مناشدة برنامج الغذاء العالمى دول العالم الإسراع بالتبرع لإنقاذ حياة ثلاثة ملايين طفل من الموت جوعاً فى صراع إقليم كاساى بالكونغو الديمقراطية ليست الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة فى إفريقيا المبتلاة بسياسات حكامها الخاطئة،فأمثالهم لقوا حتفهم جوعاً ومرضاً وبالرصاص فى دول مثل الصومالونيجيرياوجنوب السودان وإفريقيا الوسطي.وإذا لم تغيِّر نظم الحكم من سياساتها لتكون أكثر عدلاً بين أبناء القبائل والعرقيات فى التنمية وفرص العمل والتعليم والعلاج وتحسين مستويات المعيشة والمشاركة السياسية وأكثر التزاماً بحقوق الإنسان والديمقراطية وأقل فساداً ونهباً للمال العام من جانب الصفوة فلن تتوقف حالات الإحتجاج والتمرد. فقد حذر برنامج الغذاء العالمى من أن مئات الآلاف من الأطفال قد يموتون خلال شهور إذا تأخر وصول المساعدات واصفاً الوضع بأنه كارثى حيث اندلعت أحداث عنف دموية بالإقليم فى أغسطس 2016 إثر رفض الحكومة الإعتراف بزعامة شخصية محلية فشكَّل ميليشيا مسلحة وتصدَّى لقوات الأمن بالقوة ولقى مصرعه لتزداد المواجهة اشتعالاً ويلقى المئات حتفهم ويتشرد نحو 1٫5 مليون،وقال مدير البرنامج إنه ليس لديه سوى 1% فقط من المال اللازم لإنقاذ الضحايا.والسؤال:ما الذى يضير لو أن الحكومة اتخذت موقفاً رشيداً واعترفت بزعامة الرجل الذى اختاره أتباعه وسط حالة احتقان بسبب مماطلة الرئيس كابيلا فى ترك السلطة لكى تجنِّب البلد الذى فقد خمسة ملايين من أبنائه فى حروب أهلية خلال السنوات الأخيرة كل تلك المآسي؟!. أما فى الصومال الذى يعانى حروباً أهلية منذ 1991 بسبب ديكتاتورية قادته السياسيين والعسكريين منذ ما بعد الإستقلال اعترف الرئيس محمد عبدالله فرماجو فى أبريل الماضى بأن نصف شعبه يعانى نقص الغذاء وأن 15% منهم يواجهون خطر المجاعة.ولو كانت الأوضاع الأمنية مستقرة لتمكنت الحكومة بمساعدة الدول والهيئات المانحة من تقديم الأغذية لضحايا الجفاف الذى ضرب البلاد أكثر من مرة وتسبب فى هلاك 260 ألفاً عام 2011 وحده،لكن القلاقل وهجمات حركة الشباب الإرهابية دفعت المزارعين لترك حقولهم بحثاً عن الأمان بالمدن فتحولوا إلى عالة على وكالات الإغاثة ذات الموارد غير الكافية وقلَّ انتاج الغذاء.فماذا لو حكم الحكام بالعدل والمساواة فى الحقوق والواجبات بمجتمع عشائرى لا يقبل هيمنة عشيرة الحاكم على السلطة والثروة على حساب العشائر الأخري؟..ألم يكن ذلك ليجنِّب الشعب المسكين ويلات الجوع والمرض والموت بالرصاص والسيارات المفخخة؟. ت مجلس الأمن الدوليتأعلنتقبل شهرين أن الصراعات وأعمال العنف لها تداعيات إنسانية مدمرة،فهى سبب رئيسى للمجاعة وتُعرقل جهود إنقاذ ضحاياها وحث الأطراف المتحاربة فى جنوب السودان والصومال وشرق نيجيريا واليمن على السماح بدخول المساعدات الإنسانية لإنقاذ حياة نحو 20 مليوناً.أما منظمة الأغذية والزراعة(الفاو)فقالت إن 515 ألف طفل فى شرق نيجيريا وغرب تشادوجنوب غرب النيجر وشمال الكاميرون،حيث تنشط جماعة بوكوحرام،يعانون من سوء التغذية الحاد المُفضى إلى الموت فى وقت يعانى نحو سبعة ملايين إنسان من انعدام الأمن الغذائي.وقدَّرت منظمات خيرية بريطانية فى مارس الماضى أن 800 ألف طفل تحت سن الخامسة فى دول شرق إفريقيا يعانون من سوء التغذية. ت فى جنوب السودان الذى يشهد حرباً أهلية منذ ديسمبر 2013 شردت ثلاثة ملايين بالداخل وألجأت مليوناً إلى دول الجوار أعلنت الحكومة فى مارس الماضى أن نحو 100 ألف يواجهون خطر الموت جوعاً وأصبح مليون آخرون على حافة المجاعة بسبب الحرب وانهيار الإقتصاد،وقدرت منظمات إغاثة أن 42% من السكان يعانون نقصاً حاداً فى الغذاء.فما الذى كان يضير قيادات قبيلة الدينكا،أكبر القبائل،لو أنها اقتسمت السلطة والثروة القومية من خلال نظام حكم ديمقراطى مع نحو 57 قبيلة أخرى وفقاً لتعداد كلِ منها لتجنيب الدولة التى قامت فى 2011 فقط مآسى الحرب الأهلية؟!. ت وبسبب تمرد بوكوحرام فى شمال شرق نيجيريا أصبح 8,5 مليون نيجيرى فى حاجة لمساعدات تنقذ حياتهم وقدَّرت الأممالمتحدة فى ديسمبر الماضى أن 75 ألف طفل معرضون للموت جوعاً بسبب تمردها الذى أزهق أرواح 15 ألفاً وشرَّد أكثر من مليونين منذ عام 2009 بينما أعلن المجلستالنرويجى للاجئينت فى يوليو الماضى أن خمسة ملايين سيعانون من شدة الجوع منهم 450 ألف طفل،وقال وزير الخارجية النيجيرى فى فبراير الماضى إن 26 مليون نيجيرى عانوا من بوكوحرام وأن 10,7 مليون بحاجة للمساعدة لإنقاذ حياتهم.ورغم وحشية بوكوحرام وعدم قبول تصرفاتها إلاَّ أن نهب الصفوة جزءاً كبيراً من خيرات البلد خاصةً عائد البترول وتفشى الفقر والجهل ورداءة مستوى التعليم والعلاج وتدنى مستوى التنمية والمرافق وانتهاكات حقوق الإنسان كُلُّها تغذى جذور التمرد. ت وفى إفريقيا الوسطى يواجه 2,5 مليون إنسان نقصاً حاداً فى الغذاء حسب برنامج الغذاء العالمى بسبب الصراع على السلطة بين الميليشيات المسيحية والمسلمة منذ خمس سنوات الذى أزهق أرواح الآلاف وشرَّد نحو مليونين وكذلك ارتفاع الأسعار الذى فاق طاقة البشر،والسبب الديكتاتورية وغياب التنمية وسياسة الحكام المميزة لفئة على أخري. لمزيد من مقالات عطية عيسوى