في كاس العالم عام 2006 فوجئ العرب - وليس العالم بجون ميتشيل لاعب غانا وهويخرج علم إسرائيل من تحت ملابسه ويطوف به الملعب تعبيرا عن فرحته بتسجيل هدف غاني في مرمي تشيكيا.ميتشيل كان واحد من مئات النجوم التي تفرخهم مدارس كرة القدم التي تبنيها وتمولها إسرائيل كأحد أدوات التغلغل في هذه الدولة. وإذا عدنا للوراء، وبالتحديد في شهر نوفمبر عام 1960 قال الرئيس التنزاني جوليوس نيريري:"إن إسرائيل بلد صغير ولكنها يمكنها أن تفيد كثيرا بلدا كبلادي، ويمكننا أن نتعلم منها كثيرا، لأن مشاكلنا في تنزانيا تشبه مشاكل إسرائيل ". كانت تنزانيا أوزنجبار سابقا أرض عربية إسلامية مكونة من جزيرتين رئيسيتين هما زنجبار وبمبا، وتبعد هذه الأرض مسافة 25 ميلاً عن شاطئ إفريقيا الشرقي. وكانت تحت الحكم الاستعماري البريطاني زمناً طويلاً إلي أن استقلت في العاشر من ديسمبر سنة 1963 . وعندها شرعت الأفعي اليهودية في نفث سمومها وتدبير مؤامراتها، فاهتدت إلي نيريري للقضاء علي الدولة المسلمة الفتية، ورصدت إسرائيل الأموال اللازمة ووزعتها بسخاء علي نيريري ووزير خارجيته اوسكار كامبونا وعدد من الضباط اليهود الذين يخدمون في بلاط نيريري . وفي يوم الأحد الثاني عشر من يناير عام 1964 دبر عملاء إسرائيل بمساعدة جوليوس نيريري وضباطه من اليهود عملية ذبح العرب المسلمين في الجزيرة، وفوجئ بالهجوم الوحشي الغادر علي المنازل والشوارع والمتاجر، وكانت الأوامر صريحة تقضي بقتل كل عربي مسلم، فلم ينقض ذلك اليوم الأسود إلا بذبح أكثر من خمسة عشر ألف مسلم دون تمييز بين الأطفال والنساء والشيوخ . قصة إسرائيل في أفريقيا طويلة ومحزنة . فمنذ أواخر القرن التاسع عشر، والقارة الأفريقية جزءا لا يتجزأ من مشروع الحركة الصهيونية . وقد اتضح ذلك بجلاء منذ المؤتمر الصهيوني الأول الذي عقد بمدينة " بازل " بسويسرا في التاسع والعشرين من أغسطس عام 1897 برئاسة مؤسس الحركة تيودور هرتزل . في هذا المؤتمر تم تحديد بعض المناطق الأفريقية كأراضي بديلة لتوطين اليهود حتي الانتقال لفلسطين الهدف الأكبر، وكان شرق أفريقيا الذي ينتشر فيه الإسلام علي رأس المناطق المستهدفة . وقد ركز هيرتزل ومتآمروه علي أوغندا وكينيا والكونغووزائير وموزمبيق كوطن بديل لليهود كما تمت مخاطبة اللورد كرومر المندوب السامي البريطاني في مصر مسؤول المستعمرات البريطانية، في عام 1903 لإقامة وطن قومي لليهود في السودان ، وكان السودان مستعمرة بريطانية في ذلك الحين .. في مؤتمر بازل أيضا بحث المؤتمرون المتآمرون أيضا تامين مياه الدولة اليهودية التي ستقام علي أرض فلسطين، وبدأ هرتزل مفاوضات في سنة 1903مع الحكومة البريطانية ومع المندوب السامي في مصر اللورد كرومر في عهد الملكة فيكتوريا ووزير خارجيتها اللورد آرثر بلفور صاحب الوعد المشؤوم، من أجل توطين يهود العالم في شبه سيناء توطئة للاستيلاء علي فلسطين واستغلال مياه سيناء الجوفية ومن بعدها مياه نهر النيل بالأساس، حيث وافقت حكومة الاستعمار البريطانية في ذلك الوقت علي ذلك شريطة تنفيذها بسرية تامة . وبذلك وضع زعماء الحركة الصهيونية قضية المياه في المقام الأول حينما رفعوا شعار (من نهر الفرات إلي نهر النيل أرضك يا إسرائيل). وكان البريطاني كرومر عميلا لليهود، ورأس حربتهم فيما يحيكونه من مؤامرات شيطانية تستهدف تمزيق وحدة العالمين العربي والإسلامي، كما يظهر من كتابه " مصر الحديثة " وكانت الحجة حماية المصالح الغربية، التي استطاعت الصهيونية إقناع الغرب بأنها ستكون هي الأمينة عليها في القارة السمراء، وبالطبع بالمقابل ستكون مصر في النهاية الجائزة الكبري بالنسبة لليهود . هكذا كان ولا يزال المخطط . ومنذ ذلك الحين وأصبحت أعين اليهود علي القارة الأفريقية، وتحولت الصهيونية كفكر وكتطبيق إلي ورم سرطاني يتغلغل في القارة السمراء .ويكفي انني عندما أرسلتني " الأخبار " لتغطية سقوط نظام رئيس الكونغوالأسبق موبوتوسي سيسيكوفي التسعينيات، سرت بالسيارة لمدة طويلة حول سور سفارة إسرائيل هناك في العاصمة كينشاسا، وعرفت انها أكبر سفارة لأي دولة في دولة أخري في العالم، ثم اكتشفت أنها مركز نشاط جهاز الموساد الإسرائيلي في أفريقيا . ولم يكن اختيار الكونغوسوي لأنها إحدي دول حوض النيل، كما يفسر ذلك تركيز إسرائيل علي شرق أفريقيا خاصة السودان وأثيوبيا .. كما يجدر بنا أن نشير هنا إلي أن 48 ٪ من بعثات إسرائيل الدبلوماسية الإسرائيلية في العالم في أفريقيا وحدها. ومنذ بداية هذا القرن، شهدت القارة الأفريقية وبالتحديد شرق أفريقيا وأثيوبيا والسودان بصفة خاصة المزيد من التغلغل عبر استراتيجيات جديدة تتجاوز القديمة منها كالمساعدات الاقتصادية والعسكرية أي انها تحولت من التعاون إلي التحالف . وكان من ذلك طرح إسرائيل في يونيوعام 2002 أمام لجنة التراث العالمي باليونيسكو"مشروع الأخدود الأفريقي العظيم"، وهومشروع يهدف في ظاهره إلي التعاون الثقافي بين الدول التي تشكل الأخدود الممتد من وادي الأردن حتي جنوب أفريقيا، ولكنه في جوهره يهدف إلي إيجاد مدخل جديد لاختراق أفريقيا بوسائل جديدة لتطويق العالم العربي. ومن هذه الوسائل دعم المجتمع المدني ومكافحة الإيدز لكسب قلوب وعقول الشعوب الأفريقية. كما تستغل إسرائيل حقيقة كون قارة أفريقيا ترزح تحت وطأة الفقر والتخلف، فترفع شعار الدولة "الصديقة" ذات السمات الخاصة التي مكنتها من الانعتاق من الاضطهاد وتحقيق التنمية بما يؤهلها لقيادة "نموذج" يصلح الاقتداء به للدول الأفريقية التي تشارك إسرائيل في كونها دولا نامية تعاني "القهر والاضطهاد" وهذا ما فعلته إسرائيل في أثيوبيا بالضبط علي طريقة " لماذا لا تبني سدا ونحن نساعدك". ومن الوسائل الجديدة أيضا دعم الحركات الانفصالية كما في السودان وانتهت بانفصال الشمال عن الجنوب . وجرت محاولة تالية لفصل دارفور عن السودان، ولم يكتب لها حتي الآن النجاح . ويكفي أن العالم لم يسمع عن دارفور إلا عندما خرجت قيادات اللوبي اليهودي في أمريكا يتقدمون مظاهرة ضخمة في شوارع نيويورك تطالب بالتدخل ل " إنقاذ حقوق الإنسان " هناك . ومن وقتها بدأ عزف الإعلام الغربي بتحريض يهودي في هذا الاتجاه.. كما أنشأت إسرائيل العديد من المراكز التدريبية الخاصة بأفريقيا، كمركز "جبل كارمن" في مدينة حيفا الذي ينظم حلقات دراسية للمرأة الأفريقية في ميدان التنمية، ومركز "دراسة الاستيطان" الذي يوفر تدريبات في البحوث الزراعية والتخطيط الإقليمي.، والمركز الزراعي الذي يوفر الخبراء والمساعدات الفنية لتعظيم استخدام الموارد المتاحة، وقسم "التدريب الأجنبي" الذي يهتم بقضايا التنمية الأفريقية، والمعهد الأفروآسيوي" للهستدروت الذي يهتم بأنشطة الاتحادات العمالية.. بالإضافة إلي ترسيخ إسرائيل لصورتها لدي أنظمة الحكم الأفريقية كمرجعية مهمة لهم في مجال الاستخبارات والتدريب العسكري. هذه أدوات إسائيل للسيطرة علي القارة والسؤال: أين أدواتنا نحن؟! :