الثورة هي بالتعريف عمل غير قانوني, تقوم به الجماهير فتزيح النظام السياسي ومؤسسات الدولة المستخدمة في القمع, فلم يكن خلع مبارك, ولا تعطيل المصالح والأعمال, ولا التظاهر قانونيا. بل نصت قوانين كثيرة علي تجريم هذه الأعمال, ووضعت لبعضها عقوبات مغلظة, لكن هذا الخروج علي الشرعية الدستورية كان مشروعا, لأنه يستند إلي شرعية أعلي مستمدة مباشرة من الجماهير صاحبة السيادة. إذن فسيادة الشعب هي الأساس الذي يجب أن تقوم عليه التشريعات الآن, فإذا كانت شبكات المصالح المتحكمة في الدولة تستخدم القانون في الحفاظ علي مصالحها ووجودها, فإن الطريق إلي التغيير ينبغي ألا يقتصر علي صحة الموقف القانوني, لأن القوانين القائمة وضعها نظام مبارك الساقط للدفاع عن نفسه, وبذلك يكون القبول باللجوء إليها قبولا بقواعد غير عادلة وغير ديمقراطية. من هنا كان السؤال المهم هو: هل أصبح القانون كما تفسره المؤسسة القضائية يمثل عقبة في سبيل استرداد السيادة للشعب ومؤسساته المنتخبة, ودعم استبقاء السيادة بعيدة عن أصحابها الأصليين؟! إن السبيل الوحيد لاستعادة السيادة للشعب هو العودة إليه وإشراكه في القرار, وهو وحده صاحب الحق الأصيل في التقرير, وفي إسقاط الشرعية عما لا يريده من هذه القوانين, لأنه صاحب الأمر. الضروري الآن هو النقاش حول شكل الدولة التي يجب أن تكون نقيض النظام الشمولي, أو ما يسمي الدولة الفرعونية التي هي دولة أمنية, وأن يكون هناك ترسيم للفواصل بين المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية بشكل أكثر وضوحا, لأنه من الخطورة أن يكون بناء الدولة عملية عودة إلي الوراء عبر الصدام بين سلطات الدولة! بدون تجن علي الحقائق فإن الديمقراطية ليست امتحانا في علم الفيزياء, ولا هي خاصة بالنخبة, كما كانت تجري في فيينا قبل ألفي عام, عندما كان عليه القوم هم من يختارون حكام الشعب, فمن يقرر الآن هو الواقف في طابور الانتخاب, وغالبا معدل ثقافته بسيط, ربما لم يجتز امتحان الثانوية. لذا نؤكد أن الرئيس محمد مرسي هو الرئيس الأول المنتخب في تاريخ جمهورية مصر, كل الذين سبقوه, محمد نجيب, وجمال عبدالناصر, وأنور السادات, وحسني مبارك, أخذوها عنوة أو تم تعيينهم, وبالتالي نحن أمام تحول تاريخي لابد أن نعترف بحقيقته, وقبل ذلك أن نقدر قيمته. وفي النهاية نؤكد أن الثورة بطبيعتها فاضحة وكاشفة وفرازة لا تحابي حتي الثوار, بل إن من يهتز منهم تسحقه قبل أعدائها من النظام العميل.. انتصر الشعب فلا تستعجلوه! [email protected] المزيد من أعمدة محمود المناوى