بزيارته تنزانيا ورواندا والجابون وتشاد الأسبوع الماضى واصل الرئيس السيسى جهوده المستميتة لإعطاء دفعة قوية لعلاقات مصر السياسية والاقتصادية والتجارية مع دول إفريقيا من شأنها إحياء الروابط التاريخية، وتعزيز موقف القضايا العربية والإفريقية أكثر فى المحافل الدولية وفتح أسواق أوسع للصادرات والاستثمارات والشركات المصرية فى الأسواق الإفريقية وجذب المزيد من استثمارات الأفارقة إلى مصر من خلال عقد اتفاقيات التعاون والبروتوكولات المشتركة ليأتى الدور على رجال الأعمال والمصدِّرين والموظفين البيروقراطيين للقيام بواجبهم لتنفيذها وليس انتظار الفرص لتأتيهم حتى أبوابهم.فليس معقولاً أن تقف الصادرات المصرية إلى 54 دولة إفريقية عند 34 مليار دولار فقط فى عام 2016 بنسبة 63% و(أقل من 1%)من واردات إفريقيا البالغة 5477 مليار دولار، بينما تتوافر لنا فرص تصدير قيمتها 18 مليار دولار وفقاً لتصريح رئيس لجنة إعداد استراتيجية مضاعفة الصادرات المصرية لإفريقيا خالد أبو المكارم للأهرام!. فضلاً عن كتلتها التصويتية المؤثرة فى المحافل الدولية خاصةً مجلس الأمن الدولى ودعمها التاريخى للقضية الفلسطينية فى مواجهة محاولات إسرائيل المتكررة محو الهوية الفلسطينية فإن إفريقيا البالغ عدد سكانها 1200 مليون نسمة تعتبر سوقاً واسعة لتسويق المنتجات المصرية ولمساهمة شركاتنا فى تنفيذ مشروعات التنمية بعائد مادى كبير وفى استغلال خاماتها ومواردها الطبيعية التى تلهث وراءها كبرى الدول والشركات العالمية حيث استطاعت دولة مثل الصين مضاعفة حجم تجارتها معها من 10 مليارات دولار عام 2000 إلى نحو 140 مليارا عام 2015.وإذا قورن ذلك بحجم التجارة بين مصر وإفريقيا الذى بلغ 48 مليار دولار فقط عام 2016 فلا وجه للمقارنة حتى ولو كنا قد نجحنا فى زيادته بمقدار 300 مليون عنه فى عام 2015، وجعل صادراتنا أكثر من ضعف وارداتنا.ولم يكتف الرئيس بنتائج جولاته الإفريقية بل بادر بدعوة العديد من القادة الأفارقة لزيارة القاهرة، ودعا لعقد مؤتمر فى شرم الشيخ فى مارس 2016 لتشجيع الاستثمار والتبادل التجارى وإزالة معوقاته بين دول إفريقيا ووجَّه دعوات للقادة الأفارقة للمشاركة فى منتدى إفريقيا، 2017 لدعم التنمية بالقارة بدفع وتشجيع الاستثمار من خلال القنوات والبرامج وشبكات المعلومات التى يوفرها المؤتمر لالتقاء القطاعين العام والخاص. تنزانيا ورواندا اللتان شملتهما جولة الرئيس عضوان مهمان فى تجمع حوض النيل الذى نحرص جميعاً على تدعيم علاقتنا السياسية والاقتصادية بدوله للحفاظ على مورد مياهنا العذبة الوحيد«نهر النيل» دون نقص إن لم نستطع التعاون مع دول المنابع لزيادتها بتنفيذ مشروعات مشتركة لتقليل حجم المياه الفاقدة فى المستنقعات والفوالق الجبلية والبخر.لكن حجم تجارتنا وبالأخص صادراتنا إليهما ضئيل جداً،فرغم أن تنزانيا دولة ساحلية على المحيط الهندى ويسهل وصول الشحنات التجارية إليها وخروجها منها بحراً فقد بلغ حجم صادراتنا إليها 36 مليون دولار فقط عام 2011 ويُعَدُّ ميناء دار السلام من أكبر الموانى الإفريقية وعبره تصل الواردات إلى دول مغلقة مثل رواندا التى صدرنا إليها ما قيمته 14 مليون دولار فقط فى العام نفسه.كما لا يزيد حجم صادراتنا إلى دول حوض النيل على 79 مليار جنيه(أقل من 500 مليون دولار)سنوياً وفقاً لتقرير الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء لعام 2015.وإذا كان ذلك يحدث مع دول شرق إفريقيا الأقرب إلينا جغرافياً والأدعى من غيرها لتدعيم علاقاتنا معها فما بالك بدول غرب القارة التى رفع بُعدها عنا تكلفة الشحن فتدنى حجمها إلى حد العدم رغم وجود برنامج لصندوق تنمية الصادرات يدفع للمصدِّر 50% من تكاليف الشحن للأسواق الإفريقية. وللإنصاف لا يتحمل الجانب المصرى وحده مسئولية تدنى الصادرات لأن الحكومات الإفريقية تتحمل قدراً كبيراً منها لأسباب كثيرة، من بينها عدم توافر العُملة الصعبة لتسديد ثمن الواردات أوالضمانات الحكومية لها، ولا الأمن اللازم لحماية الشحنات والاستثمارات مع تفشى الفساد الذى يجعل الاستيراد مقصودا على دول معينة تدفع أكثر للفاسدين، ووجود قوانين وإجراءات حمائية معوِّقة وحروب وقلاقل.لكن أعاق التصديرَ أيضاً ترددُ المصدِّر المصرى وخوفه على بضاعته وغياب روح المخاطرة لديه وعدم فهمه السوق الإفريقية جيداً وبيروقراطية الأجهزة الحكومية المصرية المعنية رغم وجود 11 مكتب تمثيل تجارى لنا فى القارة مهمتها توفير المعلومات وفرص التصدير، وبيانات المناقصات الحكومية وتذليل العقبات وتقديم الإرشادات القانونية للمصدِّر، وهو ما يتطلب ممثلين تجاريين خبراء أكفاء ومحاسبتهم على ما أنجزوه خيراً أو شراً وليس موظفين تم إرسال بعضهم مجاملةَ أو «لعمل قرشين للعيال». وزير الصناعة والتجارة طارق قابيل صرح للأهرام بأن الوزارة انتهت من وضع استراتيجية متكاملة لتنمية الصادرات لإفريقيا خلال السنوات الثلاث المقبلة تقوم على 6 محاور هى دراسة السوق والدعم اللوجستى، وتمويل وضمان الصادرات وعقد الاتفاقيات التجارية، وتطوير برنامج مساندة الصادرات وتنمية أسواقها، ووصفها أبو المكارم بأنها خارطة طريق لزيادة الصادرات بنسبة 60% ، وقال خالد الميقاتى رئيس جمعية المصدرين:نستهدف إنشاء 12 مركزاً لوجستياً فى إفريقيا حتى عام 2020.ولننتظر لنرى ما سيتحقق من التصريحات. لمزيد من مقالات عطية عيسوى