نحن الآن في حضرة نجم اكتمل نموه ونضجه الفني ..نحن ألآن بصحبة ورفقة «مولانا» ..القطب في عالم الفن ..والمتعبد الزاهد في شهرة ومجد..الثائر بغير ثورة . .والمناضل لصالح قضايا بلده دون هدف شخصي ..والمدرك لقيمة فنه واهميتة في إيقاظ امة ماتت وشبعت موتا ...الحديث مع النجم عمرو سعد ليس تقليديا، فمن يعرفه يعلم إن الحوار معه قد يمتد إلي ساعات بثبات فكري ورؤية واضحة لما يحمل من ذكاء فني وإدراك متزن للتشابكات بين الفن والسياسة والإعلام والسينما قبل أيام أجريت وزميلي سعد سلطان حوارا امتد لساعات مع الموهوب عمرو سعد وكان يومها في كامل لياقته الفكرية، فرغم إننا أردنا الحديث عن الممثل كعنوان كبير للحوار إلا انه فرض علينا الدخول في مناطق خطرة وأخري متشابكة.. فيلم «مولانا» بكل قضاياه التي أثارت الجدل والنقاش وأيضا الإقبال الجماهيري وقعت كل أحماله الثقيلة علي عاتق النجم الشاب عمرو سعد .. ولذا وحده قاد الفيلم إلي النجاح ..ووحده الذي اجمع على أدائه نقاد ومجلات عالمية متخصصة في الفن السينمائي .. ووحده اخرج الفيلم إلي البساطة و البهجة والبسمة والضحكة والتي كانت أحيانا تخرج من الجمهور عالية, ولهذا كان التصفيق في النهاية بمثابة رد اعتبار لنجم ظلم كثيرا ولم يلتقطه صناع السينما فأهدروا من عمره سنوات كانت كفيلة أن يقدم خلالها إعمالا تصقله فنيا وتبهج جمهورا محبا ومريدا لمولانا الفنان . وإلى الحوار.. على أي مبرر فني استندت حينما قررت أداء شخصية الداعية الشيخ حاتم وأنت تعلم مسبقا أن «مولانا» رواية ليست جماهيرية.. وبطلها «داعية» ليس جاذبا لشباك التذاكر؟ احرص كل يوم جمعة على مقابلة أصدقاء المدرسة والشارع في «منطقة النعام بحلمية الزيتون» رغبة في التواصل والتماس مع الشخصيات والبشر ..شغلني إن «الدين» هو مالك البال والفكر لدي الجميع, خصوصا فى الأعوام الثلاثة الماضية..وأدركت وقتها إننا جميعا في حاجة لفهم الدين ..فعدم الفهم هو أساس كل المشاكل ..حتى إننا نربى أولادنا على فكرة الجائزة فنقول مثلا «ذاكر عشان تبقى دكتور أو مهندس» كما نعيش حياتنا طمعا في الآخرة وجنتها ..حدث إن حكي لي السباك حينما كنت مهندسا للديكور انه أعطى صوته للإخوان في الانتخابات عشان زى ماقال بالضبط «خايف من ربنا» اذن نحن مجتمع خائف «عايز الجنة».. والمجتمع الخائف لا يصنع حضارة .. هذا الإشغال الذهنى المستمر لقضية الدين بفعل الاصدقاء والمعارف والناس والشارع كان دافعا مستمرا لقول كلمة فنية فاصلة . لا يمكن ان تكون رواية تتصادم مع المؤسسات الدينية بعنف وترمى بها كل بلاء ..وتطعن اجهزة امنية جهارا وتطرح قضايا السنة والشيعة والتنصير والتفجير ويراهن على نجاحها سينمائيا.؟؟ اعتذرت عن هذا الفيلم مرتين ..أولا لأن الرواية صادمة فعلا وبها حقائق يصعب ان تمررها سينمائيا للرأى العام والكتابة الأولى للفيلم كانت مخيفة، وشعرت وقتها اننا سنضع انفسنا امام مواجهة كبيرة مع المجتمع، وبعد مناقشات طويلة وعديدة مع المؤلف والمخرج تم اختصار العديد من الصدامات القوية، وكان رأيي اننا نصنع فيلما عن «المحبة» اذن فنحن نحتاج الى الجمهور لكى نبلغه محبتنا «وقسما بالله العظيم لم يهمنى فشل او نجاح، اردت فقط ان تصل رسالة آمنت بها وباحساس المسئولية وبالضمير المهني «وعشان الناس اللى بأقعد معاهم..» كان واضحا وجود معايشة سابقة لواقع الفيلم قد مررت بها وبتعبيرك «اشتغلت على الشخصية»..ولكن صوت المؤلف كان عاليا وغالبا ....بمعنى اوضح كأن ابراهيم عيسى يتحدث تليفزيونيا ؟ حضور إبراهيم عيسى ككاتب ومفكر فى فيلم «زى ده» ضرورة ولكن الفيلم اعقد بكثير .. ولا تستطيع فى هذا الفيلم ان تفصل الممثل عن المؤلف والمخرج صاحب الرؤية.. الشيخ حاتم رمى الميكروفونات على الارض فى نهاية الفيلم .. «لأن الشخصية كان لازم تعمل كده » وهذا المشهد لم يكن فى السيناريو وحينما انتهيت سألت المخرج نصور تانى .. رفض الإعادة واكتفى بلحظة حقيقة لم يكن متفقا عليها .. الاندماج مع الشخصية يجعلك تضيف جملا للحوار والافيهات كانت بفعل معايشتى المشايخ لفترة قبل الفيلم وأنا أرى أن إبراهيم عيسى له فكر إنسانى محترم وجديد فى الخطاب الدينى وهو مهتم بنشره عن طريق التليفزيون ولكن حدث تحول فى حياته المهنية وقام بنقل فكره فى فيلم لأن السينما الأكثر تأثيرا. هناك اجماع على ادائك فى هذا الفيلم من قبل نقاد عالميين ومحليين وكأنك اردت ان تقفل الدور.. يعنى محدش هييجى بعدك يعمل دور الشيخ.. بهذا التألق.. ولكن ظلالا من الشكوك تفرض نفسها حول صناع الفيلم فابراهيم عيسى «المؤلف» له قضاياه التى تشغله.. ومجدى احمد على المخرج معروف بصدامه المتكرر مع المؤسسات الدينية؟ هذا سؤال مهم.. فى مصر عندنا مشكلة كبيرة تخص طبقة المثقفين والنخبة والاعلاميين .. فهى تمارس سلطة المعرفة وتمسك لوحدها من خلال مؤسساتها بتقرير من هو الممثل الجيد ومن ليس كذلك .. وفى احيان تلتقى مع الجمهور وفى الغالب لا تلتقى ..هذا لان طبقة المثقفين وعلاقتها بالناس وشرائح المجتمع ضعيفة .. فالنتيجة لهذه المشكلة ان جهودا كبيرة منى ومن غيرى يتم تجاهلها عمدا.. هذا الفيلم اكتشفت من خلاله نفسا وروحا جديدة بداخلى.. ولكن حوارات اخرى ليس لها علاقة بالفيلم واهدافه الداعية للمحبة والتصالح وتشجيع الموهوب يتم اثارتها..!! نحن كمجتمع نحتاج ان نشجع انفسنا جدا وان نكون كرماء فى الرهان على مستقبل اى شاب فحينما تشاور سى ان ان ومجلة فارايتى ومجلات اخرى شهيرة عالميا لها علاقة بالسينما على دورى فى الفيلم وانا مجرد ممثل فى دول العالم الثالث هذا معناه انهم يكتبون دون قيود .. دون سلطات ذهنية وتصورات مسبقة وشكوك لا محل لها من الاعراب.. حينما كان عددنا 30 مليونا كنا نملك عظماء فى كل المجالات وبعدد وفير نحن الان 100 مليون ولا نملك روادا .. والاجابة ببساطة اننا لم نعد نشجع الموهوبين ونغلق امامهم كل الابواب .. ولكنك لست مظلوما اعلاميا .. وان لم تكن تحظى بفرص التواصل المستمر فليس معناه ان ادوارك غائبة وان تقديرها ليس موجودا ؟ لفترات طويلة ابتعدت اعلاميا بسبب هذا الضيق فى الرؤية وعدم التسامح والتصالح مع فكرة ومشروع الموهبة ..علاقتى بالشارع جيدة ويبكينى رضا الناس ..وحينما انجزت فيلم «حين ميسرة» وحقق أعلى الايرادات .. وكنت بطلا جديدا «ولا سطر واحد كتب عنى».. ولا موضوع واحد طرح سؤالا مهما كنت احتاجه وقتها.. هل لو ان بطلا اخر غيرى كان الفيلم نجح..؟ لا هذا السؤال ولا غيره طرح وقتها 9 سنوات قضيتها باحثا عن عمل.. فترة طويلة من العمر ضاعت لان فرصا احتكرت واعلاما تجاهل .. «ياراجل» نحن مجتمع ظالم لنفسه ولمواهبه وامكاناته .. وحتى النجم الكبير عادل إمام ظلم إعلاميا لسنوات طويلة وأنت تعرف ذلك وأيضا العملاق احمد زكى لم تذهب اليه الافلام الا في الخمسين من عمره..!!! فيلمى حاليا تواجهه دعاوى المنع وكل مطالبى ان نذهب لمشاهدته دون افكار مسبقة وألا يضع احدا فى ذهنه حكاية مسيحى او مسلم .. سنى او شيعى. والمختلفون معى ومع ابراهيم عيسى لن يملكوا فى النهاية الا ان يحبوننا.. فنحن نقدم لهم عبر هذا الفيلم رسائل المحبة نعم ..اشادت بدورك «فارايتى» ولكنها رأت ايضا ان بالفيلم عيوبا بالسيناريو.. وان بطل الفيلم تم تحميله واثقاله بقضايا كثيرة متشابكة ومعقدة.. ودعنى اذكرك.. بأن رسائل المحبة تصل اسرع بالنعومة والسلاسة ؟؟ هذا اسمه «العزف» على كل الآلات ..فانت امامك قضايا كثيرة .. والممثل قد يمرر بالحوارات الصعبة واندماج الشخصية تطلعات عدة وموضوعات كثيرة .. وكنت مصرا على الكوميديا رغم صعوبة القضايا وتشابكها لان المصريين يمكن ان يستقبلوا الرسائل جيدا بالكوميديا والشعب يتقبل ما هو صعب ومناقض لافكاره .. وكنت حريصا ايضا ان يظهر الشيخ حاتم بكل جوانب شخصيته الضاحكة والباكية وحتى بأخطائه كبشر ..ولا تستغرب ان الفيلم يحقق مليون يوميا ولكن ما يهمنى اكثر هو «الفرجة التانية» احب ان تعيش ادوارى ويشاهدونها مرات وازعم ان معظم اعمالى السابقة الناس «تحب تشوفها مرة ثانية ».. يرى البعض ان الفيلم يعادى مبارك وينتقد المؤسسات الدينية ولا يهاجم الإخوان فى شىء على عكس ما اوحت لنا به دعاية الفيلم ؟؟ انسوا «الاخوان» فى هذا الفيلم .. الموضوع اكبر واعمق منهم نحن نتحدث عن التشوهات التى طالت الدين منذ قرون .. الدين اكبر من اى حضارة او جماعة او تنظيم .. والحضارات تسقط والدين مستمر .. وداعش بوضوح نموذج عصرى مخلوق امامنا ونشاهد افعاله كل ليل ضد الدين.. القضية الكبرى التى منها نبت اصل كل تطرف وتعصب واصولية.. اما علاقة الداعية بابن الرئيس فقد تم تجهيل الزمن.. وانت ترى انه اسقاط على مبارك والاجنبى لن يراه مثلك.. انت تفسرها لانك عشت احداثا.. ليست بالضرورة هى ما نقصده نحن.. موضوعنا فى الفيلم اكبر من الاشخاص.. فى دار السينما قابلت عراقيا قال لى الفيلم ده للعراق ..وسيقول اللبنانى انه للبنان وهكذا التونسى والجزائرى ..نحن ضد الاصولية والتفرقة ..كان هدفى ان يجلس المسيحى والمسلم تحت سقف واحد والاتنان يضحكان ويبكيان على نفس الموقف وقد حدث ..كان هدفى ان اصرخ للجميع بالقول «أنا عمرو سعد ضد كلمة مسلم ومسيحى ايد واحدة »..وضد كلمة عنصرى الامة ..وفيلمى ليس تحت عنوان تحيا الوحدة الوطنية ..فيلمى بوضوح وبصراحة لمن يريد وطنا واحدا بعنصر واحد.. والمحبة جسر لابد منه . اذا قلت لك ان عمرو سعد نجح فى هذا الفيلم كممثل.. فيما بقى مجدى احمد على فى مكانه .. وخسر المؤلف روايته واحداثها الأسخن والاشد .. تزعل منى؟ انت تمارس معى نفس السلطة المعرفية والاعلامية التى نعانى منها.. طالما صفق الجمهور للعرض وضحك وبكى.. يبقى انتهى الكلام ....