشيخ منصور بن زايد وزير شئون الرئاسة بدولة الإمارات فى 13 نوفمبر من نفس العام 2008 قرارا بتولى فاطمة العوانى كأول مأذونة فى دولة الإمارات حيث لا يوجد نص قانونى أو شرعى يحجب المنصب عنها.. وترتدى النجمة حنان ترك الجبة والكاكولة والقفطان وتقوم بدور المأذونة فى مسلسل «نونة المأذونة» إلا أنها بفعل فاعل قامت بحذف جميع مشاهدها التى ترتدى فيها زى المأذونة!!
ولعلها من أكثر الفتاوى إنسانية التى أصدرها الدكتور صهيب حسن سكرتير لجنة الشريعة ببريطانيا من بعد الموافقة عليها من مجلس الأئمة والمساجد، وذلك من بعد رجاء الطالب المسلم الكفيف محمد أبرار خاطرى 17 سنة من إمام مسجد مدينة ليستير البريطانية اصطحاب كلبه معه ليرشده قبل الصلاة وبعدها إلى طريقه، وفحوى الفتوى: «الكلاب المرشدة المدربة تلعب حاليا فى حياتنا اليومية دورا مهما، والشريعة تجيز لنا اقتناء الكلاب لحاجات معينة مثل حماية الأرض والمنازل والأرواح (الترمذي)، ويجيز علماء الإسلام أيضا اقتناء الكلاب للحماية من اللصوص والأعداء (فتح القدير) وبناء على ذلك يجوز للكفيف فى ضوء الشريعة اقتناء كلب لمساعدته وإرشاده إلى المسجد إذا لزم الأمر لأداء الصلاة»..
ومن آلاف الفتاوى التى جمعها فؤاد مطر ما أفتى به شيخ الأزهر السابق الدكتور محمد سيد طنطاوى بأن تأدية فريضة الحج على نفقة الدولة أمر غير مقبول شرعا، وأن صاحبها يبذل الجهد فى الفراغ معللا فتواه هذه بالقول: «إن لليتامى والفقراء والمساكين نصيبا معلوما فى ثروات الوطن، وأن قيام فئة بالحصول على جزء من هذا الحق من أجل أداء شعائر الحج أو العمرة يمثل سلوكا غير مشروع وبالتالى فإن عمله هذا يتشابه مع عمل الذى يحج أو يعتمر بأموال غير مطهرة».. ومن دبى تنطلق فتوى الدكتور أحمد عبدالعزيز الحداد كبير المفتيين الذى أفتى بعدم جواز خلوة المُسعف إذا كان ذكرًا بالمريضة فى سيارات الإسعاف لأن هذه خلوة غير شرعية ولا يبيحها إلا ضرورة تردى الحالة الصحية للمريضة، ويرد الدكتور محمد البرازى رئيس الرابطة الإسلامية بكوبنهاجن عاصمة الدنمارك بأنه لا يجب التعميم واعتبار كل تواجد لرجل مع امرأة فى مكان واحد خلوة غير شرعية فلا مجال للشيطان بين مريضة تنزف ومسعف ينقذها، أو ركوب المرأة فى سيارة تاكسى لتصل إلى بيتها وهى فى داخل المدينة لا يعتبر خلوة ذلك لأن السيارة لها نوافذ يطلع الناس عليهما وهى سائرة داخل المدينة، وعلى من يفتى بفتاوى الخلوة غير الشرعية أن يطلع على دقائق الأمور ويدقق النظر.. ويرى الدكتور أحمد عبدالرحيم السايح الأستاذ بكلية أصول الدين فى جامعة الأزهر أن استخدام العطور المحتوية على الكحول جائزة شرعا، لأنها لا تستخدم كمطعومات أو مشروبات وإنما من أجل شم الرائحة العطرية البديعة، فضلا عن أن الكحول وإن كان يستخدم فى صناعة الخمور إلا أنه طاهر فى حد ذاته... وفى الصومال واستنادا إلى فتوى طالبانية المفاهيم تم جلد نساء علانية لارتدائهن (السوتيان) بحجة أن ذلك يخالف الدين الإسلامى، وكان المسلحون يطوّقون فى الشوارع أى امرأة أو فتاة مشدودة الصدر ويتم جلدها، كما أن فتوى صدرت بمنع رنّات الهواتف المحمولة، ومن الصومال أيضا أن حركة (الشباب المجاهدين) وزعت جوائز على الفائزين بمسابقة حفظ القرآن الكريم والعلوم الإسلامية بمدينة كيسماو الساحلية جنوب العاصمة مقديشيو وشارك فيها عدد كبير من الطلاب فى الأحياء الثلاثة بالمدينة التى تعتبر ثانى أكبر المدن بجنوب الصومال بعد العاصمة، وتم الإعلان عن نتائج المسابقة فى حفل حضره عدد من مسئولى الحركة، وروى مراسل صحيفة الشرق الأوسط بأن الفائز الأول فى المسابقة قد حصل على بندقية كلاشينكوف وعدة كاملة من الذخيرة وقنبلتين يدويتين من نوع «أف 1» وقذيفة مضادة للدبابات بالإضافة إلى جهاز كمبيوتر، وتقدر قيمة الجائزة ب1130 دولار، وحصل الفائزون بالمرتبة الثانية على مجموعة متنوعة من الأسلحة تقدر ب930 دولارا، وكذلك الجائزة الثالثة من الأسلحة والمتفجرات وكانت ب800 دولار، وجاء فى حيثيات التكريم أن الإدارة الإسلامية التابعة لحركة الشباب المجاهدين قد نظمت هذه المسابقة بهدف تشجيع أبناء المدينة على حفظ القرآن الكريم والعلوم الشرعية.. والسؤال عن موقف العلماء والمفتيين بالدول الإسلامية حول هذا التكريم لحفظ كتاب الله؟!.. وقد أفتى الداعية السعودى الشيخ سلمان العودة بأن الدعاء بهلاك ودمار الكفار والمشركين غير مسموح به لأنه يخالف شرع الله الذى ينادى بدعوتهم إلى اتباع الطريق القويم، وهذه الفتوى لاقت تأييدًا من مجمع فقهاء الشريعة بالولايات المتحدة بقولهم: «إن كتب السنة النبوية تدلنا على أن الرسول دعا للمشركين ولم يدع عليهم وذلك بقوله: (اللهم إهد قومى فإنهم لا يعلمون)»..
وإذا ما كان الشيخ عبدالمحسن العبيكان عضو مجلس الشورى السعودى قد أفتى بأنه يحق للمرأة الدفاع عن نفسها واستخدام وسيلة العنف نفسها لرد الضرر عنها إذا بادر زوجها إلى ضربها، وهى الفتوى التى شاطره الموافقة عليها الشيخ عبدالحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى فى الأزهر، فإنه يجدر الإشارة إلى ظاهرة تحدث فى تونس من دون أن تجد التصدى الواجب لها كما يجب من أهل الشرع والإفتاء وتتعلق بالعنف الجسدى الذى تمارسه زوجات على أزواجهن، ومع انتشار الظاهرة تأسست (الجمعية التونسية للدفاع عن الأزواج المعنَّفين) حيث تستقبل الجمعية وفقا لتقرير وكالة (يونيتيد برس) يوميا العديد من الأزواج المضطهدين من جانب زوجاتهم، وغالبا ما يكونون من مطاريد بيت الزوجية بسبب سوء معاملة وعنف الزوجات، وأن العدد فى تزايد ملحوظ ومستمر، وذكرت دراسة اجتماعية مؤخرًا بتونس أن هناك 10٪ من النساء التونسيات المتزوجات يضربن أزواجهن، وأن 30٪ يعتدين عليهم بالعنف اللفظى، وقد دفع ذلك العنف «العربى الفيتورى» أحد الأزواج المضطهدين والذى عانى شخصيا من وطأة العنف الزوجى إلى تأسيس (ملجأ المضطهدين زوجيًا) بداية فى منزله للتوسع بعدها مع قدوم الأعداد الغفيرة لإنشاء جمعية كبيرة داعيًا إلى كسر حاجز الصمت بعد تنامى الظاهرة، وقد أيدت كلامه التونسية منيرة العكريمى (رئيسة جمعية المطلقين والأرامل) قائلة إن هناك الكثيرمن الرجال يستنجدون بالجمعية لحمايتهم من بطش زوجاتهم، وأما عن أهل القانون والمحاماة فإنهم يحرصون على عدم الكشف عن الشكاوى المقدمة لهم حفاظا على الخصوصية وسترًا للفضيحة العدوانية التى عصفت بهؤلاء الأزواج، ولكن بعض المحامين ومنهم عبدالرءوف البعزاوى اعترف بأن المحاكم التونسية تنظر الآن فى قضايا كثيرة تتعلق بالعنف النسوى ضد الأزواج، ويوضح معز بن حميدة الأخصائى الاجتماعى عن سبب تلك الظاهرة التى تقتصر على تونس لجوء الزوجة ليس فقط إلى العنف الجسدى أو اللفظى بل يتجاوزه إلى العنف الرمزى أى امتناع الزوجة عن القيام بواجباتها العائلية والجنسية واللجوء إلى سلاح الصمت الرهيب وارتداء قناع الوش العِكر الذى من شأنه إشاعة جو من الترهيب داخل جدران المنزل، وربما أهم الأسباب وراء ذلك يعود إلى تغليب المصالح المادية على العِشرة والتفاهم.. ويعزو البعض هذا الجنوح والجموح النسوى فى تونس إلى أن النساء قد امتلكن فى عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة من الحقوق ما جعل البعض منهن يشعر بالتسيُد.. فما بال حالهن الآن مع أزواجهن المهضومى الجناح فى عهد الرئيس الباجى قايد السبسى الذى منحهن المساواة فى الإرث وزواج الأجنبى على أن يبقى كل منهما على دينه، وقد أقيمت فى تونس الأسبوع الماضى مسابقة «ملكة جمال البقر» لتلتقط صورة لوزير الفلاحة إلى جوار البقرة الفائزة!!
وفى مهب فوضى الفتاوى فتوى بأن الشطرنج قمارًا.. وفتوى من سرق وليس له اليمنى قيل فإن كانت مقطوعة فى القصاص أو غير ذلك وكانت له اليسرى قطعت يسراه، فإن لم تكن له أيضا اليسرى قطعت رجله اليسرى، فإن لم يكن له رجل لم يكن عليه أكثر من الحبس.. وفتوى لو رضع جدى أو عجل من لبن امرأة حتى فطم وكبر لم يحرَّم لحمه لكنه مكروه... وفتوى تحجِّب عرائس الفتارين... وفتوى تجيز الربا، وفتوى تقول عنه عامود الاقتصاد وفتوى تدخلك الجنة وفتوى إلى جهنم وبئس المصير. وفتوى بلزوم النقاب، وفتوى بتحريمه، وفتوى تأخذ بالأسباب... وفتوى من أهل العلم، وفتوى من على الرصيف وفتوى تيك آواى، وفتوى لأصحاب المقام لا غير. وفتوى تدلعك ياما هنا ياما هناك، وفتوى تكرهك فى عيشتك. وفتوى تخليك أسد، وفتوى تدفن معها راسك كالنعام.. وفتوى تبيح المحظورات، وفتوى تخاصمك على الدنيا. وفتوى تزوّجك سبعًا، وفتوى ما أحلاها عيشة العزاّب.. وفتوى تأخذك للسحاب، وفتوى تهيل عليك التراب... وفتوى ترجع راسين للحلال، وفتوى تقول لها بعدها الباب يفوّت جمل. وفتوى تقلقك وفتوى تؤرقك وفتوى تصبرك، وفتوى تنفرك، وفتوى تنحرك وفتوى تحررك، وفتوى دكتور، وفتوى تمورجى، وفتوى تخذلك وفتوى تكفرك وفتوى تجيب الديب من ديله، وفتوى تبيح السجائر فى رمضان، وفتوى تطلعها من مخبئها وقت اللزوم، وفتوى تحلّل الحرام وأخرى تحرمه وفتوى تقول لك: الحرام حلو بس لا تكثِّر منه..
أصبحت هوجة لأن عالم الدين أصبح يبيح لنفسه أن يفتى فى كل شىء من الطب للفلك للهندسة وصولا إلى السياسة من دون احترام للاختصاص وللدولة المدنية التى من المفترض أن يحكمها القانون وليس الفتاوى... إنها ظاهرة تصيب الناس بالكسل العقلى وتمكنهم من التهرب من المسئولية وهو أمر بعيد عن منهج الإسلام الذى جعل قلب المؤمن وضميره هو المفتى.. واستفت قلبك..

دين المستقبل
سئل جمال الدين الأفغانى: ما هو دين المستقبل؟
قال: هذه الآية من كتاب الله: «إن الذين آمنوا، والذين هادوا، والنصارى والصابئين، من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا، فلهم أجرهم عند ربهم ولاخوف عليهم، ولاهم يحزنون».. [سورة البقرة 62]
وأضاف رشيد رضا: وسمعنا أنه قال: «انقشوا هذه الآية على هرم الجيزة إلى أن يجىء المستقبل يفسرها»..
لمزيد من مقالات سناء البيسى;


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.