أخذ الرئيس مرسي الجميع علي غرة, وأصدر قراره بعودة مجلس الشعب المنحل من العدم, رغم إقرار الجميع بصحة بطلان المجلس بما في ذلك القرار الجمهوري الذي أصدره الرئيس المنتخب. وجعل عودة المجلس مؤقتة الي حين الانتهاء من الاستفتاء علي الدستور وانتخاب مجلس نيابي جديد في غضون 60 يوما, ولان الرئيس مرسي لم يقدم آي حيثيات واضحة لصحة قراره, تتضارب الآراء حول البواعث التي دفعته الي اصدار القرار, وهل يدخل ضمنها تصميمه علي ان يمارس جميع سلطاته دون نقصان رغم الاعلان الدستوري المكمل, ام انه استهدف ارضاء غالبية اعضاء المجلس التي تنتمي الي جماعة الاخوان المسلمين وحلفائها من التيار السلفي, ام ان الموضوع برمته جزء من صراع السلطة بين الرئيس المنتخب والمجلس العسكري الذي لا يزال يحتفظ بالسلطة التشريعية, خاصة ان كل التشريعات التي يمكن ان تصدر عن المجلس بعد عودته سوف تكون عرضة للبطلان لصدورها عن مجلس محكوم عليه بالبطلان, صدر بحقه حكم من الدستورية العليا يؤكد في اسبابه ان المجلس منعدم الوجود منذ انتخابه, ويلزم جميع السلطات بتنفيذ الحكم بمجرد نشره في الصحيفة الرسمية ودون حاجة الي أي اجراءات تنفيذية, بما في ذلك قرار المجلس العسكري بحل المجلس الذي يعتبره القانونيون تزيدا لا مبرر له! وما يزيد من غرابة الموقف وصعوبته ان قرار الرئيس مرسي بعودة المجلس سوف يتم الطعن عليه امام المحكمة الادارية العليا باعتباره عدوانا علي السلطة القضائية واخلالا باليمين الدستورية التي اداها الرئيس المنتخب امام المحكمة الدستورية معلنا التزامه بحكم الدستور والقانون, ومع ان غالبية فقهاء القانون الدستوري تؤكد بطلان قرار رئيس الجمهورية بعودة المجلس الي حد مطالبة بعضهم بمنع النواب من دخول المجلس علي حين تؤكد قلة من الفقهاء ان قرار الرئيس مرسي يدخل ضمن اختصاصات الرئيس لأنه يختصم قرار المجلس العسكري ولا شأن له بحكم الدستورية العليا, إلا ان الامر المؤكد ان قرار الرئيس مرسي ياخذ مصر الي سياق جد مختلف يمكن ان يدخلها في متاهة جديدة او غيبوبة دستورية وصراع بين السلطات كما عبر الدكتور البرادعي, فضلا عن الاثر المباشر للقرار علي السلطة القضائية, التي يري غالبيتها ان قرار الرئيس مرسي يمثل صفعة للسلطة القضائية بما في ذلك المحكمة الدستورية العليا! وربما يكون الوقت مبكرا للتكهن بالآثار المحتملة لهذا القرار علي باقي السطات, لكن الجميع يأمل في ان ينتصر العقل ويتم حصار الخلاف قبل ان تستفحل آثاره لان مصر تحتاج في هذه المرحلة الي لم الشمل وليس تعزيز حالة الاستقطاب الراهن بين انصار الدولة الدينية والدولة المدنية. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد