يبدو أن جائزة المان «بوكر» لن تتوقف عن إثارة الجدل حولها كل عام، فقد جاء إعلان فوز الروائى الأمريكى بول بيتى بالجائزة هذا العام عن روايته «خيانة» ليصبح بذلك أول أمريكى يفوز بالجائزة منذ إعلانها عام 2013 انفتاحها على كُتاب اللغة الانجليزية الذين ينشرون أعمالهم ببريطانيا أيا كان موطنهم، ليثير حفيظة بعض الكُتاب البريطانيين الذين طالبوا بأن يتم حجب مشاركة الكُتاب الأمريكيين من المنافسة على الجائزة مستقبلا. ويقود هذا الحراك الروائى البريطانى المخضرم جوليان بارنز (70 عاما) والفائز بالجائزة عام 2011 حيث وصف اتاحة «المان بوكر» لمشاركة المؤلفين الأمريكيين بكونه أمرا «سخيفا للغاية»، معتبرا أن ذلك يضر بفرص الروائيين غير المعروفين من دول الكومنولث. وأضاف بارنز : «الأمريكيون لديهم ما يكفى من الجوائز الأدبية، وتم تأسيس «البوكر» من أجل تكريم الكُتاب والأدب فى بريطانيا وايرلندا ودول الكومنولث القديم وزيمبابوى، ومن أجل اجتذاب أصوات جديدة تكتب بالانجليزية، ولو فتحنا الباب للأمريكيين فلن ينال أى روائى كندى غير معروف فرصة فى المنافسة». وتابع بارنز فى تصريحات أثارت الجدل فى الأوساط الأدبية البريطانية أخيرا قائلا : « إذا نظرنا للأمر من زاوية آخرى فماهى حقا الجوائز الأدبية الأمريكية المفتوحة للمشاركة من قبل الكُتاب البريطانيين؟ نظريا لا اعتقد أن هناك اى جائزة بخلاف الجائزة الوطنية للكتاب، ولم يحدث أن فاز كاتب بريطانى بجائزة أمريكية كبرى منذ سنوات». ولم يكن بارنز الكاتب الوحيد الذى انتقد انفتاح «البوكر» على الكُتاب الأمريكيين، فقد بدا أن هناك صراعا ثقافيا مستمرا ينتهز الفرصة للصعود إلى السطح نتيجة لشعور الكُتاب البريطانيين بالتهديد من الهيمنة الثقافية والأدبية الأمريكية من جهة والخلاف بين الثقافتين الأمريكية ودول الكومنولث من جهة آخرى ، وهو ما عبر عنه الكاتب الأسترالى بيتر كاري، الذى فاز بالبوكر مرتين، موضحا: «قبل انفتاح «البوكر» كانت هناك ثقافة حقيقية لدول الكومنولث وهى تختلف بالتأكيد عن الثقافة الأمريكية التى لا يمكن اعتبارها جزءا من هذا النسيج الثقافى «. لم يبتعد كثيرا الكاتب البريطانى فيليب هينشر الذى طالب بتغيير معايير قبول الأعمال المتنافسة فى الجائزة، محذرا مما وصفه ببدء عصر هيمنه الرواية الأمريكية وانتهاء انتصارات الأدباء البريطانيين، مشيرا إلى أن ذلك لن يحدث بسبب التميز بقدر ما سيقف خلفه قوة اقتصادية عظمى تسعى لفرض الأذواق الأدبية الخاصة بها، كما فرضت الامبراطورية البريطانية فكرة أن شكسبير كان أعظم كُتاب الانجليزية فى القرن التاسع عشر، مضيفا: «تأسست البوكر لمنع موت الرواية البريطانية، وانفتاحها وتأثرها بالعولمة لن ينقذ حياة تلك الرواية». وشبه الكاتب والبرلمانى البريطانى ملفين براج انفتاح «البوكر» على كُتاب من خارج بريطانيا ودول الكومنولث بأنه أشبه ب«شركة بريطانية يتم الاستيلاء عليها من قبل تكتل يضم أعضاء بأنحاء العالم»، معتبرا أن ذلك يفقد الجائزة البريطانية الأصل تميزها. ويرى الكثيرون فى صناعة الكتب والنشر أن إعلان البوكر انفتاحها بهذا الشكل كان سببه جزء من معركة مع جائزة أدبية منافسة لها، وهى جائزة «فوليو» التى سبقت البوكر بإعلان سماحها للكُتاب الأمريكيين للمنافسة .