إن الميزة الحقيقية للألعاب الأوليمبية تكمن في قدرتها علي توحيد الإنسانية وراء طموح يضم الجميع:المساواة, واللعب النظيف, والروح الرياضية, والتسامح,ومن قبلهم جميعا,السلام. . وتشير الوثائق والآثار التاريخية التي خلفها قدماء اليونان أن الألعاب الأولميبية يعود تاريخها إلي عام776 ق.م. وكانت تعد من الأحداث الرياضية التنافسية ذات الطبيعة الدينية وقد إستمرت زهاء12 قرنا قبل أن يوقفها الإمبراطور الروماني ثيودسيوس عام393 م. وتشير الدلائل إلي أن اليونان القديمة توصلت إلي عقد هدنة مقدسة أثناء الدورات الأوليمبية كتقليد يساعد علي تحويل الأولمبياد إلي حدث إيجابي تسود خلاله روح السلم والمنافسة الشريفة بين الأسرع والأبعد والأعلي من شباب البلاد المختلفة.وقد بدأ ذلك التقليد عندما وقع ثلاثة ملوك علي المعاهدة الخاصة بالهدنة والتي حملت اسم إيكيتشيريا وكانت تضمن سلامة تنقل الرياضيين, والفنانين وأسرهم بين المدن والقري المختلفة في طريقهم للمشاركة في الألعاب الأوليمبية سواء بالممارسة أو المشاهدة والتشجيع. وكان الرسل ينطلقون إلي أنحاء اليونان القديمة قبل بداية الدورة الأوليمبية بوقت مناسب لإعلام الناس ببداية الهدنة المقدسة. أما اليوم وعقب قرون من الصراعات المدمرة التي اجتاحت العالم وفي محاولة لاستلهام دروس الحكمة من القدماء قررت اللجنة الأوليمبية الدولية إحياء مبدأ الهدنة الأوليمبية القديم بالتعاون مع منظمة الأممالمتحدة بهدف توفيرالحماية بقدر الإمكان لمصالح الرياضيين والرياضة بشكل عام وتشجيع البحث عن حلول سلمية ودبلوماسية للنزاعات والصراعات حول العالم. وقد شهد عام1992 تقدم اللجنة الأولمبية الدولية بطلب لمراعاة تقاليد الهدنة الأوليمبية وتفاوضت مع الأممالمتحدة لتسهيل نقل الرياضيين من يوغوسلافيا السابقة للمشاركة في الدورة الأوليمبية التي استضافتها برشلونة في ذلك العام. وشهد عام1993 تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة أول قرار يتعلق بمراعاة تطبيق الهدنة الأوليمبية بعنوان بناء عالم سلمي أفضل من خلال الرياضة والمثل الأوليمبية العليا.ومنذ ذلك الحين تتخذ الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا بمراعاة الهدنة الأوليمبية أثناء الاستعداد لعقد دورة الألعاب الأوليمبية. ومن خلال هذا القرار الرمزي تدعو الأممالمتحدة الدول الأعضاء فيها لمراعاة الهدنة الأوليمبية والسعي,وفق أهداف ومبادئ ميثاق الأممالمتحدة. وفي عام1995 تمت دعوة رئيس اللجنة الأوليمبية لحضور أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة لأول مرة في التاريخ. وبحلول عام1999 أصبحت هناك180 دولة بالأممالمتحدة مشاركة في رعاية قرار إحياء الهدنة الأولمبية. وفي العام التالي عندما إنعقدت قمة الألفية بمقر الأممالمتحدة في نيويورك تبني أكثر من150 رئيس دولة وحكومة ما يعرف ب إعلان الألفية الذي ضم بين سطوره دعوة صريحة لتطبيق الهدنة الأوليمبية. وفي العام نفسه ظهرت البعثتان الكوريتان الشمالية والجنوبية وهما متحدتان معا تحت علم شبه الجزيرة الكورية أثناء طابور عرض فرق الدول المشاركة في حفل افتتاح دورة الألعاب الأوليمبية بسيدني في أستراليا. واليوم تحاول اللجنة الأوليمبية الدولية من خلال نشرها لمفهوم الهدنة الأوليمبية أن تعبئ الشباب من أجل إعلاء المثل الأوليمبية العليا, واستخدام الرياضة لإقامة اتصالات بين المجتمعات المتصارعة, وإيجاد مجال لفرص الحوار والمصالحة بين المتصارعين. ويعلق أمين عام الأممالمتحدة بان كي مون بالقول: قد تكون الرياضة بطبيعتها تنافسية, ولكن عبر الرياضة يمكننا أن نعزز السلام والحوار والمصالحة وهذا تماما ما تشترك فيه كل من الأممالمتحدة واللجنة الأوليمبية الدولية.