أثارت زيارة وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيله لمصر ولقائه كأول وزير خارجية غربي بالرئيس المنتخب محمد مرسي إهتماما غير عادي في المانيا . وإتفقت غالبية التعليقات هنا علي ان تصريحات فسترفيله من القاهرة وتجديد دعم حكومته للرئيس المنتخب ولمصرفي طريق التحول الديموقراطي.بل وتعهده بحشد الدعم الاوروبي لمصر ومساعدتها علي إسترجاع اموالها المهربة في المانيا, هي علامات مشجعة علي ان العلاقات الالمانية المصرية الوثيقة في عهد النظام المصري السابق ستستمر ايضا في عهد الرئيس الجديد. غير أن زيارة فيسترفيله في هذا التوقيت الذي إحتدم فيه الخلاف بين مؤسسة الرئاسة من جهة والمحكمة الدستورية والمجلس العسكري من جهة اخري اثارت هنا ايضا اسئلة عديدة حول الهدف الرئيسي منها: فهناك من المحللين الألمان من يري ان فيسترفيله إغتنم فرصة جديدة لتسليط الاضواء عليه وعلي السياسة الخارجية الألمانية خاصة وان الوزير كانت لديه تجربة ناجحة في ذلك عندما كان اول وزير غربي يزور مصر بعد ثورة يناير ويتجول في ميدان التحرير ويتلقي التحية وهتافات التأييد والثناء علي المانيا في مشهد يتذكره الالمان حتي اليوم ورسخ صورة المانيا كواحدة من اولي الدول الأوروبية دعما للثورة المصرية. وهناك من المحللين من يري في الزيارة ممارسة لتأثير ما علي مجريات الأمور في مصر او علي الأقل محاولة ذلك وهم يدللون علي ذلك بتصريحات فيسترفيله نفسه لإذاعة راديو المانيا اثناء وجوده في القاهرة حيث سئل عما إذا كان من المناسب ان يزور مصر في ظل صراع دائر علي السلطة فقال ان هذا هو افضل توقيت لأنه إذا ذهب إلي مصر بعد أن يكون قد حسم الأمر, ولربما في الإتجاه الخاطئ, فلن يكون للمرء تأثيرا. وقال ايضا نحن لسنا وسطاء في الخلاف بين المؤسسات المصرية ولكن مهم بالنسبة لنا ومن واقع إدراكنا لأهمية المسئولية تجاه مستقبل مصر أن نتوصل لحل للأزمة وألا يحدث فراغ ديموقراطي. وليس هناك تناقض في ان يكون هدف فسيتر فيلة من الزيارة تحقيق الإثنين معا أي الفرقعة الإعلامية وكذلك محاولة التاثير, لتسير الامور في الإتجاه الصحيح الذي اشار إليه الوزير, وهذا الإتجاه يعبر عنه الوزير بوضوح في تصريحات له خص بها الأهرام في برلين قبل أن يستقل الطائرة مباشرة متوجها للقاهرة حيث قال إن هدف الزيارة هو التعبير عن تقديري لخطوة تاريخية تحققت في مصر وهي إنتخاب رئيس باسلوب ديومقراطي, ولكن طريق تحقيق الديمقراطية في مصر لا يزال طويلا لذا سوف اطالب مجددا بتسليم السلطة سريعا لأياد مدنية ذات شرعية ديمقراطية.. كما أنه ليس هناك خريطة طريق ديمقراطية واضحة المعالم والتوقيتات في مصر, فلابد من وجود افق ديمقراطي بحيث يتم تشكيل حكومة مدنية وان تبدأ عملية شفافة لصياغة الدستور ولابد من تقوية المجتمع المدني في مصر.. وقال فسترفيله ان تصريحات الرئيس مرسي مشجعة وتشير إلي أنه يرغب في السير في طريق الديمقراطية. ولتحقيق ذلك يقول فيسترفيله يحتاج الرئيس الجديد إلي تأييد واسع من مختلف شرائح المجتمع لكي تصبح في النهاية العلامات المميزة لمصر الجديدة هي الديمقراطية ودولة القانون و التعددية والتسامح الديني والحفاظ علي الأمن الداخلي والخارجي. بوضوح اكثر ربما لم تعبر عنه عبارات الدعم الدبلوماسية والفضفاضة لفيسترفيله امام وسائل الإعلام في القاهرة فإنه يهدف بزيارته هذه دعم الرئيس المنتخب وتوجيه رسالة للقوي الديمقراطية في مصر بأن المانيا واوروبا والمجتمع الدولي يدعمها ويرغب في أن يسلم المجلس العسكري السلطة بالكامل ولكن بشكل منظم للرئيس المنتخب. كما يرغب فيسترفيله في توجيه رسالة لمن لا يدعمون الديمقراطية في مصر بأن المانيا والأتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي يتابعون ما يجري في مصر بإهتمام شديد وان هذه القوي تدعم فقط طريق الديمقراطية كما قال في تصريحاته للإذاعة الألمانية. ويبدو ان فيسترفيله تفاهم جيدا مع الرئيس مرسي الذي إلتقي به في بداية العام الحالي عندما كان لا يزال رئيسا لحزب الحرية والعدالة وصرح فيسترفيله لإذاعة المانيا انه مقتنع بأن مرسي سيلتزم بالإتفاقات الدولية لمصر وبأن مرسي يعلم ان التعددية, اي التسامح الديني مهم لمستقبل مصر. وكما هو واضح فإن دعم المانيا والإتحاد الاوروبي لمصر سواء كان إقتصاديا او سياسيا هو دعم مشروط, اهم شروطه إلتزام مصر بمعاهدة السلام مع إسرائيل او ما يصيغه فسترفيله بضرورة حفاظ مصر علي الأمن الخارجي. وكما سعت برلين للحصول علي تطمينات من المجلس العسكري في هذا الشأن من قبل سعي فيسترفيله الان في القاهرة للحصول علي تأكيد الرئيس الجديد إلتزامه بمعاهدة السلام نظرا لما تعلنه المانيا من إلتزامها الكامل بأمن إسرائيل. اما الشرط الآخر فهو ضمان مصر تحت قيادة مرسي للحريات الشخصية وحقوق الأقباط او ما يسميه فيستر فيلة الأمن الداخلي وفي موضع اخر التسامح الديني وفي موضع ثالث التعددية إلخ, وقد قالها فستر فيلة صراحة للأهرام في برلين قبل توجهه للقاء الرئيس مرسي: من الواضح ان دعمنا لمصر سيكون مرهونا بمدي التقدم علي الصعيد الديمقراطي وإرساء دولة القانون.. وفي هذه الحالة فإن المانيا ملتزمة بشراكة التحول المبرمة مع مصر وبدعم مصر الديمقراطية التعددية.