ترجع المصادر التاريخية ازدهار العلاقات الإسرائيلية الأفريقية الى بداية الخمسينيات حيث شهدت هذه العلاقات ربيعها، واستغلت اسرائيل حداثة استقلال بعض الدول الأفريقية وحاجتها إلى المساعدات المالية والعلمية لتمد تلك الدول بالخبرة الفنية والعلمية وتزودها بالتكنولوجيا المتطورة التى كانت تفتقدها القارة، وتقدم اسرائيل هذه الخبرة بموجب اتفاقيات تسمى باتفاقيات التعاون الفنى. ............................................................ وتكريس فكرة التفوق التكنولوجى والعلمى لاسرائيل وكشف مدى العجز العربى عن تقديم المعونات الفنية وإمداد القارة الأفريقية باحتياجتها التقنية هو أحد اساليب اسرائيل فى التغلغل داخل أفريقيا، فهى تخطط لتنفيذ المشاريع والاتفاقيات مع الدول الأفريقية وتعد دورات تدريبية خاصة للأفارقة فى اسرائيل، وتقدم المنح الدراسية للأفارقة، وتنظم الدورات للقيادات الشعبية والعمالية لتعزيز العلاقات بين المنظمات العمالية اليهودية والإسرائيلية والمنظمات الأفريقية. وتشير الاحصاءات التى نشرها مركز التعاون الدولى التابع لوزارة الخارجية الاسرائيلية إلى أن عدد الأفارقة الذين تلقوا تدريبهم فى اسرائيل نحو (24636) أفريقيا منذ قيام دولة اسرائيل وحتى عام 2007. وجاء على لسان «يهوذا باز» مدير المعهد الآسيوى الأفريقى التابع للهستدروت أن هناك ثلاثة رؤساء حكومة وأربعين وزيرا ومائة وخمسين من أعضاء البرلمانات ومائة محاضر، وأربعمائة من مديرى التعاونيات، وثلاثمائة وخمسين من رؤساء النقابات العمالية، وسبعة وثلاثين من أمناء الاتحادات الثقافية فى أفريقيا ممن درسوا فى اسرائيل وأصبحوا من أكثر المؤيدين لها. الأداة الثقافية وتستخدم اسرائيل أساليب متنوعة فى سبيل التغلغل داخل القارة ،من ضمنها أكذوبة «التاريخ المشترك»، الاستقطاب بالتعاطف الأفريقي، فالإسرائيليون يحاولون أن يقنعوا الأفارقة أن كلا من مجتمعهما– الأفريقى والاسرائيلى قد عانيا من الاضطهاد التاريخي، فاليهود عانوا من الاضطهاد إبان الحرب العالمية الثانية، على يد هتلر وبالمثل تعرضت الشعوب الأفريقية لسياسات عنصرية ومراحل قهر واستعمار ونهب للثروات، ولذلك تسعى اسرائيل لاجتذاب الدول الأفريقية إليها من خلال إبراز العوامل والقواعد المشتركة . فعلى سبيل المثال، لعب الإسرائيليون على الوتر التاريخى لتعزيزعلاقاتهم بإثيوبيا، من خلال الزعم بأن العلاقات الإسرائيلية- الإثيوبية ترجع إلى عصر ملكة سبأ «بلقيس» التى جاءت إلى النبى سليمان عليه السلام إلى القدس، وبعد زواجهما ولدت «منليك الأول» الذى هو أحد أجداد الإمبراطور هيلاسلاسى، وتحاول اسرائيل تدعيم ذلك الزيف التاريخى بمقولة «هيلاسلاسي» الذى اعتبر نفسه «أسد يهودا». وأنشأت إسرائيل العديد من المراكز التدريبية الخاصة بأفريقيا، كما تقوم على الدوام بإعادة تقويم هذه المراكز وتطويرها ومنها: - مركز «جبل كارمن» فى مدينة حيفا الذى ينظم حلقات دراسية للمرأة الأفريقية فى ميدان التنمية.- مركز «دراسة الاستيطان» الذى يوفر تدريبات فى البحوث الزراعية والتخطيط الإقليمي. - المركز الزراعى الذى يوفر الخبراء والمساعدات الفنية لتعظيم استخدام الموارد المتاحة - قسم «التدريب الأجنبي» الذى يهتم بقضايا التنمية الأفريقية. - المعهد الأفروآسيوي، وهو معهد يقوم بنشاط كبير فى ميدان التدريب للدارسين من أفريقيا. - معهد الدراسات الأفريقية بحيفا وقام بدور تدريبى عال للطلاب الأفارقة من خلال المنح الدراسية. - معهد «وايزمان» للعلوم. - اتحاد نقابات العمال الاسرائيلى «الهستدروت» وهو أقوى تنظيم داخل اسرائيل سياسيا وذو نشاط تعليمى وزراعى واقتصادى، وتربطه بالاتحاد الدولى الحر للعمال علاقة وثيقة. - الجامعة العبرية (تأسست 1918 ودشنها لورد بلفور 1925) ويتلقى فيها الطلبة الاجانب دروسا علمية وسياسية وطبية ،وبدأت الجامعة عام 1966 أول دورة فى الإدارة القانونية داخل المحاكم الأفريقية. فضلا عن قدرة اسرائيل على استجلاب وفود من النخب والمثقفين والسياح الافارقة إلى إسرائيل واعطائهم ندوات وورش عمل ورحلات سياحية وإلحاقهم فى الجامعات الإسرائيلية. وأما وجود منح إسرائيلية لدراسة التاريخ القديم واللغة العبرية تعنى أنه كان هناك مخطط إسرائيلى لتشويه التاريخ القديم فى أفريقيا، وذلك عن طريق محو أصول العلاقات العربية الأفريقية عبر العصور، والرغبة فى تأليف تاريخ غير حقيقى يربط اليهود بالأفارقة عبر العصور القديمة. كانت اسرائيل قد طرحت رسميا منذ يونيو 2002م أمام لجنة التراث العالمى باليونسكو «مشروع الأخدود الأفريقى العظيم» وهو مشروع يهدف فى ظاهره إلى التعاون الثقافى بين الدول التى تشكل الأخدود الممتد من وادى الأردن حتى جنوب أفريقيا، أما فى الجوهر فإن اسرائيل تهدف إلى الظهور بمظهر ثقافى تقدمى من أجل استمرار اختراقها لأفريقيا بوسائل متجددة لتطويق العالم العربى من جانب ووضع قضية القدس فى إطار ثقافى جغرافى يبعدها عن الصراع السياسى الدائر مع الفلسطينيين والعالم العربى .