القرار الذى أصبح يحمل الرقم 2334 بعد تصويت 14 دولة لصالحه وامتناع الولاياتالمتحدة عن التصويت، ويدعو إسرائيل إلى الوقف الفورى والكامل لأنشطتها الاستيطانية فى الأراضى الفلسطينيةالمحتلة، جعل حكومة نتنياهو يجن جنونها وبيّن هشاشتها وعزلتها بين دول العالم. فراح نتنياهو وتابعوه يتخبطون فى ردود أفعالهم فيطلقون التهديدات والاتهامات يمينا ويسارا. واستدعى نتنياهو سفراء ووجه اليهم ولبلدانهم التهديدات المباشرة وألغى لقاءات مقررة مع نظرائه فى دول صوتت لصالح القرار، فألغى لقاء مع رئيسة وزراء بريطانيا تريزا ماى كان مرتبا له على هامش المنتدى الاقتصادى فى دافوس. وقد جاء القرار نتيجة تراكم سنوات من التصعيد الاستيطانى الإسرائيلى فى الأراضى الفلسطينية، إلى حد تشكل فيه إجماع دولى بأن الاستيطان عقبة فى طريق حل الدولتين القاضى بإقامة دولة فلسطين إلى جانب إسرائيل، هذا القرار سيعزز موضوع ملف الاستيطان أمام المحكمة الجنائية الدولية إذ يعد وثيقة دولية صادرة من أعلى هيئة دولية وهو مجلس الأمن وتستخدم فى جميع المحافل الدولية القانونية مثل الأممالمتحدة واليونسكو ومجلس حقوق الإنسان فى جنيف. رغم أن القرار غير ملزم ولا يزيد على كونه إعلان نوايا وتوصيات، إذ اتخذ تحت البند السادس من قانون الأممالمتحدة وليس البند السابع، وهو لذلك لا يتضمن آلية لفرضه وتنفيذه وفرض عقوبات على الأطراف التى تمتنع عن تنفيذه، واكتفى فقط بآلية تقديم الأمين العام للأمم المتحدة تقارير دورية لمجلس الأمن بواقع تقرير واحد كل ثلاثة أشهر، يرصد فيه وضع البناء فى المستوطنات، الا انه يؤكد الإجماع الدولى على رفض سياسة الاستيطان واعتبارها عقبة فى وجه السلام وتعرض مشروع حل الدولتين للخطر، كما أنه يتيح لأى مواطن تضرر من الاستيطان او صودرت ارضه لبناء وحدات استيطانية أن يرفع قضية على إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية. وعلى أثر سحب مصر للمسودة المقدمة الى مجلس الأمن تلاسنت بعض المواقع والقنوات الإخبارية فى مزايدة رخيصة على الدور المصرى فى القضية الفلسطينية، ولسنا بصدد التحدث عن الدور المصرى فى القضية منذ عام 1948، وفاتورة دم باهظة قدمتها مصر من أجل القضية، ولكن حسبما ذكرت الصحف الأمريكية ان القيادة الأمريكية الجديدة التى لم تباشر مهامها طلبت من مصر منحها فرصة للوصول الى حل الدولتين من خلال مفاوضات مباشرة تشرف عليها الولاياتالمتحدة على اساس حدود 1967، وسبق أن استخدمت الولاياتالمتحدة حق النقض الفيتو مرتين فى قضية الإستيطان، والقرار بغير الرضاء الأمريكى لن يصدر ولا جدوى له وقبل مندوب فلسطين بهذا الطرح باعتباره صفحة جديدة مع إدارة ترامب، ولكن 4 دول أخرى رعت مشروع القرار وهى فنزويلا، نيوزلندا، السنغال وماليزيا، وعندما طرح المشروع على المائدة للتصويت صوتت مصر «مع» لأنها صاحبة القضية وتوقفت الولاياتالمتحدة عن استخدام الفيتو واكتفت بالامتناع عن التصويت. وكشفت صحيفة هآرتس ان النية كانت مبيتة على القرار من إدارة اوباما التى لم يتبق لها سوى ايام على مغادرة البيت الأبيض بسبب التطاحن الذى اداره نتنياهو مع الرئيس الأمريكى من خلال استعدائه طول الوقت، وألمحت صحيفة «يديعوت احرونوت» العبرية أن هناك صفقة سياسية مع الإدارة الأميركية ومع نهاية ولاية الرئيس باراك أوباما بتعهد عدم استخدام حق النقض «الفيتو» وعدم عرقلة مشروع قرار إدانة الاستيطان الإسرائيلى فى الأراضى الفلسطينيةالمحتلة فى مناطق «جيم» مقابل عدم توجه السلطة الفلسطينية الى محكمة الجنايات الدولية والسير قدما فى عودة المسار التفاوضى بين الجانبين الفلسطينى والاسرائيلي. وكانت الصحيفة نشرت مقابلة مع الرئيس عباس، أكد خلالها أن القرار غير موجه إلى إسرائيل وإنما ضد المستوطنات التى تشكل عقبة أمام السلام وأقر أبو مازن حسب يديعوت، بأن السلطة الفلسطينية قامت بنقل مسودة القرار إلى الولاياتالمتحدة قبل طرحه على مجلس الأمن من أجل التنسيق فى صياغة نصه، ونشرت صحف فلسطينية أن اللقاء الأخير الذى جمع وفدين فلسطينى وآخر من الجانب الأميركى فى العاصمة واشنطن لا زال طى الكتمان ولم يفصح عن تفاصيله كاملة من قبل رئيس الوفد التفاوضى صائب عريقات، الذى نفى محضرا تم تسريبه لوسائل إعلام إسرائيلية وعربية عن فحوى اللقاءات التى عقدت فى واشنطن وتتحدث عن اتفاق تم بين الأطراف على سحب المسودة المصرية، والدفع بها من خلال دول أخرى منحازة للحق الفلسطيني. وكان استطلاع أجراه معهد «رافى سميث» لحساب الإذاعة الإسرائيلية العامة على عينة عشوائية من 500 إسرائيلي، أشار إلى أن 31% من المستطلعة أراؤهم يدعمون ضم الكتل الاستيطانية الكبرى فى الضفة الغربية إلى إسرائيل مع إقامة دولة فلسطينية فى باقى المناطق، ولفت الاستطلاع إلى أن 30% فقط من الإسرائيليين يؤيدون إقامة دولة فلسطينية على الأراضى التى احتلت 1967، وأظهرت نتائج الاستطلاع أن 39% من الإسرائيليين يؤيدون ضم جميع أراضى الضفة الغربية إلى بلادهم، وهناك 131 مستوطنة و116 بؤرة استيطانية فى الضفة الغربية يعيش فيها قرابة 420 ألف مستوطن ولا يشمل هذا الرقم 10 مستوطنات يقطنها نحو 220 ألف مستوطن فى القدسالشرقيةالمحتلة، ومع فوز دونالد ترامب فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية بدأت تتعالى الأصوات، بما فى ذلك من داخل الحكومة الإسرائيلية، لضم مستوطنات إلى إسرائيل بعد أن كانت إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما ترفض بشدة.