عندما نتأمل قصة هيلين كيلر «كفيفة - صماء» يستوقفنا العديد من المواقف كى تمنحنا الدروس والعبر، فمنذ مرحلة الطفولة المبكرة كانت أسرتها على وعى بأهمية البحث عن علاج مع ضرورة التكيف مع الوضع الحالي، والبحث عن الوسائل المناسبة للتعليم والحياة كما تفهمت الأسرة سبب نوبات العصبية التى كانت تصيب هيلين فى طفولتها وهو عجزها عن التواصل مع الآخرين. ونجد دور الطبيب الذى لم يكتفِ بإبلاغ الأسرة عدم وجود علاج لحالة ابنتهم وإنما نصحهم بالتوجه إلى الدكتور ألكسندر جراهام بل الذى نصحهم بمراسلة مؤسسة بركنز للمكفوفين، ثم نجد الدور الإيجابى لمؤسسة بركنز فى إيجاد المعلمة المناسبة. ولدت الكاتبة الراحلة هيلين كيلر فى عام 1880، وكانت أول «كفيفة - صماء» تحصل على شهادة جامعية، كما حصلت على شهادة الدكتوراه، وألفت نحو 18 كتابا تمت ترجمتها إلى عدة لغات، بالإضافة إلى نشاطها الاجتماعى الذى بدأته منذ الحادية عشرة من عمرها عندما نظمت حفل شاى لجمع تبرعات من أجل تعليم طفلة «كفيفة صماء» مثلها، وظلت تؤدى دورها حتى وفاتها عام 1968. وبالرغم من أن هيلين كانت من أسرة ميسورة الحال، إلا أن الجميع حاولوا أن يجعلوها تعتمد على نفسها، بل وتساعد الآخرين؛ فعندما كانت فى الخامسة من عمرها، تعلمت طى الملابس ووضعها فى أماكنها، وتمييز ملابسها عن الملابس الأخرى، كما كلفتها مدرسة ديسكومبيا الابتدائية بتسليم الأطفال هدايا العيد وهى لم تتجاوز الثامنة من عمرها. وكان للمدرسين دور محورى فى حياة هيلين، خصوصا معلمتها الآنسة آن سوليفان، التى علمتها مبادئ العلوم المختلفة، وظلت تساعدها خلال مراحل تعليمها، كما أن بعض المعلمين تعلموا أبجدية الأيدى من أجلها، وكانوا يؤمنون بقدرتها على الإنجاز حتى لو استغرق ذلك وقتا أطول من غيرها. وحاولت هيلين أن تتعلم كل ما يمكنها تعلمه، فتعلمت الكتابة على الآلة الكاتبة العادية، واستخدمتها فى حل الواجبات المدرسية والامتحانات، وتعلمت طريقة برايل، كما تعلمت الكلام وقراءة الشفاه، ومارست عدة هوايات مثل السباحة، والتجديف، وركوب الدراجات، والمشغولات اليدوية (التريكو والكروشيه). وهكذا بدأت هيلين كيلر مشوار حياتها منذ أكثر من 137 عاما، مسلحة بإرادة فولاذية، فى ظل مجتمع يسعى إلى الاستفادة القصوى من كل فرد، من أجل تحقيق مصلحة الوطن.