مصر فى أزمة، والأزمة عنوان لأزمات مختلفة ومتنوعة وكثيرة.. والأسباب دون لف ودوران وتساؤل وبحث وتقصى حقائق واستغراب وتعجب وحيرة وجهاز مركزى للمحاسبات ونيابة إدارية تتلخص فى قطاعات كثيرة من الشعب وليس كل الشعب، وقطاعات كثيرة فى الحكومة والأجهزة الإدارية والرقابية، أصيبت جميعها بالفساد وانعدام الضمير وانعدام الإنسانية وغياب الوطنية وغياب الوعى وتجاهل التاريخ، نتيجة لسياسات وسلطات وحكومات متراكمة، مشوهة، شوهت الإنسان المصرى فى معظمه وليس كله، فضاعت صفاته الفريدة المتوارثة، وتاهت شخصيته المتميزة منذ فجر التاريخ، بداية من الفراعنة، ومرورا بالحضارات المتتالية حتى فى فترات حكم وسيطرة المستعمر الأجنبى الرومانى والتركى والفرنسى والبريطاني، بل وأثناء حكم الغزاة المهزومين.. ومع هذا فقد الإنسان المصرى إيمانه وقيمه، وتحول الى كائن أنانى لايسعى الا لتحقيق مصالحه على حساب الآخرين وحقوقهم وصحتهم، بل وموتهم أيضا، حتى أقرب الأقربين والمقربين، الأهل والآباء والأبناء، والأسرة كلها، والعائلة كلها، والمنطقة كلها، والمدينة أو القرية كلها، أى الوطن كله، لدرجة الخيانة العظمي، فإذا واجهنا أزمة ما، وتصدينا لها، تشتتنا بين المقترحات والحلول، لأن كل مقترح وكل حل، له سلبياته وثغراته، فإذا وضعنا القوانين، فعادة ماتجيء غير «جامعة مانعة» بحسب المنطق، وغالبا ما لاتنفذ، وتظل حبرا على ورق أو حبيسة الأدراج، لأن القائمين على تنفيذها لا ضمائر لهم، نتيجة للرشوة أو الإهمال.. حتى أحكام القضاء لاتنفذ.. فالمسئولون هم المرتشون أو المهملون، ونذكر ونذكر الجميع بالفساد الذى كان بعض الوزراء والمحافظين ونائبة المحافظ ورؤساء الأحياء ومسئولين كثيرين قدموا للمحاكمة، ومنهم من إنتحر أو نحر للتغطية على فساد اكبر وأشمل، ومنهم من حكم عليه بالسجن والغرامة، ومنهم من تمت براءته، ولاندرى كيف ولماذا؟! وهكذا تفقد القوانين والأحكام قيمتها وكأنها لم تكن ولم تصدر ولم تنشر فى الجريدة الرسمية أصلا.. وهكذا يتحول المجتمع الى غابة يأكل فيها القوى الضعيف، ويجور فيها الملتوى على حق المستقيم، وتنتشر «البلطجة» وتتفشى «الفهلوة» ويسود «الجشع والغش والطمع» حتى فى السياسة والوزارات والانتخابات، بل فى التعليم والصحة والإعلام والفنون والأثار.. ناهيك عن الجماعات الإرهابية والتكفيرية الموتورة والمأجورة التى لا دين لها ولا وطن.. بل وصل الأمر الى تأجير وتحريض دول تدعى الحرية والديمقراطية والإسلام، ودويلات تدعى العروبة والإسلام كذلك، وماذا بعد؟!.. نحن فى حاجة الى حملة قومية لتوعية الإنسان وتقويمه من جديد، لإعادته الى أصوله وجذوره وحضارته، لعل وعسي، حتى وإن كنا لانضمن صدق النوايا! ولعلنا نعتبر من مقولة «السيسي» فنحنو على أنفسنا إذا لم نجد من يحنو علينا، وننطلق من صيحته الشهيرة «تحيا مصر، تحيا مصر، تحيا مصر»! لمزيد من مقالات فتحى العشرى