«مياه مصر العذبة: التحديات الراهنة والحلول المستقبلية».. هو عنوان حلقة نقاشية مهمة عقدها منتدى القاهرة للتغير المناخى، أخيرا، تناولت تداعيات نقص مياه الشرب بمصر، وتأثيراتها على التنمية، وأكدت أهمية الاستعانة بتحلية مياه البحر، وزراعة محاصيل تستخدم كميات أقل من المياه، لحل تلك المشكلة. يأتى هذا بعد أن أكد تقرير الأممالمتحدة لمؤشرات التنمية العالمية، الصادر قبل أسابيع، أن مصر تعانى من فقر مائى واضح، وأن المياه لم تعد كافية لملاحقة النمو السكانى، والوفاء بالاحتياجات الأخرى فى الزراعة والصناعة، وأن الموقف يحتاج لإيجاد حلول تسهم فى توفير المياه العذبة، كتحلية مياه البحر أو معالجة مياه الصرف الصحي. وتحدث فى البداية السفير الألمانى بالقاهرة يوليوس جيورج لوى قائلا: إن الأممالمتحدة أوصت، وفق الاتفاقات العالمية لحقوق الانسان فى عام 2010، وفى إطار الحقوق الاجتماعية، بأهمية حصول الجميع على مياه نظيفة وسهلة وبتكلفة مقبولة، وذلك يعنى أن الدول ذات الموارد المحدودة وندرة المياه تواجه أعظم التحديات، وهذا ليس فى مصر وحدها بل فى الإقليم بأكمله، ومثلا نجد أن الزراعة تستهلك كميات هائلة، فضلا عن الزيادة السكانية الحضرية المتزايدة، لذا لابد من الإدارة الفعالة للموارد المائية لإمكان تحقيق النمو الاقتصادى. البعد الصحى وعن البعد الصحى تشير الدكتورة إيمان الطحلاوى، بكلية الطب بجامعة القاهرة، إلى أن 75% من المصريين يفتقدون مياه الشرب النظيفة بسبب المبيدات الزراعية، ومياه الصرف الصحى والصناعى، الذى يحوى العديد من المبيدات والمواد العضوية، التى تسبب الملوثات البيولوجية، وأمراض التيفود والكوليرا والسالمونيلا. وأضافت: ليس لدينا معلومات كافية عن نوعية الملوثات الكيميائية، التى لها دور كبير فى ارتفاع نسب الإصابة بالسرطان والأمراض المزمنة، كما تنتشر بنسب عالية حالات الإسهال عند الأطفال، لذلك لابد من تضافر الجهود من الجهات المختصة كافة، لتحديد أنواع الكيماويات، لتحديد طرق العلاج، لذلك لابد من تفعيل القانون فى حماية نهر النيل. وتضيف الطحلاوى أن أسوأ حالات تلوث المياه بمصر يعانى منها سكان البحيرات خاصة البرلس والمنزلة ومريوط حيث التجمعات السكانية حول البحيرات الملوثة إذ يعانى الصيادون فى تلك المناطق من أمراض الفشل الكلوى والكبدى والسرطانات وتشوهات الأطفال مع ارتفاع نسب الإجهاض، وانتشار القزامة بين الأطفال فى المنزلة والبرلس بسبب تأثير التلوث على نضج ونمو الأطفال، بجانب تأثير التلوث على الخصوبة. تحلية المياه وتعد عملية تحلية مياه البحر أحد الحلول لمواجهة مشكلة مياه الشرب فى مصر والعالم، كما يقول الدكتور حسام شوقى بمركز بحوث تحلية المياه، مشيرا إلى أن 150 دولة فى العالم تعتمد على تحلية مياه البحر لتوفير مياه الشرب النظيفة، وبالنسبة لمصر سيصل الإنتاج بعد عامين إلى 300 ألف متر مكعب يوميا، وبعد 5 سنوات يتوقع أن تنتج مصر خمسة ملايين متر مكعب يوميا، وهى تقنية تسير بسرعة شديدة، إذ توجد محطة بمنطقة جبل الجلالة تنتج يوميا 150 مترا مكعبا من المياه، وأخرى فى الساحل الشمالى لأغراض الشرب. ويوضح أن تقنية تحلية المياه نوعان: طريقة الأغشية (تشبه الفلاتر)، وأخرى حرارية، مضيفا: فى مركز تحلية المياه نقوم الآن بتصنيع تقنية بهدف انتشارها فى مصر من خلال 25 خبيرا، وقد توصلنا إلى منتج صغير من خلال التنسيق بين مركز تحلية المياه ومركز بحوث الصحراء وجامعتى أسيوط والإسكندرية ومصنع 270 الحربي. ويضيف الدكتور حسام شوقى أن الطريقة الحرارية تستهلك طاقة عالية تبلغ أربعة أضعاف طريقة الأغشية لنفس كمية المياه المحلاة، إذ تبلغ فى طريقة الأغشية 3.5 وات/ ساعة، لكل متر مكعب من المياه، مضيفا أن التحلية تعتبر طريقة آمنة، وتختلف عن المعالجة، لكن من عيوبها أنها تنتج فائضا من المياه يبلغ 80% من كمية المياه. خطط وزارية وعن دور الدولة فى حماية المياه العذبة قال الدكتور محمد رامي، بالمركز القومى لبحوث المياه بوزارة الرى: إن الوزارة وضعت خططا لمواجهة نقص المياه، والآن هى بصدد خطة 2030 لتعظيم الاستخدام وزيادة الموارد للمياه غير التقليدية بزيادة تصل إلى 3 مليارات متر مكعب، والتوصية بزراعة محاصيل تستخدم كميات أقل من المياه، مع وضع خطط قصيرة المدى تهدف إلى الحد من إلقاء مياه الصرف فى الموارد المائية لضمان جودة مياه الزراعة. المجتمع المدنى وعن دور المجتمع المدنى لمواجهة تلوث المياه العذبة أشارت آمنة شرف، بالمركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إلى أن تلوث المياه ينتشر مع انخفاض مستوى المعيشة، لذلك أنشىء مؤخرا منتدى صديق للمستخدم، تقوم فكرته على جمع البيانات، والاستعانة بالأشخاص؛ كأن يقوم أحد المزارعين بالإبلاغ عن وجود رائحة ما أو تغير فى لون المياه، ومن خلال تحليل التلوث فى هذا المكان يمكن تحديد نوع الملوث الكيميائى، وتحديد المصنع المسبب للإسراع بإجراء المعالجة للتلوث، لحماية المياه العذبة، وتوفير حماية إلكترونية للموقع؛ حتى تكون البلاغات كلها واقعية ودقيقة، حسبما قالت.