تشكو بعض الأمهات أن ابنها منبوذ من رفاقه، يحجمون عن اللعب معه ويرفضون مشاركته فى ألعابهم الجماعية ويتجنبون الحديث معه إذا تحدثوا فيما بينهم، وعلى العكس تماما تجد طفلا آخر يمتلك سحر الشخصية «كاريزما» فيلتف الأطفال حوله دائما ولا تحلو لعبة جماعية إلا بعد دعوته للاشتراك فيها.. ما الذى يشكل طفلا منبوذا وآخر جذاب الشخصية.. ومن المسئول عن تكوين تلك الشخصية هل المجتمع أم البيئة أم الاسرة؟.. تجيب د.هبة عيسوى أستاذ علم نفس بكلية طب عين شمس أنه يجب الأخذ فى الاعتبار عدم تعرض الطفل للاضطهاد فى المدرسة أو الأسرة قبل وصفه بأنه منبوذ، لأن الطفل المنبوذ ليس لديه القدرة على تكوين صداقة بينه وبين أقرانه سواء فى المدرسة أو النادى، وقد يقتصر على صديق واحد فى مثل عمره، ومن حق الأم أن تقلق إذا لاحظت أن طفلها لم يستطع تكوين أصدقاء من بداية مرحلة الحضانة. ولذا تنصح الأم بأن تكون صبورة وتكف عن الإلحاح فى سؤال ابنها عن عدد أصدقائه وما يحدث بينهم وعدم توجيه النقد الدائم لسلوكه مع أصدقائه، لأن استمرارها فى ذلك قد يؤدى إلى زيادة المشكلة لديه، خاصة إذا كان ابنها ذا شخصية حساسة فيزداد شعوره بأنه منبوذ من أصدقائه ويؤدى ذلك إلى فقدان ثقته بنفسه تدريجيا، ويتملكه إحساس بالخوف من النقد من الآخرين فتزيد المشكلة ويفضل الانعزال عن المحيطين به، وعند بلوغه سن المراهقة قد يصاب بالاكتئاب والانطوائية. ولذا تشجع د.هبة الأم على إكساب ابنها الثقة فى نفسه وذلك من خلال الاهتمام بنظافته الشخصية، وعدم المبالغة فى المظاهر بارتدائه الملابس غير المناسبة لطبيعة المكان. ومن الأخطاء الشائعة بين الأمهات امتلاك أطفالهن «موبايل» لا يتناسب مع طبيعة مرحلتهم العمرية، أو المصروف الذى يتجاوز الاحتياجات الأساسية للطفل، إنما يجب الاعتدال فى المعاملة والمصروف حتى لا يشعر أصدقاؤه بأنه يتعالى عليهم. ولا يمكن تجاهل دور الأم فى تنمية روح المبادرة لابنها من خلال الاتفاق مع إدارة المدرسة بالسماح له بتوزيع بعض البسكويت أو العصائر لمساعدته فى تكوين أصدقاء، وعلى الأم تخصيص وقت للتحدث إلى طفلها لتشجعه على التحدث إليها ومشاركته فى جميع تفاصيل حياته اليومية. وكذلك يمكن للأم إقامة حفلة ودعوة طفل واحد حتى يشعر بأنه محبوب وبعد ذلك عندما تقوى علاقته مع هذا الطفل تزيد عدد الأطفال الذين يختلط بهم ابنها حتى يستطيع تكوين صداقة وروابط اجتماعية دون توتر أو خجل. ولتميز ابنك فى هذه المرحلة دور مهم، حيث إن الأطفال يسعون للتعرف على الطفل المميز، ولذا يجب على الأم إشراك ابنها فى الأنشطة المدرسية كإلاذاعة والموسيقى، خاصة الرحلات المدرسية التى تشجع على التكيف والاندماج وتكوين صداقات والتعاون مع زملائه من خلال المرح والمتعة واللعب، بالإضافة إلى تشجيعه على ممارسة الأنشطة الرياضية التى تنمى روح الجماعة والمنافسة مثل كرة القدم أو السلة والكاراتيه. وأخيرا إذا اتبعت الأم جميع النصائح السابقة ومازال ابنها يشعر بأنه منبوذ يجب استشارة المتخصص الذى يقوم بتهيئة الطفل سلوكيا من خلال التخاطب ومخارج الحروف ومتابعة سلوكه فى المواقف المتعددة ليستطيع تحديد أسلوب العلاج الأمثل له والبعد عن الإهانة الجسدية والإهمال العاطفى لهذا الطفل، مؤكدة أن إهمال هذه المشكلة ينتج عنها شاب منطوى غير سوى لا يستطيع مواجهة تحديات الحياة.
