فى كثير من المقاهى -الكافيهات- والنوادى المصرية ومختلف الجامعات نرى كثيرآ من الشباب اليافع من أبنائنا الشباب والأطفال من عمر 14 الى 18 سنة يقومون بتدخين السجائر -أو الشيشة- وعندما تحادثهم أن العالم تغير وأن «الكيف» لايصنع المستقبل،وان بامكانهم تغير عادة التدخين المضرة بأكواب من العصائر المفيدة، يجيبون: «دى مجرد سيجارة مش محشية» أى لاتحتوى على الحشيش، «وشر البلية مايضحك» فلايدركون أن ادمان السيجارة السيئة ربما يأتى بإدمان الأسوأ ، وأن تدخين السجائر ماهو الا الخطوة الأولى للبحث عن -الكيف- فى تناول وتعاطى مواد مخدرة أو نفسية أخرى. الكثير من الباحثين ينظرون الى مشكلة التدخين على أنها أشد مشكلات الحياة خطرا..مما دعاهم الى اجراء مزيد من البحوث عن الأسباب التى تدفع طلاب الجامعات الى ادمان التدخين -وغيرها من مواد التعاطى-التى انتشرت بخاصة بين الطلاب. وتؤكد الدراسات التى قام بها المركز القومى للعلوم الجنائية والاجتماعية أن المادة الموجودة بالسجائر تستثير حالات وجدانية تكون مزيجا بين المشاعر السارة والمنفرة لديهم، فاذا كانت المشاعر المنفرة شديدة الوطأة، فمن المحتمل ألا يعود الشخص الى التعاطى مرة أخرى، أما اذا كانت المشاعر السارة هى الغالبة فربما يتبع ذلك مشاعر اللهفة، ومن ثم تتكرر خبرة التعاطى، وتزداد احتمالات تكرار التعاطى اذا كان ذا أهداف ذرائعية، «مثل تسكين الألم» أو التخفيف من مشاعر الاحباط» لديهم. الموت اللذيذ.. د. فؤاد أبو المكارم أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة يؤكد أن تدخين الآباء للسجائر يعد مؤشرا هاما يتسق مع تدخين الأبناء الذكور أو الاناث، ثم تأتى البيئة المدرسية التى قد تكون مساعدة ومشجعة على اتباع عادة التدخين، فالمراهقون الذين لديهم مشكلات تواصل فى المدرسة والذين لديهم مشكلات دنيا فى تحصيلهم الدراسى من المحتمل الى حد كبير أن ينخرطوا فى التدخين، كذلك فان المتغيرات الخاصة بالمناخ المدرسى ترتبط بتدخين المراهين، فالمدارس ذات المعايير المتساهلة حول التدخين والمعلم غير المكترث والتهذيب غير المتسق بآداب العملية التعليمية ترتبط جميعا بارتفاع معدلات التدخين، وربما تعكس الآثار المدرسية تأثيرا أوسع للجيران الذين يتداخلون مع بعضهم البعض فى المدارس وازدياد معدلات التدخين بين الشباب. وعقب تدخين التبغ يشعر الشخص بالآثار التالية: تيقظ وتركيز، انشراح معتدل، مشاعر استرخاء، ارتفاع ضغط الدم ومعدل ضربات القلب، انخفاض تدفق الدم الى أطراف الجسم-أصابع اليدين والقدمين-التشوش الذهنى والغثيان والعيون الدامعة والحموضة المعدية، انخفاض الشهية للطعام والتذوق والشم، هذا مايحدث غالبا عقب جرعات النيكوتين المعتادة، أما الجرعات الكبيرة -المحتملة أحيانا- فيمكن أن تؤدى الى ازدياد الآثار غير السارة، بما فى ذلك مشاعر الدوار والتشوش، كما يمكن أن تؤدى الى الانخفاض السريع فى ضغط الدم ومعدلات التنفس، بل ويمكن أن تؤدى فى بعض الأحيان الى الاصابة بالتشنجات والموت من جراء الفشل التنفسى، وبالنسبة للشخص الراشد يمكن أن يكون تعاطى 60 ملليجرام من النيكوتين عن طريق الفم قاتلا. الرقص فوق الدخان فادمان السيجارة يعنى الاعتماد عليها أو تعاطيها بشكل متكرر، حيث يبدى الشخص المتعاطى للسجائراستغراقا تاما فى تناولها وعجزا أو رفضا للانقطاع عنها، وأهم مظهر ادمانه هو رغبته القوية فى التعاطى والحصول عليها بأية وسيلة، ومما لاشك فيه أن تدخين السجائر يدخل ضمن المجموعة النفسية التى تؤثر على الحالة المزاجية والعقلية لأى فرد وليس للتلاميذ أو الطلاب فقط، اذ يحتاج الشخص الذى يتعاطى التبغ الى تطور التحمل لآثار النيكوتين الموجود فيه بسرعة شديدة، ثم بعد ذلك يحتاج لجرعة أكبر للحصول على الأثر نفسه، وبالتعاطى المتكرر للتبغ تزداد خطورة الاعتماد على نيكوتين السجائر، فلايمكن اغفال أن التدخين عند الحديث عن المواد النفسية الأخرى، ذلك أن تبغ السيجارة يعتبرمن المواد المحدثة للادمان، وتدخينها هو فى معظم الأحيان الخطوة التمهيدية للاقدام على تعاطى المواد النفسية. ويؤكد طلاب الجامعات - والطالبات اللاتى يزدن على ربع المدخنات- أن جلساتهم مع الأصدقاء تمثل أهم دوافع تدخينهم للسجائر، ويكثر تدخينهم للسجائر فى المناسبات والاحتفالات المختلفة للترويح والتسلية مما يؤكد خطورته، وربما يكثرون من تدخين السجائر عند مواجهتهم مشكلات نفسية أو اجتماعية فى الجامعة ومع أسرهم -طبقا للطريق العلمى والمسوح الميدانية للمركز القومى للبحوث- التى تؤكد انحسار معدلات التدخين بشكل مطرد بين الطلاب فى الاعوام الاخيرة وتكون بمعدل 20 سيجارة يوميا مقارنة للطالبة 15 سيجارة يوميا، وتزداد لدى التلاميذ الذين تتراوح أعمارهم مابين 16و18 سنة. ويرى أبو المكارم أن الاقلاع عن عادة أو ادمان التدخين يكون بتوقف الأسباب التى أدت اليه فى المنزل والمدرسة والبيئة المحيطة وبالبعد عن الأصدقاء الذين يتبعون هذه العادة. مناهضة الكيف وتؤكد ايناس الجعفراوى المستشار ببحوث المخدرات بالمركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية أن المجلس القومى لمكافحة المخدرات منذ انشائه فى 26 أكتوبر عام 1986 يسعى الى تحقيق أهدافه فى علاج ادمان كافة أنواع التعاطى ومن بينها السجائر، وتوصى المدرسة بالقيام بدورها فى اعادة الأنشطة المدرسية الوقائية الطلابية للوقاية الاولية من خطر الادمان، وتدريس مناهج خاصة بمناهضة المخدرات، واستخدام برامج وسياسات فعالة مضادة فى المدارس تقوم بالتوعية الصحية المرتبطة بالادمان، وعقد ندوات توعية بالابتعاد عن المواد المخدرة وعقد مزيد من حملات التوعية لدى الشباب.