رغم محاصرة 3 ملايين طن من القمامة المنزلية بخلاف المخلفات الزراعية ومخلفات المصانع لحياتنا المعيشية اليومية وفشل الإدارات المختصة فى مواجهة هذه المشكلة المزمنة التى ترتب عليها عشرات المشاكل الصحية والاقتصادية وعجز الحكومات المتعاقبة عن حلها. فإننا نستيقظ اليوم على صرخات أصحاب مصانع تدوير المخلفات من مزاحمة المستثمرين الصينيين لهم فى شراء القمامة بأعلى الأسعار حتى وصلت أسعارالمخلفات البلاستيكية إلى أرقام قياسية عجزت مصانع تدوير المخلفات عن استخدامها فى نشاطها لتصنيع خيوط البوليستر المستخدمة فى صناعة الملابس والمنسوجات والصناعات البلاستيكية فأغلق بعضها والبعض الاخر يكافح للبقاء فى السوق بسبب الارتفاع الجنوني فى التكلفة النهائية للمنتج مما ترتب على ذلك ندرة شديدة فى هذه الخامات بعد قيام الصينيين بشرائها وتصديرها للخارج. والسؤال الذى يفرض نفسه هل نستورد المخلفات ونحن محاصرون بتلال وجبال من القمامة تسبب لنا أمراضا وبائية ومشاكل اقتصادية لاحصر لها بل فى ظل معاناتنا من النقص الحاد فى الدولار والعملات الاجنبية ؟! بداية نستعرض أبعاد المشكلة مع عدد من أصحاب مصانع تدوير المخلفات ومقترحاتهم للحل ومدى تصورالخبراء والمسئولين لإمكانية الاستجابة لمطالبهم. إعادة النظر فى رسم الصادر بداية يقول خالد ابو المكارم رئيس المجلس التصديرى للكيماويات ورئيس إحدى شركات تدوير المخلفات: إن استيراد المخلفات سيقتصر على كسر البلاستيك من المصانع فى الخارج وجلب العبوات البلاستيكية الفارغة بعد استخدامها لأن البلاستيك المستخدم فيها من أجود الأنواع ويعاد تدويره بدلاً من استيراد هذه الخامات التى ارتفعت اسعارها بشكل حاد بعد تعويم الجنيه مشيراً إلى أن إعادة تدوير هذه المخلفات تستخدم فى تصنيع ألياف البوليستر التى تستخدم فى تصنيع المنسوجات والملابس الجاهزة علاوة على استخدامها فى تصنيع أدوات النظافة والأثاث المنزلى وكراسى الحدائق والفيلات. يضيف أن الأسابيع القليلة الماضية شهدت ندرة شديدة فى حصول المصانع على هذه الخامة بعدما تبين أن الصينيين يشترونها بأسعار غالية لتصديرها وتصنيعها فى شكل منتجات كاملة الصنع أسعارها مرتفعة ويتم تصديرها من الصين إلى مصر وجميع دول العالم رغم فرض رسم صادر 1600 جنيه على طن مخلفات البلاستيك وهذا الرسم بالطبع أصبح يمثل مبلغاً ضئيلاً بعد تعويم الجنيه لذا فإن المصانع الوطنية التى تعتمد على هذه المخلفات أصبحت مهددة بالتوقف وعددها 13 مصنعاً واستثماراتها كبيرة وهؤلاء يبحثون عن آلية مع وزارة البيئة وهيئة التنمية الصناعية لاستيراد هذه المخلفات من الخارج بشكل لايضر بالبيئة ولايجلب الأمراض الوبائية وتقدم أصحاب هذه المصانع بالفعل بطلبات إلى اتحاد الصناعات لاستيراد هذه المخلفات واللدائن. قانون جديد يسمح باستيراد المخلفات يضيف محمود رمضان رئيس إحدى شركات تدوير المخلفات أن هذه التكنولوجيا تعتبر جديدة على مجتمع الصناعة فى مصر وتم إدخالها منذ 8 سنوات وتشهد هذه الفترة تزايداً فى عدد هذه المصانع بجانب المصانع التى تقوم بجمع هذه المخلفات البلاستيكية وتنظيفها وتعقيمها ثم إعادة تعبئتها مرة أخرى وهذه المصانع عددها كبير وتستوعب أعدادا كبيرة من العمالة لذا فانه بات أمام وزارتى البيئة والصناعة ضرورة إعداد قانون جديد يسمح باستيراد هذه الزجاجات الفارغة من الدول العربية المجاورة ،ويقترح أن تقوم وزارة البيئة بتحديد منطقة كبيرة تعد كمنطقة حرة تقام داخلها المصانع ويتم تفريغ المخلفات المستوردة بداخلها ويطالب المسئولين بالحفاظ على موارد الدولة من الخامات باعتبار أن القمامة كنز من خلال تشجيع المصانع المحلية على استيراد هذه المخلفات وزيادة رسم الصادر على المخلفات البلاستيكية إلى 3 آلاف جنيه للطن بدلاً من 1600 حتى يتوقف الصينيون عن تصديرها للخارج ،مؤكداً ان هذه الصناعة آمنة وتنتهجها عدد من الدول المتقدمة وتدر عليها عوائد اقتصادية عالية بجانب تشغيل العمالة حيث تغسل هذه العبوات فى درجة حرارة 100 درجة مئوية وتحويلها إلى مادة مصنعة فى 260 درجة مئوية حيث يتم تصنيع ال تى شيرت الواحد من 9 زجاجات بلاستيكية وهذه الخيوط البوليستر تستخدم فى صناعة الجواكت الجلد وغيرها من المنسوجات وقد تم انشاء اول مصنع لتدوير هذه المخلفات عام 2009 بالاستعانة بالخبرات الصينية وأمكن لهذا المصنع تخريج كوادر مدربة فى هذا المجال قام بعضهم بإنشاء عدد من المصانع بعد ان حصلوا على قروض من البنوك لإنشاء وتشغيل هذه المصانع وأقاموا بتصنيع خيوط البوليستر التى تستخدم فى تصنيع الملابس والكليم والسجاد وصدروا منتجاتهم الى أوروبا وتركيا ولبنان وإسبانيا وهولندا وليبيا وتطرح هذه المصانع كميات كبيرة من منتجاتها فى السوق المحلية مما وفر للدولة مبالغ كبيرة من الدولارات كانت تستخدم لاستيراد خيوط البوليستر. يؤكد المهندس أحمد نبيل مدير أحد مصانع تدوير المخلفات أن الصينيين كانوا يحرصون على دخول مزادات شراء هذه المخلفات من الزبالين ويشترونها بأسعار مرتفعة كانت تتزايد أسبوعياً حتى اغلقت المصانع التى تم إنشاؤها منذ 7 سنوات ثم تنبهت الدولة الى هذه المشكلة بعد ان كثرت الشكاوى بشأنها فقامت وزارة الصناعة بفرض رسم صادر 1600 جنيه على كل طن من هذه المخلفات التى كان يجرى تصديرها لكن بعد سياسة تحرير سعر الصرف أصبح هذا الرسم ضئيلاً الخردة المحلية .. تكسب أما مخلفات الخردة المعدنية على رأسها الحديد فكانت اكثر حظاً من المخلفات البلاستيكية كما يقول المهندس محمد سيد حنفى مدير عام غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات حيث اصبحت اسعار الخردة المحلية من الحديد تقترب من اسعار الخردة التى كان يتم استيرادها من أوروبا وامريكا بسعر 250 دولارا للطن ومع تعويم سعر الجنيه اصبحت اسعار الخردة المصرية تقترب من المستوردة بل انها تكون أرخص حيث يباع الطن ب 4500 جنيه علاوة على ان الدولار الجمركى حالياً متذبذب نحو الصعود مشيراً الى ان مصانع الحديد الكبرى تستخدم هذه الخردة بنسبة 15% وتستوردها وفق اجراءات تضعها وزارة الصناعة وتنفذها الجمارك عند الاستيراد فى الموانئ. الورق الدشت لكن مخلفات الورق الدشت تأثرت أيضاً بتعويم الجنيه كما يقول هانى محمد على رئيس احدى شركات تحويل المخلفات الورقية مشيراً إلى أنه توجد أزمة كبيرة فى الورق ولابد من غرس ثقافة تدوير المخلفات الورقية لدى المواطن وعلى سبيل المثال الكتب المدرسية التى يقوم التلاميذ وأولياء الأمور بحرقها من خلال إلقائها فى أكوام الزبالة رغم إنها كنز والدولة تدفع المليارات من الدولارات فى استيراد الورق اتفاقية بازل لكن ماهو رأى المسئولين وخبراء المحافظة فى فكرة استيراد المخلفات من الخارج؟ يؤكد المهندس أحمد ابو السعود رئيس جهاز حماية البيئة أن استيراد مخلفات البلاستيك خاصة الزجاجات الفارغة يتم تصنيفها تحت بند المخلفات الخطرة التى يحظر استيرادها وفقاً لاتفاقية (بازل ) . صناعة واعدة وفى اتحاد الصناعات يقول شريف الجبلى رئيس غرفة الصناعات الكيماوية ورئيس شعبة تدوير المخلفات: إنه تم عرض مشروع قانون على وزارة البيئة يختص بالمخلفات المنزلية والعضوية ومخلفات المصانع ولم يتم مناقشته بعد. غياب محطات الفرز أما سيادة جريس رئيس جمعية الحفاظ على البيئة وحمايتها فهى تعترض بشدة على استيراد المخلفات من الخارج رغم الجدوى الاقتصادية العالية لهذه الصناعة وتضيف ان مصر تفتقر الى محطات وسيطة لفرز القمامة وتجميعها وبيعها بسعر مناسب لمصانع التدوير التى لاتعمل بكامل طاقتها لانها لا التحصل على الكميات التى تحتاجها للإنتاج. واختتمت قائلة إنها كارثة أن نستورد القمامة وتلال المخلفات تحاصرنا .