أطلعتنا أغلب الصحف بأن مصر فازت بجائزة أفضل دولة على مستوى العالم فى تقديم خدمات التعهيد لعام 2016 بعد اختيارها من لجنة تحكيم مسابقة الجمعية العالمية لخدمات التعهيد «GSA» وذلك فى إطار المسابقة التى تنظمها الجمعية سنويا لاختيار أبرز المواقع فى هذا المجال، وجاء الإعلان عن فوز مصر بهذه الجائزة البارزة عالميا خلال انعقاد قمة الريادة التى نظمتها الجمعية بالعاصمة البلغارية صوفيا يوم 6 أكتوبر، وذلك بحضور الرئيس البلغازى روسين بلفنلفيك وأكثر من 200 من أبرز قيادات صناعة خدمات تكنولوجيا المعلومات والتعهيد فى أوروبا وأمريكا الشمالية وآسيا. ويحمل التعهيد معنيين أحدهما لغوى والآخر اصطلاحى والمعنى اللغوى للتعهيد هو أن يتعهد طرف ما بتقديم خدمة أو عمل إلى طرف آخر بمقابل مادى يتفق عليه الطرفان، أما المعنى الاصطلاحى فيكون من منظور تقنى حيث يتعهد ذوو الخبرات الذين لديهم قدرة على الابداع والابتكار فى مجالات البرمجة وتكنولوجيا المعلومات بتصدير برامج تقنية مبتكرة من دول غنية بالخيرات ذات الصلة مثل الهند والصين إلى دول أخرى غنية بالمال مثل أمريكا وأوروبا ويتم ذلك بمقابل مادى كبير وفقا لنوع البرنامج التقنى ومردوده على الدولة المستوردة له، وتعتبر هذه المنظومة المتحضرة بمثابة صناعة استراتيجية يطلق عليها البعض «صناعة التعهيد». وهذه الصناعة لا تعتمد على آلة أو معدات أو مادة خام أو طاقة تشغيل أو ما شابه ذلك وإنما تحتاج إلى عقل مفكر مبدع يقدم منتجا فى شكل رقمى غير ملموس أو محسوس ولكن له قيمة فعالة فى النهوض بالمستوى الاقتصادى والاجتماعى بالدول، فمجالات صناعة التعهيد كثيرة منها تعهيد برمجة العمليات الإدارية والهندسية والزراعية والصناعية ومراكز الاتصالات، وهناك أيضا تعهيد تطبيقات المعالجة الرسومية بالإضافة إلى تعهيد التقنية الحيوية بما تشمله من المعلوماتية الحيوية والهندسية الوراثية إلى جانب التعهيد الخاص بشئون الموظفين وإدارة الوثائق والمكتبات وغيرها. وتشير التقارير الدولية إلى أن مصر باتت مؤهلة للوصول إلى مكانة متقدمة على مستوى الشرق الأوسط حيث إنها تمتلك المقومات والكفاءات التى تمكنها من الوصول إلى المركز الذى وصلت إليه الهند التى تحتل الآن قمة الدول التى توفر خدمات التعهيد حيث تحصل حاليا على 60% من إجمالى حجم السوق العالمية لخدمات التعهيد وحققت عائداتها من هذه الصناعة إلى 10 مليارات دولار سنويا. لذا يجب أن نحث الطلاب على الالتحاق بالكليات والمعاهد المعنية بالجامعات الحكومية والخاصة ذات الصلة بخدمات التعهيد للحصول على منتج جامعى قادر على العمل فى صناعة التعهيد مع عمل حملات توعية للطلاب لنشر ثقافة التعهيد بالجامعات، كما ينبغى على الجامعات إنشاء وحدات ومراكز ذات طابع خاص تستقبل الخريجين والمتخصصين فى مجالات صناعة التعهيد وتقوم بتوفير البيئة التكنولوجية لهم وتوفير الدعم فى صورة خدمات استشارية فنية وإدارية وإنتاجية وتدريبية وتسويقية ومالية وقانونية من أجل تعظيم الأداء والعطاء القائم على الإبداع والابتكار فى ذلك المجال والعمل على زيادة مساحة الأجواء الملائمة لتفجير الطاقات الكامنة وإعطاء الفرصة لأصحاب هذه الموهبة لكى أخذوا مكانهم الطبيعى والطليعى فى المجتمع مع عقد مؤتمرات وندوات بالجامعات لنشر ثقافة صناعة التعهيد وكيفية التعامل معها. إلى جانب التعاون مع الجامعات الأجنبية بمصر للاستفادة من رواد التعهيد العالميين وتبادل الخبرات مع وضع المعايير الأساسية لمحترفى التعهيد. د. حسن على عتمان المستشار العلمى والتكنولوجى بجامعة المنصورة