تكشف الوثائق التى نشرتها شبكة (CNN) العالمية الإخبارية من الملحق التكميلى الخاص بتقرير أجهزة استخبارات دول مجلس التعاون الخليجى الصادر عام 2014 عن عدم التزام قطر ببنود القضايا الست التى طرحتها الوثيقة الأساسية فى العام السابق 2013. وتتضمن القضايا الست، أولا: عدم التدخل فى الشئون الداخلية لأى من دول المجلس بشكل مباشر أو غير مباشر، ثانيا: عدم إيواء أو تجنيس أى من مواطنى دول المجلس ممن لهم نشاط يتعارض مع أنظمة دولته إلا فى حال موافقة دولته، وعدم دعم الفئات المارقة المعارضة لدولهم، ثالثا: عدم دعم الإعلام المعادي، رابعا: عدم دعم الإخوان أو أى من المنظمات أو التنظيمات أو الأفراد الذين يهددون أمن واستقرار دول المجلس عن طريق العمل الأمنى المباشر أو عن طريق محاولة التأثير السياسي، خامسا: عدم قيام أى من دول مجلس التعاون بتقديم الدعم لأى فئة كانت فى اليمن ممن يشكلون خطرا على الدول المجاورة لليمن، سادسا: الإخلال بنهج سياسة دول مجلس التعاون تجاه دعم مصر والإسهام فى أمنها واستقرارها والمساهمة فى دعمها اقتصاديا، وإيقاف جميع النشاطات الإعلامية الموجهة ضدها فى جميع وسائل الإعلام بصفة مباشرة أو غير مباشرة. ومن خلال استعراض وتحليل وتقييم الأداء القطرى فى هذه الملفات يمكن استنتاج كيف أهدرت قطر استحقاقات اتفاق الرياض الذى أوردته الوثيقة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، أولا: دور قطر فى الملف اليمني، حيث يعكس بيان إنهاء مهمة قطر فى تحالف «عاصفة الحسم» عن طبيعة الدور الذى لعبته قطر خلال مشاركتها فيه، ويتمثل فى لعب دور مزدوج لمصلحة الأطراف المعادية للتحالف، إيران والحركة الحوثية، بما ألحق الأضرار بعمليات التحالف وبالدول المشاركة فيه، فضلا عن تسببه فى تأخير الحسم سياسيا وعسكريا. ومن خلال تحليل الأداء يتضح أن خطة الدوحة كانت تستهدف إطالة أمد العمليات العسكرية فى اليمن لإبقائه كساحة مفتوحة للصراع لاستنزاف دول التحالف خصوصا السعودية والإمارات، وبالنظر فيما يتعلق بالدعم الحوثي، وهو دعم يتزامن وظهور المليشيا الحوثية على الساحة اليمنية بأحدى أذرع الميليشيا الإقليمية لإيران، قدمت قطر لها دعما يتجاوز الدعم الذى وفرته لها الدولة الراعية «إيران»، فقد حرصت خلال فترة الحروب الست التى اندلعت بين الحركة وعدوها السابق وحليفها الحالى الرئيس السابق على عبد الله صالح إلى إنقاذ الميليشيا وتوفير طوق نجاة لها، وإعادة تقديمها على الساحة الإعلامية كعنصر سياسى رئيسى فى المشهد اليمنى فى ظل السياسة القطرية الرامية إلى تعزيز وضع الفاعلين من غير الدول المعارضين للأنظمة وهى الإستراتيجية التى انتهجتها تجاه حماس وحزب الله وغيرها، فضلا عن توفير الدعم المالى لها وتمويل عمليات الهدنة المدفوعة الأجر. أما بالنسبة لإيران فالتناقضات كانت واضحة فى السياسة الخارجية القطرية تجاه هذا الملف، فالدوحة التى يفترض أن تتقاسم الترتيبات الأمنية والخطط الإستراتيجية والمهددات والمخاطر مع باقى أعضاء دول مجلس التعاون الخليجي، التى تعتبر أن إيران تشكل مصدرا للتهديد والمخاطر وعدم الاستقرار فى الدائرتين الخليجية والإقليمية خرجت الدوحة عن هذا السياق منذ فترة مبكرة من خلال إبرام «وثيقة تعاون دفاعي» فبراير عام 2010، ثم تحول إلى إطار «تعاون عسكري» يشمل باقى أطر التعاون العسكرى فى 2015 وبعد أقل من 7 أشهر فقط على المشاركة فى تحالف عاصفة الحزم. ومن حاصل جمع التعاون القطرىالإيرانى إلى جانب توفير الدعم للحركة الحوثية، بما يعد انتهاكا لاتفاق الرياض يمكن استخلاص الدور الذى لعبته قطر فى اليمن، والذى أضر بدول التحالف، حيث تشير تسريبات متواترة إلى أن قطر سربت معلومات خلال وجودها الرمزى فى مأرب أو عبر عناصرها هناك، خاصة الموالين لها من حزب الإصلاح المشاركين فى تركيبة الجيش الوطنى اليمنى عن طبيعة الوجود الإماراتى فى منطقة صافر فى ابريل 2015 وعلى إثر هذه التسريبات تعرضت القوتان الإماراتية والبحرينية لقصف من قوى التمرد على الشرعية (الحوثي- صالح) والتى كانت تهدف بدورها إلى ايقاع خسائر كبيرة فى صفوف قوات التحالف لإبعادها عن هذه الجبهة. أما فيما يتعلق بالانتهكات الخاصة بالبند الخاص بالإخلال بنهج سياسة دول مجلس التعاون تجاه دعم مصر والإسهام فى أمنها واستقرارها والمساهمة فى دعمها اقتصاديا، وإيقاف جميع النشاطات الإعلامية الموجهة ضدها فى جميع وسائل الإعلام بصفة مباشرة أو غير مباشرة، لم يختلف السلوك القطرى الرامى إلى إنهاك واستنزاف قدرات القاهرة كحليف استرايتجى لدول مجلس التعاون ومحاولة إعاقة التحرك المصرى إقليميا فى مقاومة الإرهاب، إلى جانب الانتقام من النظام المصرى فى إطار العلاقة العضوية بين قطر وتنظيم الإخوان المسلمين الذى أدرجته مصر والسعودية والإمارات والبحرين على قائمة الإرهاب، وهو ما يتضح من ملفات التحقيقات والتسجيلات والوثائق التى قدمتها مصر فى جلسة خاصة فى مجلس الأمن فى 28 يونيو، والتى حملت إدانات واسعة للدور القطرى فى ليبيا، ومنها صفقات التسليح للقوى الإرهابية المتشددة فى ليبيا عبر وكلاء أبرزهم عبدالحكيم بلحاج، رئيس ما يسمى المجلس العسكرى السابق فى طرابلس. فى السياق ذاته عملت قطر على عرقلة خطوات التسوية السياسية التى أفرزتها مرحلة ما بعد اتفاق الصخيرات وأبرزها مشهد اللقاء الذى جمع قائد الجيش الوطنى الليبى المشير خليفة حفتر وفايز السراج رئيس المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق الليبية فى مطلع مايو الماضي، عبر دعم الميليشيات الإرهابية التى سعت إلى السيطرة على قاعدة «تمنهنت» الجوية شمال سبها. أما على صعيد العلاقة مع تنظيم الإخوان المسلمين، هو الملف الجامع لشتى الانتهكات القطرية لاتفاق الرياض، حيث تضمن الانتهاك الخاص بالتحريض الإعلامى تجاه مصر، حيث استمرت قطر تمول جميع قنوات تنظيم الإخوان فى تركيا ولندن وإلى جانب عشرات المواقع الإلكترونية المعادية وعدم تغيير السياسة والمحتوى الإعلامى المعادي، الذى تبثه قناة الجزيرة التى نص الاتفاق عليها صراحة، فضلا عن إيواء قيادات تنظيم الإخوان المسلمين ومعارضين للنظام المصرى وللدولة المصرية وتوفير مساحات واسعة ودائمة كمنصات تحريضية ضد مصر، إلى جانب إنتاج أفلام وثائقية لتشويه الجيش المصري. توفير الدعم والتمويل للتنظيمات الإرهابية لتنفيذ الأجندة القطرية وهو ما ظهر فى العديد من الصفقات التى أبرمتها قطر لتمويل تنظيمات القاعدة وداعش فى سورياوالعراق واليمن ومن أبزرها صفقة «المدن الأربع» فى ابريل 2017 فى سوريا، والتى تم بموجبها تهجير 50 ألفا من ريف دمشق إلى ريف إدلب وبالعكس، من سكان مناطق تحاصرها قوات النظام السورى بريف دمشق وأخرى تحاصرها فصائل متطرفة فى ريف إدلب، مقابل إطلاق سراح عدد من القطريين المخطوفين على يد ميليشيا كتائب حزب الله العراقية، وادعت قطر أنها دفعت فدية مقدارها مليار دولار، لكن الوجه الآخر لهذه الصفقة كشف عنه رئيس الوزراء العراقى حيدر العبادى بأن الوفد القطرى كان يحمل حقائب مليئة بالأموال وأنها بحوزة الحكومة العراقية كأمانات لم يصرف منها أى شيء، منتقدا السلوك القطرى فى الصفقة التى حملت شبهات تمويل التنظيمات الإرهابية فى العراق. فى المحصلة الأخيرة يظل السلوك القطرى المعادى لمحيطه الخليجى والعربى واحدا فى مختلف القضايا وهو السير عكس اتجاه المصالح العربية والسياسة العربية، بل لمصلحة الأطراف الإقليمية الأخرى كتركياوإيران.