صور- حلوى وبالونات.. تعليم المنيا توزع الهدايا على طلاب الروضة والأول الابتدائي    في أول يوم دراسي.. محافظ كفرالشيخ يتفقد عددًا من المدارس - صور    أسعار البيض في الأسواق اليوم السبت (موقع رسمي)    سعر الذهب فى مصر يواصل الارتفاع وعيار 21 يسجل 3540 جنيهًا    محافظ الجيزة يعقد اجتماعا موسعا مع مستثمرى وعمد الواحات لبحث معوقات الاستثمار    مبادرة بداية جديدة.. مكتبة مصر العامة بدمياط تطلق "اتعلم اتنور" لمحو الأمية    حظر تطبيق تيليجرام على أجهزة أوكرانيا الرسمية وسط مخاوف من التجسس ..تفاصيل    آخرهم إبراهيم عقيل.. أبرز قيادات حزب الله الذين اغتالهم الاحتلال منذ 7 أكتوبر    تقدير عالمي كبير.. "طاقة النواب" تشيد بانتخاب مصر بالإجماع للوكالة الدولية للطاقة الذرية    خليل البلوشي: أشكر المتحدة لدعوتي للتعليق على مباراة الأهلي وهذا أقل ما نقدمه لمصر    بدء جلسة الاستماع لدفاع مضيفة الطيران المتهمة بقتل ابنتها    طقس أول أيام الخريف.. انخفاض درجات الحرارة والعظمى بالقاهرة 32 والصغرى 23    إخلاء سبيل المفصول من الطريقة التيجانية المتهم بالتحرش بسيدة بكفالة مالية    اليوم العالمي للسلام.. 4 أبراج بتنهي أي خلاف ولا تدعو للتطرف أو التعصب    الرعاية الصحية تطلق "مرجعية" لتوحيد وتنميط البروتوكولات الإكلينيكية للتشخيص    بداية جديدة لبناء الإنسان.. فحص 475 من كبار السن وذوى الهمم بمنازلهم فى الشرقية    الزراعة: 6.4 مليون طن صادرات مصر الزراعية حتى الآن بزيادة 529 ألف طن عن نفس الفترة من العام الماضي    عمرو الفقي: تحية لفريق عمل والقائمين على مسلسل برغم القانون    لحوم مجمدة بسعر 195 جنيها للكيلو في منافذ المجمعات الاستهلاكية    الرئيس السيسي يوجه بتنفيذ حزمة إجراءات فورية لتطوير أداء المنظومة الرياضية    صور| "بالجلباب والطربوش".. المعاهد الأزهرية تستقبل الطلاب في أول أيام الدراسة بقنا    المشاط تبحث تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع الوكالة الفرنسية للتنمية    توجيهات عاجلة من مدبولي ورسائل طمأنة من الصحة.. ما قصة حالات التسمم في أسوان؟    محافظ المنوفية: طرح 12 مدرسة جديدة للتعليم الأساسي والإعدادي والثانوي    واتكينز ينهي مخاوف إيمري أمام ولفرهامبتون    الليلة، انطلاق عرض مسلسل تيتا زوزو على منصة Watch It    القصة الكاملة لشائعة وفاة محمد جمعة.. ما علاقة صلاح عبد الله؟    داعية إسلامي: يوضح حكم التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين وطلب المدد منهم    موعد مباراة ريال مدريد وريال سوسيداد والقنوات الناقلة في الدوري الإسباني    مفتي الجمهورية من موسكو: علينا تصحيح الصورة المغلوطة عن التراث الإسلامي بالحوار    مستشفيات جامعة سوهاج تنهي قوائم الانتظار بنسبة 98 ٪؜    تأهل علي فرج لاعب وادى دجلة لنهائي بطولة باريس للإسكواش    «اللي بيحصل يهد ريال مدريد».. رسالة نارية من ميدو ل جمهور الزمالك قبل السوبر الإفريقي    انتظام الدراسة في أول أيام «العام الجديد» بقنا (تفاصيل)    في يوم السلام العالمي| رسالة مهمة من مصر بشأن قطاع غزة    زاهي حواس: مصر مليئة بالاكتشافات الأثرية وحركة الأفروسنتريك تسعى لتشويه الحقائق    بسمة بوسيل تنشر إطلالة جريئة لها.. وتغلق التعليقات (صور)    تقرير أمريكي: بلينكن لم يزر إسرائيل بجولته الأخيرة خشية تقويضها لجهود الوساطة    عالم بوزارة الأوقاف يوجه نصائح للطلاب والمعلمين مع بدء العام الدراسي الجديد    شيخ الأزهر يعزي اللواء محمود توفيق وزير الداخلية في وفاة والدته    تحرير 458 مخالفة «عدم ارتداء الخوذة» وسحب 1421 رخصة بسبب «الملصق الإلكتروني»    «الداخلية» تكشف ملابسات فيديو اعتداء شخص على سيدة في القاهرة    دراسة فرنسية: 35 مليون شخص مصابون ب"الألزهايمر" حول العالم    عقب الإصابة بأعراض النزلات المعوية.. «الوقائي» يتفقد الحالات المرضية ب4 مستشفيات بأسوان    وزير الإسكان: تخفيض 50% من رسوم التنازل عن الوحدات والأراضي بالمدن الجديدة    أستاذ علوم سياسية: توسيع الحرب مع حزب الله يعرض تل أبيب لخطر القصف    وزير العمل يعلن عن وظائف في محطة الضبعة النووية برواتب تصل ل25 ألف جنيه    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024    «اعرف واجبك من أول يوم».. الواجبات المنزلية والتقييمات الأسبوعية ل رابعة ابتدائي 2024 (تفاصيل)    انخفاض جديد في درجات الحرارة.. الأرصاد تزف بشرى سارة لمحبي الشتاء    وزير خارجية لبنان: لا يمكن السماح لإسرائيل الاستمرار في الإفلات من العقاب    لطيفة: أمي قادتني للنجاح قبل وفاتها l حوار    رياضة ½ الليل| مواعيد الإنتركونتينتال.. فوز الزمالك.. تصنيف القطبين.. وإيهاب جلال الغائب الحاضر    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    الزمالك يُعلن طبيعة إصابة مصطفى شلبي ودونجا قبل مواجهة الأهلي في السوبر الأفريقي    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    ضحايا جدد.. النيابة تستمع لأقوال سيدتين يتهمن "التيجاني" بالتحرش بهن في "الزاوية"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أدرجته اليونسكو أخيرا على قائمة التراث العالمى التحطيب.. فن مصرى قديم و«غِيَّة رجال»الصعيد

التراث اللامادى للشعوب ينقل الإبداع الإنساني من جيل إلى آخر. لذا تتنافس شعوب العالم على تسجيل تراثها الشفاهى على قائمة اليونسكو،
بما يمثله من روعة التواصل مع الجذور واستمرار أشكال التعبير الموروثة عن الأجداد، وتجسيد للتفرد، واحترام للتنوع الثقافي، وتمسك بحق البقاء، وتقارب بين الحضارات، وتجسير للهُويَّات.
و«فن التحطيب» نشأ في مصر القديمة، وتناقلته الأجيال عبر آلاف السنين، وهو من الفنون اللامادية التي كان يهددها الاندثار، لولا أن أدركته منظمة اليونسكو أخيرا وسجلته على قائمتها للتراث العالمي، وهو حدث مهم للثقافة المصرية.
ويذكر أن سلطات مدينة مراكش المغربية حاولت ذات مرة إخلاء «ساحة جامع الفنا» من الألعاب والفنون الشعبية، فانتفض المثقفون ضد تلك الهجمة على التراث، وتضامن معهم مبدعون ومثقفون حول العالم، كان بينهم الكاتب الإسباني «خوان جويتسولو» ووقف مدافعاً عن الساحة بقوله: «.. هذا الفضاء المفتوح على الفرجة، هي كل مراكش ماضيها، وحاضرها، ومستقبلها». وهي عبارة ستظل حاضرة بقوة فى ضمير الإنسانية، ولدى المهتمين بالتراث الإنساني، خاصة بعدما بادرت اليونسكو سنة 2011 باعتبار «ساحة جامع الفنا المغربية» تراثاً إنسانياً شفاهياً لذات الأسباب التى تخوض مصر من أجلها المعارك لإدراج عناصر تراثها اللامادى على قائمة اليونسكو، وكان أن أفلحت جهودها في تسجيل «فن التحطيب» قبل أسبوعين، بعد تسجيل السيرة الهلالية، فى خطوات مهمة للمحافظة على هذا التراث من الاندثار .
وتنبع قيمة فن التحطيب، أو كما يسمونه فى الصعيد «غِيَّة الرجال»، من أن تاريخه يرجع إلى مصر القديمة، حيث كان أحد الفنون القتالية، والنقوش على جدران معبد الكرنك، ومقابر بني حسن، وتونة الجبل تؤكد ذلك، وتصور المصريين القدماء وهم يمارسون التحطيب، وهناك رسوم متعددة تمثل التنوع في لعب العصا، وكانوا يؤدونها كنوع من التدريب للقتال وقت الحروب، وللتسلية في فترات السلم، وكانوا ينزعون نصل الحراب ويتدربون بالعصا على فنون الدفاع والهجوم، وبمرور العصور باتت موروثا شعبيا توارثته الأجيال، ربما يختلف فى محافظات عن أخرى، إلا أنه يظل تقليدا أصيلا يساعد على التقارب والتماسك الاجتماعي، و يمارسه الناس في المناسبات الاجتماعية والاحتفالات الدينية، خاصة فى الصعيد حيث يعتبرونه وسيلة لترسيخ قيم الشجاعة والوفاء، لا أداة للعنف أو القمع.
وبقيت اللعبة «غِيَّة الرجال» هذه تجسيدا للمروءة والشهامة والمنافسة التي لا تعرف الخصومة، فرغم اعتمادها على فكرة القتال بما يعنيه من هجوم ودفاع، وانتصار وخسارة، فإنها تعكس معانى إنسانية جيدة مثل روح الجماعة، والدفاع عن الكرامة، واحترام الآخر، ما جعل الدكتور «خالد أبو الليل» أستاذ الأدب الشعبى بآداب القاهرة يصنفه «فنا اجتماعيا» من الدرجة الأولى، يؤدي وظائف نفسية واجتماعية، ووسيلة فعالة لتفريغ الطاقة بشكل سلمي، حيث لا مجال للثأر في ممارسة التحطيب، فهى الحلبة الوحيدة في الصعيد التي إذا توفي أحد المتبارزين فى أثنائها لا يجوز لأهل المتوفى المطالبة بثأره، أو حتى ديته، وذلك على نقيض حالات القتل الأخرى، كما أنه لا يسمح لمن كان على خصومة باللعب كطرفين متنافسين.
و«التحطيب مبارزة أو رقص بالعصا بين شخصين على أنغام المزمار»، ويلتف حولهما دائرة من الأشخاص بعضهم مشجعون لطرف، مقابل مشجعين للطرف الآخر ، ويتابعون جميعا حركات اللاعبين بدقة، وتبادل التحية بين اللاعبين تعني استعدادهما لبدء المنافسة، التي تنطلق بنطق أحد الحاضرين كلمة «ساه» التي تعني أن وقت اللعب حان. ويقوم اللاعبان بالدوران حول بعضهما أربع مرات، لمدة لا تتجاوز الدقيقتين، ثم تنطلق أصوات تقارع العصي على أنغام «المزامير»، وهي الآلة الموسيقية الأشهر في الصعيد. ويلاحظ أن قبضة اليد على العصا هي مؤشر مهارة اللاعب. ويمكن للمحترفين في اللعبة أن يتعرفوا بسهولة على مهارة خصمهم من خلال طريقة قبضته على العصا. ويترقب الحاضرون اللحظة التي يستطيع أحدهما إسقاط العصا من يد الآخر حتى يعلنوا فوزه والاحتفاء به. ودائما يفضل أن يخرج اللاعبان متعادلين، لأن الغرض منها هو المتعة والفروسية، وتحترم فيها التقاليد المختلفة للجماعة، فالكبير مثلاً هو الذي يبدأ اللعب ولا ينبغي التعالي عليه فى أثناء اللعب، وعند احتدام المنافسة بين لاعبين من نفس السن يتدخل الأصدقاء والجمهور الملتف حولهم، ويكون لهم دورالتأمين والفصل بينهما، حتى لا يتعرض أحدهما للآخر، وفي هذه الحالة يأخذ الجمهور والأصدقاء العصا بالهتاف بكلمة «سو» ليتوقف الشجار قبل ان ينقلب إلى معركة حقيقية.
وينتشر فن التحطيب في محافظات الصعيد، ويراه د. «حسام محسب» الأستاذ بالمعهد العالى للفنون المسرحية، له دراسة ميدانية مهمة عن التحطيب :«ظاهرة شعبية رئيسية مهمة فى الصعيد ترمز فى مجملها إلى البطل الشعبى ابن النيل فى مواجهة التحدى وتحقيق الانتصار ليس للذات بل للجماعة بأسرها». ويقول أيضا: «هى إذا كانت لعبة بالأساس، لكنها انعكاس لمفاهيم المجتمع ورؤيته للعالم حوله، فكل جماعة من قرية أو مركز تأتى لتشجيع لاعبها وإعلان انتصاره باعتبارها الفئة التى تستحق هذا النصر. إنه صراع أبطال ممثلين لجماعات، وهنا الجوهر المشترك الذى يجعل لعبة التحطيب جزءاً محوريا من المجتمع لا يمكن فهمه بعيداً عن ظروفه الحضارية، الأمر الذى يساعدنا فى النهاية على فهم وتفسير عاداته وتقاليده وفنونه، وللتحطيب مضمون درامى عميق يمكن استدعاؤه من فكرتى البطولة والفروسية بالسيرة الهلالية، وتتم أهم حلقات التحطيب فى الموالد الكبيرة، مثل مولد سيدى «عبد الرحيم»، وسيدنا «العارف بالله»، وسيدى «الحجاج»، حيث يعلن «رفع العصاية»، من بعد العصر إلى المغرب لمدة أسبوع أو اثنين، ويجتمع المحطبين من كل المحافظات، ويؤكد الشكل الاحتفالى لرقصة التحطيب المضمون الدرامى، فهى تنطوى على مفاهيم مشابهة للصراع والتمثيل والإيهام ، وهذا ما يجعلنا نكتشف الأصول الدرامية التى خرجت منها لعبة التحطيب.
ويضيف د. محسب أن التحطيب تتفرع منه فنون أخرى موازية مثل الرقص بالعصا الذي تشتهر به محافظات الصعيد،خاصة محافظة سوهاج، وهناك رقصة بالعصا اسمها «رقصة التنراوي» وهناك «البرجاس» أي «التحطيب من فوق ظهور الخيل»، وهو فن حاز أهمية لفترات طويلة في الصعيد، وكثيراً ما تقام حلقات لرقص الخيل والتحطيب ابتهاجاً بزفة عروس أو جني المحصول، حيث تقام حلبة للرقص والتحطيب في مكان متسع وعلى أنغام المزمار البلدي يتبارى الفرسان والخيالة لإظهار بطولاتهم وشجاعتهم. والتفنن فى أساليب الكر، والفر، والنِزال، ويعتمد ذلك على ذكاء الفارس، وقوة صبر الحصان عند النزال.
ولا يمكن التطرق إلى التحطيب دون تناول العصا التى تجسد محور التحطيب، والأداة الأساسية التي لا يمكن أن تبدأ اللعبة من دونها، ولذلك نالت جانبا مهما من الدراسة الميدانية للدكتور «حسام محسب» حيث قال عنها: «.. والعصا هنا هى العنصر الأساسى فى رقصة التحطيب. ومن حواراتى مع الممارسين لها وسؤالهم عن نوع العصا وطولها، قالوا إنهم كانوا قديماً يستخدمون الشومة الغليظة، وهذه غير مستخدمة الآن لأنها تؤذى، وتسمى «العصا الغشيمة» أو «شوم محلب»، أى شومة شديدة مكسورة من الشجرة بالقوة، يستخدمون بدلاً منها عصا من الخيزران، ويبلغ طولها تقريباً من 160سم إلى 180سم، كما أن «مَسْك العصا» يختلف من شخص إلى آخر حسب قوته. لكن أصول الحرفنة أن يستطيع الراقص أن يمسكها من طرفها».
ويروي الفنان «محمود رضا» جانبا من رحلته للصعيد لتعلم رقصة التحطيب، التى قام بتطويرها وتقديمها بشكل عصرى من خلال «فرقة رضا» الشهيرة، بقوله: «..تركت رقصة التحطيب علامة في رأسي لن أنساها، فقد ذهبت إلى أسيوط لأتعلم التحطيب، ورأيت آلافا من لاعبي العصا في الصعيد، والعصا عندهم اسمها «الشوما» وهي ثقيلة وغليظة وطويلة، وطلبت من شخص أن يعلمني، وجلست ثلاثة أيام أتعلم معه طول الليل والنهار، وفي آخر درس ارتكبت خطأً حيث كان من المفروض أن أحمي جسمي بالعصا، لكني كشفت رأسي وانتهز المدرب فرصة أن رأسي مكشوف و«رقعني» علي دماغي، وطفر الدم من رأسي، وغطي وجهي، وسندت نفسي علي الحائط وقلت للمدرب: «ليه كده؟» فضحك وقال: «علشان تفتكر من الذي علمك رقص العصا».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.