يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلى نيتانياهو ثلاثة سيناريوهات مع احتمال إدانته بقضايا فساد، الذى أخذ التحقيق فيها منحى أكثر جدية بعد أن تحول رئيس موظفى مكتبه سابقا «أرى هارو» إلى شاهد إثبات، . أول هذه السيناريوهات هو الاستقالة المبكرة وعدم الاكتفاء بممارسة دور دفاعى فى هذه القضايا، خصوصا مع اتهامه بالسعى لجر إسرائيل إلى حرب فى قطاع غزة بمحاولته تغيير قانون اتخاذ الحرب، والحصول على صلاحيات أكبر تسمح له بإعلان حالة الحرب أو شن عملية عسكرية دون الحاجة لموافقة أو أغلبية أعضاء الكنيست، وذلك للمرة الأولى فى تاريخ إسرائيل، ويبدو هذا السيناريو مستبعدا. الثانى هو الذهاب إلى انتخابات مبكرة يسعى إليها الائتلاف الحاكم فى إسرائيل، وإن كان هناك سيناريو أفضل وهو إعادة بناء ائتلاف سياسى جديد تشارك فيه المعارضة والمعسكر الصهيونى بصورة أساسية على أن يتم التوافق بين الرئيس الإسرائيلى وقيادات الأحزاب على رحيل نيتانياهو بصورة مباشرة، ودون انتخابات وهو خيار رشيد فى حال تطبيقه. والثالث انتظار إسرائيل قرار المدعى العام القضائى والأغلب أنه قد يمتد سنوات قد يكون لبعد انتهاء مدة الكنيست الراهن. وفى كل الأحوال فإن توقع تحقق أى من تلك السيناريوهات أو حدوث تغيير سياسى قادم فى إسرائيل لابد أن ينطلق من الاعتبارات التالية: 1 عدم قدرة قيادات الأحزاب شكليا على تسويق خيار البديل لنيتانياهو حتى الآن جماهيريا، وأن الذين يطالبون برحيله متهمون أيضا فى قضايا مشابهة. 2. الذكاء السياسى لنيتانياهو فى التعامل مع قضايا الفساد بما فيها قضية الغواصات الألمانية، التى سيستمر فيها التحقيق لمدة طويلة قبل اتضاح الحقائق، وبالتالى فالتعايش مع ملف القضية والقضايا الأخرى وارد إلى أن تنجح الأحزاب السياسية فى تحريك المشهد من داخل الكنيست، وليس من خلال ساحات القضاء. 3. أن اعتقال اللواء «اليعازر ماروم» القائد السابق لسلاح البحرية الإسرائيلى وقيادات حكومية كبيرة مرتبطة بنيتانياهو لا يعنى أن الأمر سيكون فى دائرة القضاء، خصوصا أن رئيس الوزراء يدرك أن التحقيقات تطوله شخصيا وأن مسألة توجيه الاتهام قضية وقت ليس أكثر وأنه من المتوقع توجيه الاتهام بصرف النظر عن التوقيت، خصوصا أن الأمر سيتعلق لاحقا بوضع إسرائيل إقليميا ودوليا، وسيمس سمعة إسرائيل فى الخارج، وقد تعمل مراكز صنع القرار المؤثرة فى إسرائيل من خارج الحكومة أصلا لدفعه للاستقالة وعدم الانتظار لأى تحقيقات قد يدان فيها لاحقا على اعتبار أن وجود نيتانياهو سيكون ماسا بأمن إسرائيل واستقرارها مع احتمالات ظهور حالات من العصيان والتحفظ على أدائه من داخل أجهزة المعلومات، وبالتالى لا توجد فرص حاسمة للاستمرار فى موقعه الحالى ما لم يحدث تدوير من قبل الائتلاف الحاكم، وخاصة من داخل الليكود لتغيير المشهد، وهو أمر مستبعد فى ظل حالة عدم الاستقرار داخل الليكود ومطالبة بعض نوابه فى الكنيست بالتعامل بمسئولية والتزام إزاء ما يجرى فى إسرائيل، حتى لو تمت الإطاحة بنيتانياهو بدون انتظار لتحقيقات قضائية. 4. أن الوضع فى إسرائيل إجمالا بات غير مستقر، وأن هناك حالة من الاستنفار داخل المعارضة والحكومة معا بل داخل الحكومة ذاتها، وبدأ الصراع مكشوفا للجميع، وهو ما سيدفع الجميع لممارسة نوع من الانتهازية المباشرة، ومن ثم فإن المطروح بديل من داخل الائتلاف الحالى وإسقاط مقولة نيتانياهو «أنا الليكود والليكود أنا»، والتى حاول نيتانياهو استبدالها مؤخرا ب «أنا الدولة والدولة أنا». ستحاول الحكومة المرور من الأزمة الراهنة بأقل الخسائر ولكن المشكلة الرئيسية ستكون فى إدراكها أن نهاية حكم نيتانياهو قد بدأت بالفعل وأنه شارف على الانتهاء، ومن ثم فإن الإشكالية الراهنة ليست فى الانتظار أو عدم الانتظار وإنما فى التوصل لنقطة التغيير، حيث تعكف مؤسسات الدولة العميقة بالفعل فى إسرائيل على السعى للتوصل إليها عبر توافقات سياسية وإستراتيجية كاملة، ومن داخل الائتلاف الحاكم نفسه.