كيف يمكن أن يسهم التنوع الدينى والثقافى والعرقى الذى تتمتع به الدول العربية فى تعزيز حوار الأديان وترسيخ التعايش والتفاهم والتعاون بين أتباع الأديان المختلفة؟ وكيف يمكن أن يفضى هذا التنوع والحوار إلى آليات مشتركة لمواجهة العنف باسم الدين ومكافحة الإرهاب, والحث على نبذ العنف والتطرف الذى تشهده المنطقة العربية، وبناء مجتمعات يسود فيها التسامح وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان، يشكل حجر الأساس فى الاستقرار والتنمية المستدامة الناجحة؟ تلك التساؤلات حول التسامح والتماسك الاجتماعي، والتنوع الدينى والتعددية المذهبية، طرحت على جلسات مؤتمر “التنوع الديني: التعددية والتسامح والتماسك الاجتماعى فى المنطقة العربية”، الذى شهدته العاصمة الأردنيةعمان، بمشاركة رجال دين وخبراء من 25 دولة، والذى نظمه برنامج الأممالمتحدة الإنمائى بالتعاون مع مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمى للحوار بين أتباع الأديان والثقافات. ناقش المؤتمر من خلال جلساته عدة محاور تتعلق بتجديد وتفعيل حوار التنوع الدينى فى الشرق الأوسط ودور وزارات الأوقاف والمؤسسات الدينية ومراكز الحوار على مستوى أجهزة الدولة, بالإضافة إلى دور العلماء والأكاديميين والمنظمات الدينية ومنظمات المجتمع المدنى فى تعزيز التماسك الاجتماعى والتسامح من اجل تنمية عادلة. ومن أبرز المشاركين بالمؤتمر الدكتور وائل عربيات وزير الأوقاف والشئون والمقدسات الإسلامية فى الأردن، كما شارك الشيخ أحمد تركى مدير عام مراكز التدريب فى وزارة الأوقاف المصرية متحدثا عن أهمية البرامج التدريبية الموجهة للقيادات الدينية, وعرض الباحث عماد عمر رئيس تحرير أصوات مصرية دور الإعلام كمنصة وكأداة لتعزيز التماسك الاجتماعى والتنوع الدينى ومواجهة التطرف العنيف. ويقول الدكتور وائل عربيات، وزير الأوقاف والشئون والمقدسات الإسلامية، إن الدولة المدنية موجودة منذ بداية الإسلام، حيثُ كانت المدينةالمنورة أساساً لها، إذ اجتمع فيها الناس من أعراق وأديان متعددة، وان الرسول محمد عليه الصلاة والسلام أسس وثيقة ودستوراً مكتوباً أنهى جدلية الصراع الديني. وأوضح عربيات أن التعددية هى سنة الكون؛ فلا يستطيع أحد من البشرية العيش بمفرده أو دون تعاون مع الغير، فالفرد بحاجة للانتفاع من علم وقوة وصلاحيات الآخرين فى حياته”، موضحا ان التعددية والتعامل مع الآخرين يعطيان الجمالية للكون، وان الحوار بين الجميع يمنع البشرية من الصدام الذى يعود على الجميع بالخسارة. من جانبها, قالت زينا على أحمد, المدير القطرى لبرنامج الأممالمتحدة الإنمائى بالأردن، إن أهمية الحوار تكمن من خلال خلق مساحة من التفكير يعنى بها الجميع. وطالبت بصياغة أجندة إقليمية جامعة تشتمل على إطار عقلانى يصبو إلى إرساء التعددية والتسامح فى العالم العربي، فضلاً عن تحديد الأولويات لأربعة محاور، هي: الحاجة إلى جهد بحثى لبناء تراكم معرفى جديد، وتنسيق الجهود وتبادل الخبرات، وتحديد أدوات التدريب المتاحة، وأخيراً أهمية دور المرأة فى تفعيل مقاربة جديدة لمناقشات التنوع الديني. من جانبه استعرض الدكتور محمد أبو نمر كبير مستشارى مركز الحوار العالمى “كايسيد” دور المركز فى الحفاظ على التنوع الدينى والثقافى فى ضوء المواطنة المشتركة، بهدف توفير منصات تسهم فى إحداث تغيير إيجابى لدعم وتعميق مفهوم المواطنة المشتركة وترسيخ التعايش السلمي، وقيم الحوار والتفاهم والتعاون بين اتباع الأديان والثقافات المتنوعة. ودعا إلى إتباع نهج شامل لمواجهة التحديات المعاصرة من خلال مشاركة القيادات والمؤسسات الدينية، إلى جانب صانعى القرار ومكونات المجتمع كافة، إيماناً من مساهمة القيادات الدينية فى إيجاد حلول مستدامة للسلام والتعايش السلمي. وقال الكسندر زويف مدير البرنامج العالمى والمستشار الخاص لمكافحة التطرف العنيف فى “البرنامج الإنمائي”، إن تزايد التطرف العنيف الذى يؤدى إلى صعود الإرهاب فى العالم أجمع، وبالأخص العالم العربي، يمثل تحدياً عالمياً ويحتاج إلى مواجهة بمختلف التدابير السياسية والقانونية والأمنية. وأشار إلى أن بناء مجتمعات يسود فيها التسامح وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان، يشكل حجر الأساس فى الاستقرار والتنمية المستدامة الناجحة.