استقلت «داهومي» عن الإحتلال الفرنسي في عام 1960. وخلال الاحتلال وحتى عام 1975 كانت تسمى «بلاد داهومي»، ثم تغيرت إلى «بنين» . واشتهرت بتجارة العبيد والنساء المحاربات، وذكرت الوثائق التاريخية أنه فى عام 1863، أشار ضابط بحرى بريطانى يدعى «آرثر بارى إردلى ويلموت»، إلى وجود اختلال ديموجرافى قوى لصالح المرأة فى «مملكة داهومى» كما أن حكام داهومى جندوا النساء لتعزيز جيوشهم، ووفقا لبعض التقاليد الشفوية، ألحقوا النساء بسلك الجندية لاسترضاء الملكة «تاسى هانجبي»، الشقيقة التوءم للملك أكابا خلال الفترة من عام (1685-1708). ....................................................................................................فى البدء تم إلحاق فتيات صغيرات من سن 12-15 عاما اللواتى تطوعن، وتم اختيارهن بالقرعة، فلما زادت الحاجة للجنديات بعد أن أثبتن ولاء وكفاءة قتالية عالية، تم تجنيدهن قسرا من اللواتى ارتكبن جرائم. ثم تم مد نطاق الاختيار إلى مجتمعات ومناطق جغرافية أخرى فى المنطقة، ومنذ أوائل القرن التاسع عشر تم تجنيد الشابات اللواتى تم أسرهن فى الغارات. لذا قام الملك جيزو خلال الفترة من عام (1818-1858) بإجراء حملات تسجيل للمواطنين كل ثلاث سنوات، وحولهن الملك إلى قوة ضاربة يحسب حسابها فأمر الداهوميين بأن يقدموا إليه بناتهم غير المتزوجات وأدخلهن فى جيشه وشكل منهن فيالق منتخبة، وبرعن فى القتال وكانت قوتهن العضلية مدهشة، وكان من الصعب التعرف إلى جنسهن إلا بملاحظة أثدائهن، وقسم الملك الجيش النسائى إلى عدة أفواج وقام بتحديث المعدات ومدهن بالأسلحة النارية، كما وضع مبدأ التجنيد المنتظم، فتزايدت أعداد الجنديات مرة واحدة فى عهد خلفه «جليلى» خلال الفترة من عام (1858-1889) وتنقل ممثلو الملك من قرية إلى قرية، ليختاروا أكثر الفتيات ملائمة من الناحية الجسدية حيث يجب أن يتميزن بطول القامة والقوة والرشاقة، والأهم أن يكن فى سن الشباب. بهذه القوة العسكرية ضمنت بلاد داهومي الأمان من الجيران، كما أنها توسعت قليلاً بحروبها خارج حدود الدولة الصغيرة. فى منتصف القرن التاسع عشر، كان عدد الجنديات فى داهومى يقدر بعدة آلاف وهو ما يمثل 30-40٪ من إجمالى الجيش، واستمر جيش داهومى من هؤلاء المحاربات الى أن سحقهن الجيش الفرنسى سنة 1892م، لكن خلال قرنين تقريبا كانت الممالك المجاورة تخشى جانب نساء داهومى المقاتلات، فقد كان جيشهن يتألف من الفين وخمسمائة امرأة تقريبا، كلهن زوجات الملك الرسميات مدججات بالسلاح من أقواس النشاب إلى البنادق والأسلحة النارية الأخرى، وكذلك خناجرهن العريضة كانت معروفة جيدا. كانت الاستراتيجية الأساسية لهذا الجيش هى عنصر المفاجأة، وكانت النساءالمقاتلات لا يلجأن الى القتال الا فى الحالات القصوى، مع أن مقدرتهن على ذلك لم تكن بحاجة إلى شهادة. تذكر الكتابات للمؤرخين والمحاربيين الأوروبيين الذين خاضوا حروبا معهن أنهن كنّ لا يخفن من شي وكن شرسات جدا، وكانت نسبة الخسائر منهم قليلة جدا مقارنة مع الرجال المحاربين من مملكة داهومي، أذاقت هذه النساء الحملات الأوروبية الويلات، حاربنهم في كل مكان وأوجعنهم كثيرا، وصددن شرورهم لفترات طويلة من الزمن حتى تفوق الأوروبيون عليهنّ بالأسلحة الحديثة. ويقال أن من الأفواج العسكرية لنساء داهومي وحدات من النساء بعضهن مسلحات بالبنادق ، وبعضهن يسمين «الحصَّادات، وأولئك النساء تحملن شفرتين طويلتين يبلغ طولها 3 أقدام وهي قادرة على شق الإنسان إلى نصفين، وبعضهن كانت أجسادهن مدججة بالسكاكين. واستغل ملوك داهومي هذه النساء من أجل توسيع مملكتهم، وسبي الرجال والنساء والأطفال وبيعهم كعبيد للأوروبيين، وهذا كان يدر دخلا ضخما على ملوك داهومي، وكثيرا ما بعثت المملكة البريطانية ممثليها إلى مملكة داهومي تحثهم على وقف تجارة العبيد، إلا أن الملك «قيزو» قال: وماذا تعمل نساءنا؟ تعمل في الزراعة؟؟ تزرع القطن؟ هؤلاء نساء محاربات شرسات ؟ ولدن للحرب لا للزراعة. وتخبرنا الوثائق أن الجنديات الشابات كان يتم احتجازهن فى قصر الملك حيث يقضين معظم الوقت فى التدريب الذى يشمل المصارعة، والرماية، وسباق الحواجز، ومحاكاة للهجمات على نطاق واسع، وتعقب الأثر فى الغابات فى الأدغال فى رحلات تستمر لعدة أيام. وعلاوة على ذلك، كن يتأهبن من خلال العديد من الطقوس الدينية السحرية، وتلاوة التعاويذ السحرية لزيادة قوتهن، وارتداء التمائم الواقية واستشارة بوكوفون، الذى يخبرهن عن القرابين والطقوس التى يجب أن يقدمنها قبل البدء فى المعركة. وتميزت مقاتلات داهومى فى تاريخ أفريقيا ككل بل وعرفن كرمز للشجاعة. مهما كان القتال صعبا وقاسيا، حيث لم يقدمن على الانسحاب أبدا، فى الوقت الذى كان الجنود الذكور غالبا ما يعاقبون بسبب تراجعهم وفق ما ذكره الباحث ألبيرن، حيث قال إن الملك «بيهانزين»، آخر ملوك هذه المملكة، اعتمد على تفانى جيشه النسوى الثابت لمقاومة الغزو الاستعمارى الفرنسى حيث كبدنه الكثير من الخسائر. ووهب عدد كبير جدا من الجنديات حياتهن لهذه القضية. ووفقا للعديد من الروايات التاريخية فإن الجنديات النساء تفوقن على نظرائهن من الرجال من جميع النواحي، من حيث الانضباط والروح القتالية والشجاعة والولاء للملك. وعن حياة الجندية فى القصور الملكية فقد عاشت الجنديات ال «داهوميات» فى قصور أبومي، وكانا، وزاغنانادو، وهوجا وزاسا، وحُرّم على الرجال الوصول إلى تلك القصور، وفي الاحتفالات العامة لم يكن متاحا للنساء العاملات، التنقل بحرية داخل القصر. وعندما تؤدى الجنديات اليمين الدستورية كان القسم يتضمن التعهد بعدم الزواج أيضا. وبالرغم من ذلك، فى الممارسة العملية، لم يتم الحفاظ على هذا القسم دائما، فقد عشق بعضهن فى الخفاء. بل أن بعضهن استخدمن الأعشاب كموانع للحمل كما لجأ بعضهن للإجهاض، لأن الجنديات اللاتى يحملن كن معرضات لخطر العقاب أو السجن أو الإعدام. علاوة على أن بعضهن تزوجن من كبار الشخصيات والضباط. لكن الثابت أن ملك داهومى لم يظهر علانية دون مرافقاته من الجنديات، وبالتالى كانت ظاهرة الجنديات مرتبطة ارتباطا وثيقا بالحياة الرسمية والخاصة للملك، ولا سيما النساء فى حرسه الشخصي. مما يحفظ صورته ووقاره فى نظر شعب داهومي، حيث كانت صورة الملك مرتبطة ارتباطا وثيقا بالجنود. كما أن تلك الجنديات كن فى المعركة خط الدفاع الأخير للملك، وكن على استعداد للتضحية بحياتهن لحمايته. وقد نظمت النساء فى أفواج، كان لكل فوج قائدة، وزىّ، وأسلحة خاصة، فضلا عن آلهة حارسة، ولكل فوج راقصاته وأغانيه ومسيراته العسكرية. وتفاوتت أسماء وأنواع الأفواج على مر الزمن تحت مختلف الحكام. الحقيقة أن ذلك الجيش الحريرى كان حديديا أيضا، فقد تميزت المقاتلات بالعنف والشراسة حتى بعد سقوط بنين فى يد الاحتلال الفرنسى بسبب التفوق فى السلاح، وعانت القوات الفرنسية الأمرين من القوات النسائية بسبب وحشيتهن وبسالتهن القتالية، وظلت أعمال المقاومة مستمرة بعد الاحتلال الفرنسى ل «داهومى» لأنهن لم ينسين ثأرهن مع المحتل.