عندنا لا أحد يخاف ولا أحد يحترم.. عندنا صدرنا كل مشكلات المجتمع للرياضة وتحديدا الكرة ورحنا ننفث فيها غلبنا وحقدنا وكبتنا.. عندنا المصلحة الخاصة هي الأساس وفيما عداها هوامش والمحصلة الكل يزايد والكل يحرض وكل واحد داخل هذا الكل يبحث عن دور يستفيد منه.. عندنا لا أحد يحاسب أحدا إلي أن طار السقف الذي لا يجب أن يقترب أحد أو يحاول النافذ منه.. هذا السقف طار واختفي وبات الشارع الرياضي وإعلامه بلا سقف وبلا نظام وبلا ضوابط وبلا أي شيء وعندما تنفلت الأجهزة المحكومة بنظام وخاضعة للحساب وينفرط عقدها ويصبح كل شيء مباحا ومتاحا.. الطبيعي والمنطقي والمتوقع أن ينعكس ذلك علي الجماهير التي وجدت نفسها تسأل نفسها ولماذا لا يكون لنا نصيب في المولد وفي الزيطة... عندما تكون لمصر بعثة رياضية رسمية مشاركة في بطولة أفريقية رسمية.. عندما تترك البعثة الفندق الذي أقامت فيه دون أن تدفع الحساب وتذهب إلي المطار خلسة من وراء ظهر الفندق الذي اكتشف أن بعثة دولة.. أقدم وأعرق دولة في القارة الأفريقية هربت دون أن تدفع الحساب.. يعني البعثة سلكت سلوك الخارجين عن القانون يعني لا مؤاخذة حرامية.. عندما يحدث هذا وعندما يكون صاحب قرار الهروب وسرقة حقوق الفندق هو أكبر رأس في الاتحاد الذي خرجت منه البعثة.. يعني قرار الهروب هو قرار رئيس البعثة الذي قاد بنفسه عملية الهروب للمطار دون دفع الحساب.. وعندما يتصل الفندق بالشرطة وعندما تطارد الشرطة البعثة وتقبض عليها وتعيدها إلي الفندق... عندما يحدث كل هذا الهزل ويمر علي حدوثه قرابة الشهر ولا يعزل رئيس هذا الاتحاد من منصبه ويقدم للنيابة في مصر... عندما نتغاضي عن جريمة مثل هذه ولا يحاكم رئيس الاتحاد.. فماذا ننتظر؟ هل تنتظرون نظاما والتزاما وقيما ومبادئ أم تحصدون فوضي ومسخرة وانعدام حياء؟ المدهش أنه لا اللجنة الأوليمبية تحركت ولا الجهة الإدارية تكلمت وكأن هروب بعثة وتصرفها بسلوك الحرامية فيما في هذا الأمر من إساءة بالغة لوطن... لم يتحركوا وكأن ما حدث منطقي وطبيعي وأمثالنا هم من يضخمون الأمور... عرفت أنهم لم يتخذوا إجراء ضد رئيس الاتحاد مثل حل الاتحاد حتي لا يشكو مصر للاتحاد الدولي... أي منطق معوج هذا وهل يقبل الاتحاد الدولي الذي يتبعه رئيس هذا الاتحاد الذي هرب بالبعثة من الفندق حتي لا يدفع الحساب.. هل يقبل الاتحاد الدولي أن يكون علي رأس اتحاداته الوطنية أشخاص يحرضون أبطالهم وبطلاتهم علي سرقة حقوق الآخرين!. العكس هو الصحيح ولو أن الاتحاد الدولي عرف بأمر رئيس هذا الاتحاد وعرف أنه في منصبه فالمؤكدأن الاتحاد الدولي سيصاب بالشلل من السلوك المصري الرسمي الذي لم يعزل وفورا إنسانا اتخذ قرارا ضد الرياضة وضد مبادئها وضد القانون.. يعزل حتي لا تنتقل العدوي إلي بقية الهيئات التابعة للاتحاد الدولي... عندما تكون هذه المسخرة واقع هيئات رياضية محكومة بقانون.. فماذا نتوقع من الشارع؟! عندما يهرب رئيس اتحاد ببعثة حتي لايدفع فلوس الفندق.. فكيف نتوقع سلوك جماهير أرغمناها علي التعصب بما يقال في الإعلام؟. عندما يصبح تحريض الجماهير مسألة عادية تتم يوميا علي شاشات التليفزيون.. فماذا ننتظر من مدرجات يحكمها سلوك الجمهرة الذي فيه تختفي المسئولية الفردية والفرد' زايط' داخل المجموع!. عندما نحول المنافسة عداء والحب كراهية.. فهل ننتظر أن نحصد وردا وأزهارا؟. عندما تصبح كرة القدم وكرا للحقد والعنف ووسيلة تفرقة ومنطقة مصالح. عندما يحدث كل هذا.. فالطبيعي والمنطقي أن تصبح الرياضة عندنا مرتعا للفوضي وتكون كل مباراة كورة قنبلة موقوتة.. وطبيعي جدا ومنطقي جدا التفتيش الذاتي والدخول للملعب قبل المباراة بثماني ساعات... لأننا حولنا الرياضة كراهية وحقدا وغلا لا حبا واحتراما وانتماء للوطن. .......................................................... ** كلنا فريق واحد... شعار من ثلاث كلمات أقيمت تحت مظلته مباراة كرة قدم مساء الثلاثاء الماضي وأظنها مختلفة وغير مسبوقة في تاريخ الكرة... الشعار الذي رفع والمباراة التي أقيمت دليل دامغ لا يرقي إليه شك أن السياسة عندما وجدت نفسها أمام حائط سد لجأت إلي الرياضة... المباراة التي أقيمت في العاصمة اللبنانية بيروت يوم13 أبريل وهو نفس يوم اندلاع حرب لبنان الأهلية قبل35 سنة.. فكرتها اعتمدت علي فلسفة الرياضة القائمة علي تنافس رهيب محكوم بحب هائل وتسامح رائع والخاسر يهنئ الفائز لأن التنافس الشريف هو القيمة وهو المعني... المباراة التي أقيمت بين رجال السياسة علي اختلاف ميولهم.. رسالة إلي الجميع داخل وخارج لبنان أن الخلاف السياسي يمكن أن يكون أو يجب أن يكون أو من الآن فصاعدا سيكون مثل التنافس الرياضي.. الكل يسعي للفوز والكل حريص علي أن يكون الأمر تنافسا لا خلافا وحبا لا كراهية.. لأن الكل فريق واحد.. لبنان بعد محنة الحرب الأهلية التي سقط فيها150 ألف قتيل وبعد35 سنة من وقوعها لم يجد حلا للسياسة إلا عن طريق الرياضة ولم يجد حدا للخلافات المستحكمة إلا بالرياضة... الدماء التي جرت بحورا في لبنان يؤمنون عدم وقوعها لا قدر الله... بالرياضة. لبنان الذي اختلف أهله سنين في كل شيء وعلي كل شيء واتخذوا السلاح لغة حوارهم الوحيدة.. اتفقوا علي أن الرياضة ومبادئها منهج صالح للسياسة.. ليحل التنافس مكان الصراع والحب بدلا من الكراهية.. هذا هو المشهد في لبنان الذي أوقعته الصراعات الإقليمية في حرب وكراهية وموت ودمار ومع هذا نهض وصلب عوده وقرر أن يعيش محتكما لفلسفة الرياضة صالحة التطبيق في كل المجالات وفي كل الأوقات... في البلد الصغير التي قتلت حربه الأهلية150 ألف لبناني.. راحوا يستعينون بكل ما في الرياضة من قيم ومبادئ وحب وتسامح وشرف لأجل محو الكراهية من النفوس والعقول... هذا ما يحدث في البلد الصغير لبنان فماذا عنا في البلد الكبير مصر؟... الرياضة حولناها إلي حروب وكراهية والعياذ بالله... كل المعاني والقيم المبادئ الموجودة في الرياضة أسقطناها أرضا ودهسناها بالأحذية... كل مباراة كرة في مصر تزيد الشارع المصري احتقانا وهياجا وحقدا وكراهية... في مصر المحروسة قلبنا الآية والرياضة القائمة علي تنافس لا خلاف وحب لا كراهية.. هذه الرياضة أصبحت مصدرا لكل ما هو قميء وغث ومتخلف... في مصر عندنا مباراة تقام اليوم الجمعة16 أبريل بين أكبر ناديين في الشرق.. أتمني أن تكون مباراة رياضة لا حرب كراهية بين أكبر ناديين... ندخلها ونخرج منها فريقا واحدا!. أتمني بعدها أن نضرب مثلا لا أن نأخذ العزاء في الرياضة! .......................................................... ** النصب والاحتيال والفساد والإفساد لها مكان في كل وقت لأنها النفس البشرية التي تجمع داخلها الخير والشر وبقدر صحيح الدين والمبادئ والقيم تكون الغلبة لأحدهما علي الآخر.. وأيضا متي يوجد المال تظهر النفوس الخربة ويبدأ صراع الشر مع الخير... الذي يتابع صفحات الحوادث يجد فيها حكايات من كل نوع ويكتشف منها أن النصب يتطلب قدرات عقلية ونفسية عالية.. لو أن أصحابها وظفوها في أعمال سوية صحيحة يحققون بالحلال نجاحات مذهلة ومكاسب هائلة.. لكنهم انحرفوا لأن الشر داخلهم هو الغالب ولأن المال الحرام مذاقه لا يعادله مذاق عندهم.. والغريب أنهم فقدوا البصيرة قبل البصر ولم ينتبهوا إلي حقيقة موجودة من بدء الخليقة وحتي يوم الدين.. حقيقة أن الحرام لا يدوم وأن مال الناس كناس... المدهش أن الفقر بريء من الذمم الخربة المنحرفة التي أغلبيتها العظمي ليست محتاجة ومعها ما يكفيها لكنها تنصب وتسرق وترشو وترتشي لأجل المزيد والمزيد... الأغلبية العظمي من الفقراء أغناهم الله بالقناعة التي هي أغلي وأعظم من كل كنوز الدنيا مجتمعة لأنها تجعل صاحبها راضيا مرضيا متصالحا مع نفسه ومع الآخرين في كل لحظة وفي أي مكان... ولا كل بوليس الدنيا بإمكانه القضاء أو حتي التصدي للفساد الذي استشري وانتشر في كل مكان... تعالوا نقتلع الفساد من جذوره ونجفف منابعه... تعالوا نبدأ من النبتة الخضراء السوية الطاهرة النقية بالوقاية لها في السن الصغيرة... الوقاية تغنينا عن العلاج لأنها تطبع في عقل الطفل ووجدانه مضادات الانحراف التي يستحيل في وجودها الانحراف... الوقاية بعودة الدين مادة أساسية في المدرسة المصرية.. الدين الإسلامي والدين المسيحي وفيهما كل ما يحبب الصغار في الخير ويبعدهم عن الشر... الوقاية.. بإعادة النظر في الخطاب الإعلامي الباحث عن السلبيات والغافل عن الإيجابيات.. المهتم بالفضائح غير العابئ بالأخلاقيات... الوقاية.. بأن تكون الثقافة علي مختلف مناهجها إشعاعا للقيم والمبادئ والأخلاق لا تحريضا علي الفسوق والانحلال والضياع.. كلنا شركاء في هذه الوقاية وكلنا مسئولون أمام ضمائرنا وأمام الله عنها... .......................................................... ** بذكر فساد الذمم أحكي لحضراتكم هذه الحكاية التي وقعت في بلجيكا منذ أسابيع داخل الوسط الكروي... الدوري الكروي هناك في مختلف مراحله يقترب من النهاية التي تشهد في أي مكان تنافسا في القمة وأيضا في القاع... في بلجيكا ناد صاحبه مصري.. النادي هو ليرز ومالكه المهندس المصري ماجد سامي.. ليرز في المقدمة ويسعي للصعود للدرجة الأولي مع الكبار الذين يسعون للمشاركة في أهم البطولات بالعالم.. دوري أبطال أوروبا حيث الشهرة والأهم المال... مستر هيرمان المدير الرياضي لنادي ليرز وجد أمامه شخصا لا يعرفه قدم نفسه علي أنه وكيل لاعبين وعنده لاعب يعرضه علي ليرز.. ومن سياق الكلام اتضح أن هذا اللاعب سبق حضوره مع وكيل أعمال آخر ولم يجد النادي فيه المواصفات المطلوبة وانتهي الأمر وهذا ما أوضحه مدير النادي للرجل الجالس أمامه لينتهي الأمر وتنتهي المقابلة إلا أن مدير النادي فوجئ بالرجل الذي لا يعرفه يعرض عليه تسهيل الأمور في المباريات الثماني المتبقية بالدوري وترك له رقم تليفونه واسمه... مدير نادي ليرز أخبر علي الفور ماجد سامي بما حدث ولم يتردد مالك النادي لحظة في قراره... اتصل بالشرطة وأيضا بجهة متخصصة داخل اتحاد الكرة معنية بمثل هذه الأمور وأبلغهما بالواقعة التي هي عرض صريح بالتلاعب في نتائج مباريات.. وحضرت الشرطة واستمعت من المدير وأخذت أقواله وبعدها أرسلت أحد رجالها من المباحث وجلس مع ماجد سامي ودرس معه الخطوات التي سيجري تنفيذها وفق خطة الشرطة وتحت إشرافها... بناء علي الخطة اتصل ماجد بالرجل تليفونيا وأخبره بأنه رئيس نادي ليرز وقال له إن مدير النادي أخبره عن حكاية تسهيل الأمور في المباريات.. وقاطعه الرجل بقوله إن هذه الأمور لا يتم الكلام فيها تليفونيا والتفاصيل يمكن مناقشتها في مقابلة وتم الاتفاق علي اجتماع تحدد وقته ومكانه في أحد الفنادق... في الموعد المحدد ذهب ماجد سامي وبرفقته شخص قدمه للرجل علي أنه مساعده وكل التفاصيل يناقشها معه لأنه مرتبط بموعد وغادر وتركهما.. وبدأ الكلام وقال الرجل إنه علي صلة بلاعبين في هذه الفرق وحدد أتعابه.. فقال له مساعد رئيس النادي وكيف أضمن أن لك اتفاقا مع هؤلاء اللاعبين؟ قال الرجل: الدفع بعد المباراة. قال المساعد: ربما يأتي الفوز بمجهودنا ولابد من دليل يؤكد اتفاقك مع اللاعبين. قال الرجل: سوف أجعل لاعبا قبل المباراة يؤدي حركة أو يقوم بإشارة سوف أخبرك بها قبل المباراة.. وتم الاتفاق.. وقبل المباراة اتصل الرجل بمساعد رئيس نادي ليرز وأخبره بأن اللاعب فلان لحظة نزوله الملعب سيقوم بإنزال الشراب عن رجله اليمني ويرفعه مرة أخري... وجاءت المباراة وبالفعل.. لحظة نزول اللاعب إلي الملعب قام بإنزال الشراب ورفعه وهي الإشارة المتفق عليها بما يشير إلي وجود اتفاق بين الرجل واللاعب وهذه الإشارة أكدت وبدأت المباراة وبعد بدايتها بقليل غادر الرجل الملعب علي أن يلتقي فيما بعد مع مساعد مدير النادي ليأخذ فلوسه.. وحدث وتم اللقاء لكنه لم يكن لتسليم الفلوس إنما للقبض علي الرجل لأن مساعد رئيس النادي لم يكن إلا رجل المباحث الذي وضع خطة القبض علي هذا الرجل... لم تكن واقعة أن المساعد هو نفسه ضابط مباحث هي المفاجأة في القضية... المفاجأة غير المتوقعة حملتها مكالمات تليفون الرجل التي حصلت المباحث علي إذن بالتنصت عليها... الرجل بعد تعهده بأن يخبر المساعد باللاعب الذي سيقوم بحركة معينة سوف يخبره بها قبل المباراة.. الرجل من سياق المكالمات التي تم تسجيلها له اتضح أنه لا يعرف لاعبا ولا يحزنون... الرجل اتصل بلاعب في الفريق الذي سيلاعب ليرز وقدم نفسه للاعب علي أنه صحفي ويقوم بحملة إنسانية لأجل علاج الأطفال المصابين بالسرطان وأن أفضل من يروج لهذه الحملة نجوم الكرة وأنه كصحفي يبحث عن النجوم الذين لهم عادات معينة يؤدونها دائما من باب التفاؤل قبل المباريات وأنه سيحكي حكاياتهم مع حركاتهم التي يؤدونها في إطار حملة مساعدة الأطفال المرضي.. وأخبره اللاعب بأنه تعود لحظة نزوله الملعب علي إنزال شرابه ورفعه... هذه المكالمة التي رصدتها الشرطة هي التي أنقذت اللاعب وهي التي أكدت أن الرجل نصاب ومحتال وإن كانت الشرطة تبحث بجدية إمكانية وجود فساد وتلاعب بعد أن اكتشفت من مراجعة سجل المكالمات التليفونية السابقة علي هذه الواقعة وجود مكالمات كثيرة للرجل مع لاعبين في أندية مختلفة... القضية مفتوحة وستبقي طالما الصراع قائم بين الخير والشر... شكرا للمهندس ماجد سامي وألف وكسة علي النصاب البلجيكي. وللحديث بقية مادام في العمر بقية [email protected] المزيد من مقالات ابراهيم حجازى