أحدث تحويل القبلة من المسجد الأقصى بالقدس الى الكعبة دويا كبيرا ارتد على اثره البعض من الاسلام الى اليهودية. وذهب زعماء اليهود وعلى رأسهم كعب بن الاشرف والربيع بن ابى الحقيق ورفاعة بن قيس الى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وقالوا له: يا محمد ماولاك عن قبلتك (القدس) التى كنت عليها وأنت تزعم انك على ملة إبراهيم ودينه؟! ارجع الى قبلتك التى كنت عليها نتبعك ونصدقك! قالوا هذا رغم عملهم بنزول قوله تعالي: «سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التى كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم» صدق الله العظيم فلو امتنع اليهود عن قولهم (ماولاهم عن قبلتهم) لشككوا فى مصداقية رسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .. وكرروا ما ذكره الله على لسانهم قبل ان ينطقوه!! وقد تكرر لفظ (السفهاء) فى القرآن الكريم (5 مرات) مرة موعظة ونهى «ولا تؤتوا السفهاء اموالكم» و4 مرات لوصف اشخاص وقد استحوذ اليهود على نسبة 50% منها.. فقد تكرر وصفهم بها مرتان، الأولى على لسان نبيهم سيدنا موسى عليه السلام مناجيا ربه بعد ما لاقاه من ظلم وجحود بنى اسرائيل «اتهلكنا بما فعل السفهاء منا».. والثانية فى وصف الله لهم بعد تحويل القبلة «سيقول السفهاء من الناس ماولاهم عن قبلتهم» ومرتان فى آية واحدة لوصف مشركى مكة «قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون» صدق الله العظيم كشف الله تعالى سرا خطيرا فى التوراة اخفاه أحبار اليهود وعلى رأسهم حيى بن أخطب عن نبى آخر الزمان الذى سيتخذ المسجد الاقصى قبلة فى أول الأمر ثم يتحول إلى الكعبة.. وكتبوا بأيديهم غيره وحلفوا أنه من عند الله حتى لا يفقدوا المال والطعام الذى يصلهم من اتباعهم فنزل قوله تعالي: «إن الذين يشترون بعهد الله وإيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم فى الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر اليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم» صدق الله العظيم. والغريب ان اليهود اعترفت فى هذه الواقعة (تحويل القبلة) بحتمية ظهور خاتم الرسل فقد قالو: ايا محمد ما هو إلا شئ ابتدعته من تلقاء نفسك فتارة تصلى إلى بيت المقدس وتارة الى الكعبة ولو ثبت على قبلتنا لكنا نرجو ان تكون (صاحبنا) الذى ننتظره فأنزل الله تعالي: «الذين اتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون ابناءهم وان فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون» صدق الله العظيم، والمقصود انه يعرفون سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بصفاته وشكله وامر القبلة وتحويلها كما هو مكتوب عندهم ولكنهم يكتمون ذلك. وشهد شاهد منهم على ذلك فعندما ذهب سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه إلى عبدالله بن سلام (أعظم أحبار اليهود الذى أسلم) وقال له: ان الله انزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم «الذين أتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون ابناءهم» فكيف هذه المعرفة؟.. فقال عبدالله بن سلام ياعمر لقد عرفته حين رأيته كما اعرف ابنى ومعرفتى بمحمد اشد من معرفتى بابني.. فقال عمر وكيف ذلك فقال: اشهد انه رسول الله حق من الله وقد نعته الله فى كتابنا ولا ادرى ما تصنع النساء.. فقبل عمر رأسه وقال وفقك الله يا ابن سلام فقد صدقت. وإمعانا فى الكيد للمسلمين قال المشركين والسفهاء من أهل الكتاب ارتد محمد إلى الكعبة وغدا يرتد الى دين آبائه.. وذهب حيى بن أخطب وأصحابه من اليهود إلى المسلمين بعد تحويل القبلة وقالوا: أخبرونا عن صلاتكم إلى بيت المقدس إن كانت على هدى فقد تحولتم عنه وان كانت على ضلالة فقد دنتم (عبدتم) الله بها مرة ومن مات عليها فقد مات على ضلالة.. فانطلق الناس مفزوعين الى النبى يسألونه عن هذا فأنزل الله تعالى «ما كان الله ليضيع ايمانكم» وتعنى صلاتكم السابقة.. وقوله تعالى «قل لله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله» صدق الله العظيم. والبداية كانت عندما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم لسيدنا جبريل عليه السلام: اسأل الله ان يحولنى إلى الكعبة فإنها قبلة ابى ابراهيم.. فقال له سيدنا جبريل: انما انا عبد مثلك وانت كريم على ربك فسل انت ربك فإنك عند الله بمكان. ظل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ينظر الى السماء ويدعو الله تعالى ان تكون الكعبة قبلتهم لأنهم ظلوا يتجهون الى المسجد الاقصى (أولى القبلتين) لمدة 17 شهرا تقريبا بعد الهجرة إلى المدينة. وفى النصف من شعبان بينما كان النبى صلى الله عليه وسلم يصلى بالمسلمين العصر تجاه الأقصى فى مسجد بنى سلمة، نزل الامر الالهى بتحويل القبلة فى اثناء الصلاة فتحول النبى ومعه المسلمين من الاقصى الى الكعبة وسمى المسجد بذى القبلتين.. امتثالا لقوله تعالي: «قد نرى تقلب وجهك فى السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام» صدق الله العظيم والحكمة من الاتجاه الى المسجد الاقصى ثم الاتجاه الى الكعبة تبلورت فى رحلة الاسراء والإعراج.. فقد بدأت من الكعبة الى المسجد الاقصى أرض الأنبياء والرسل السابقين حيث صلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بكل الانبياء والمرسلين إماما حيث بعث كل رسول الى قوم بعينهم بينما سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ارسل للناس كافة والجنة اجمعين بعد ان كان لهم رسل من الجن.. وعرج به صلى الله عليه وسلم الى السماء ثم عاد إلى الكعبة فى النهاية. وايضا لتأكيد وسطية الاسلام والمسلمين ليكونوا شهدا على الناس يوم القيامة ويكون المصطفى صلى الله عليه وسلم شهيدا مصداقا لقوله تعالي: «وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا». صدق الله العظيم