رداً على ما ورد فى مقال بعنوان مأزق دُميره حول التوتر الذى هدد باندلاع حرب بين جيبوتى وإريتريا حول منطقة وجزيرة دُميره واتهام جيبوتى لإريتريا باحتلالهما وتقديمها شكوى لمجلس الأمن ومنظمات إقليمية ضدها، بعثت السفارة الإريترية تعقيباً مطولاً من د.أحمد حسن دحلى مدير المركز الإريترى للدراسات الإستراتيجية،ولأن نشره كاملاً يحتاج إلى ضعف مساحة المقال المنشور يوم 25 يونيو الماضى ننشر أبرز ما فى التعقيب الذى وصلنى قبل ساعات فقط من نشر مقال الأحد الماضى التزاماً بقواعد العمل الصحفى وتقديراً من الأهرام لقارئها. بدأ كاتب التعقيب بالقول إن المقال حفل بأخطاء تاريخية وقانونية وسياسية وإن إريتريا التى اكتوت بنيران حروب العديد مع دول الجوار هى آخر من يلجأ إلى الحرب، ونسب إلى السلطات الفرنسية قولها إن إريتريا لم تعتدِ على جيبوتى عام 2008 وهو ما يعنى أن ما حصل هو العكس ولذلك لم تتدخل عسكرياً بموجب معاهدة 1977 العسكرية مع جيبوتى.وذكر أن إريتريا رفضت استقبال بعثة تقصى حقائق أرسلها مجلس الأمن الدولى لأن المجلس أدان إريتريا فى بيان أصدره يوم 12 يونيو 2008 دون إجراء أى تحقيق ثم طلب إرسال البعثة فى منطق سياسى معكوس رفضته إريتريا. وأضاف أن كاتب المقال بنى بشكل متهافت على ما قاله، من أن احتلال المنطقة عسكرياً ليس هو الحل الصحيح، موقفاً مفاده بأن إريتريا اعتدت على اليمن وإثيوبيا وجيبوتى، وأنه قال بكل استخفاف واستهزاء إن اريتريا وجيبوتى استجابتا لوساطة قطر ربما تحت إغراء تقديم مساعدات مما يسىء إليهما، وتحدث عن خبراء الحدود وعن اتفاقيتين يتيمتين أُبرمتا فى 1897 و1901 وربما لا يعلم بأن وراء الأكَمَة ما وراءها. وذكر أيضاً أن(العدوان الإثيوبى على إريتريا)لم يبدأ فى قرية بادمى عام 2008(يقصد 1998)وإنما بدأ تاريخياً فى قرية(عدى مروق بمنطقة بده)عام 1997 قبل إصدار الحكومة الإثيوبية فى العام نفسه خريطة جديدة لإقليم تيجراى(ضمت فيها أجزاءً واسعة من الأراضى الإريترية)ولم تكن سيطرة القوات الإريترية على بادمى إلاَّ رد فعل على(عدوان إثيوبى غادر)على وحدات عسكرية إريترية بالمنطقة.وقال إن الكاتب لم يحدد طبيعة المأزق الذى ورد فى عنوان المقال ولا يستطيع فى حقيقة الأمر تحديده لأنه لا يوجد مأزق فى دُميرة وإن القضية برمتها مفتعلة. واختتم التعقيب بالقول إنه لا سلطة قانونية للمنظمات الإقليمية والقارية وشبه القارية والدولية للتدخل فى هذا الأمر بين إريتريا وجيبوتى من قريب أو بعيد. وأرد على ما ورد فى التعقيب بما يلى: إن المعلومات والتواريخ والإحصائيات الواردة فيه أوردتها وكالات أنباء كبرى مثل رويترز ومواقع إخبارية محترمة مثل BBC Africa والعربية نت ويمكن الرجوع إليها لمن يريد،أما التحليل والاستنتاج المبنيان عليها فهما وجهة نظر الكاتب ولا يحق لأحد تسفيهها حتى ولو كانت خاطئة. لم ينف التعقيب اتهام جيبوتى لإريتريا باحتلال أرض أبسط ما يُقال عنها إنها متنازع عليها، وهو اتهام يقود عادةً إلى الحرب إن لم يتم تدارك الأمر بسرعة،وتجاهل أيضاً أن فرنسا سارعت عام 2008 بمساعدة قوات جيبوتى بنقل الإمدادات العسكرية والطبية والمعلومات الاستخبارية وقررت إقامة مركز إمداد متقدم قرب المنطقة لاستخدامه عند الحاجة. لم أقل إن إريتريا احتلت جزر حنيش عام 1995 بل قلت إن جيبوتى اتهمتها باحتلال أراضِ متنازع عليها وطالبتُ بحل النزاع بالتحكيم الدولى كما حدث مع اليمن حول جزر حنيش، وإن تعجل إريتريا بالحرب على إثيوبيا لم يمكِّنها من استعادة بلدة بادمى الحدودية رغم توقيع اتفاق سلام الجزائر عام 2000 وحكم هيئة التحكيم الدولية سنة 2002 بأنها جزء من الأراضى الإريترية. لم أقطع بأن المساعدة القطرية لإريتريا وجيبوتى تمت فعلاً وإنما قلت (ربما) ولم أقل إنها رشوة - لا سمح الله - وإنما مساعدات قد تساعد الوساطة القطرية فى حل الأزمة بشكل أو آخر، وهو ما لا يمس الكرامة الوطنية للدولتين مطلقاً.كما أتساءل:لماذا لم يذكر كاتب التعقيب ما يراه وراء الأكمة ولا أراه لأتعلم منه!. على فرض صحة ما قاله من أن(العدوان الإثيوبى) لم يبدأ فى قرية بادمى فقد أثبتت التجارب التاريخية للنزاعات أن حل النزاع الحدودى لا يتم بالحرب والمثال على ذلك ما انتهت إليه حرب 1998-2000 مع إثيوبيا وهو ما يجب ألاّ يتكرر فى النزاع مع جيبوتى. وفيما يتعلق باعتراضه على عنوان المقال نافياً أن يكون هناك مأزق أؤكد أنه مأزق، حيث وضعت إريتريا نفسها فى مواجهة ليس فقط مع جيبوتى وإنما أيضاً مع فرنسا وأمريكا اللتين لهما قاعدتان عسكريتان فيها وترتبطان معها بمعاهدتى دفاع مشترك. وحول قول كاتب التعقيب إنه لا سلطة قانونية لأى منظمة للتدخل فى هذا الأمر، أقول إن المادتين 41 و42 من الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة تنصان على التدخل الأممى بالوسائل الدبلوماسية وبفرض عقوبات وبالقوة العسكرية إذا اقتضى الأمر لمنع أى نزاع من تعريض السلم والأمن الدوليين للخطر. لمزيد من مقالات عطية عيسوى