بدأت الجامعات تتخذ طرقا جديدا أو اسلوبا جديدا لمخاطبة رجال الصناعة والشركات والمصانع المختلفة لتقربهم أكثر إلى الجامعة والابتكارات والاختراعات ومشاريع التخرج سواء التى تقوم بها المراكز البحثية وأساتذة الجامعات أو الطلاب المتميزون بدلا من الانتظار حتى تأتى إليهم القطاعات الانتاجية فى الدولة وغيرها فى القطاع الخاص الذين لا يرتبطون بالجامعات أو يقتربوا منها للتعرف على أحدث ما لديها من ابتكارات لذلك عقدت بعض الجامعات مؤتمرات علمية مختلفة وورش عمل ومعارض آملين أن يتحرك مجتمع الصناعة ليشهد ويتعرف على هذه الافكار والابتكارات. والأسبوع الماضى بمناسبة بدء العام الدراسى الجديد عقدت جامعة حلوان ورشة عمل تحت عنوان «نحو تنمية مهارات خريجى مؤسسات التعليم العالى» ناقش الحاضرون كيفية تطوير مهارات وقدرات الطلاب خلال الأعوام الدراسية التى يقضيها داخل جدران الجامعة ليكونوا فعالين ومستعدين لدخول سوق العمل التى تعتمد اعتمادا كليا اليوم على مهارات الخريج وقدراته فى تطوير العمل والانجاز. كيف يمكن للشركات والمصانع الاستثمار والاستفادة من ابتكارات ومشاريع التخرج؟ نماذج من الاختراعات: سيارات سباق وأخرى ذاتية القيادة وكوبرى مقاوم للزلازل وعمود إنارة بالطاقة الشمسية دعت الجامعة معظم المتخصصين والمسئولين وشارك الدكتور أشرف الشيحى وزير التعليم العالى والبحث العلمى الطلاب بدء الدراسة وقام بجولة داخل الحرم الجامعى وعدد من الكليات والتقى الأساتذة والطلاب ودار حوار بينه وبينهم حول سير العملية التعليمية وشهد المعرض الذى اقامه الطلاب وورشة العمل مع الدكتور ماجد نجم نائب رئيس الجامعة والقائم بعمل رئيس الجامعة وشهد الوزير مراسم رفع العلم المصرى، وتفقد المعرض الطلابى الذى تضمن العديد من الأنشطة والمجالات الفنية لطلبة الكليات كالرسم، والنحت على الخشب، والطباعة، والجداريات، بالإضافة إلى نماذج لسيارات السباق التى قام طلاب كلية الهندسة بتصميمها وتنفيذها، وعمود إنارة يعمل بالطاقة الشمسية من تصميم طلبة قسم هندسة الطاقة، وسيارات ذاتية القيادة من تصميم طلاب كلية الحاسبات والمعلومات، ونموذجاً لمشروع كوبرى مقاوم للزلازل من تصميم طلاب هندسة المطرية. وطالب الوزير فى حواره مع طلبة هندسة حلوان بإعداد دراسة اقتصادية للروبوتات التى يقومون بتصنيعها لتحويل أفكارهم إلى منتجات ليستفيد منها المجتمع، مؤكداً ضرورة الاهتمام بتنمية الإبداعات والابتكارات لدى الطلاب وتشجيعهم مما يساهم فى تحقيق التنمية المستدامة للمجتمع كما تفقد معرض برامج التدريب الفندقى من أجل تشغيل الطلاب، والتعليم التبادلى لطلبة كلية السياحة والفنادق، وشارك الوزير فى جولته عددا من رؤساء الجامعات والدكتور عصام خميس نائب وزير التعليم العالى والبحث العلمى لشئون البحث العلمى، والدكتور خالد قاسم مساعد أول الوزير للتخطيط الاستراتيجى ودعم السياسات وعمداء الكليات ولفيف من أعضاء هيئات التدريس والطلاب وخلا المشهد من رجال الصناعة والشركات والمصانع وغابوا عن المشهد الذى اقيم من أجلهم لاجتذابهم إلى ابتكارات واختراعات الطلاب وانتظر المبتكرون من الطلاب ولكن كالعادة معظم قطاع الصناعة منتظر أن يأتى إليه كل شئ وهو جالس فى مكانه بمعنى « اللى عايزنى يجيللى أنا ما بروحشى لحد» حتى من باب التشجيع والمناقشة والحوار الذى يشجع الطلاب على المزيد والمزيد لم يجده الطلاب إلا من الحاضرين فقط. والحقيقة هى صدمة بكل المقاييس فمتى ترتبط الصناعة بالجامعات ففى الجامعات الدولية فى العالم كلة تجد داخل جدران الجامعات جميع الشركات الكبرى والصغرى تحيط بالمكان وتشارك فى جميع المؤتمرات والورش العلمية والمعارض الجامعية التى تقيمها المراكز العلمية أو الأنشطة الطلابية ومن هنا تكتشف هذه الشركات والمصانع الموهوبين وأصحاب الابتكارات والاختراعات من الطلاب بجانب أساتذة الجامعات الذين يقومون بالتعاون مع هذه المؤسسات لحل العديد من المشاكل التى تواجههم. الجامعات لا تقام من أجل تخريج طلاب وتعقد المحاضرات فهذا مفهوم متخلف صنعناه فهى ليست مدرسة ابتدائى أو اعدادى أو ثانوى هى مؤسسة علمية بحثية فى المقام الأول تنشر العلم على المجتمعات المحيطة بها وتخرج خارج الاقليم وتعمل دوليا وتطور الحياة المجتمعية والعلمية ولا يمكن اعتبارها مدرسة لتعليم الطلاب بالمفهوم الذى نتعامل معها عليه. وسألت الدكتور أشرف الشيحى وزير التعليم العالى والبحث العلمى حوعن كيفية ربط الجامعات بالصناعة ولماذا هذا العزوف وأشار إلى ضرورة استثمار براءات الاختراع بحيث يتم تصنيعها بالتعاون مع الشركات والمصانع وهو ما تنتهجه وزارة التعليم العالى حاليا بالتعاون مع وزارة الانتاج الحربى لتحويل براءات الاختراع إلى منتجات والحقيقة أن هذا التعاون أتى بالكثير من الثمار وانتجت مصانع الانتاج الحربى العديد من المنتجات فى مجالات عدة تستخدم فى عدد من المحافظات التى تحتاج لهذه الصناعة وقال انه أوضح هذا الدور خلال حضوره اجتماع مجلس جامعة حلوان والمستوى المتميز للطلاب والطالبات والابتكارات التى عرضوها خلال المعرض مؤكداً أن شباب مصر بخير وبناتها بخير ونحن فخورون بهم. وخلال ورشة العمل التى شارك فيها عدد كبير من الطلاب طالب الوزير برفع مستوى الجودة المحلية للوصول للجودة العالمية بحيث تكون المؤسسات التى تمنح الاعتراف الدولى جزء من منظومتنا التعليمية مشيراً إلى أهمية التعاون بين جميع المؤسسات والهيئات من أجل مصلحة الوطن. وأكد الدكتور ماجد نجم القائم بعمل رئيس جامعة حلوان أهمية هذه الورشة التى تعقدها الجامعة من اجل تحقيق تنمية مهارات خريجى مؤسسات التعليم العالى، خاصة فى ظل التخصصات الفريدة والكليات المتميزة التى تنفرد بها الجامعة. وأشار الدكتور رضا حجازى وكيل أول وزارة التربية والتعليم نيابة عن الدكتور الهلالى الشربينى وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى إلى أن القسم الأكبر من الدخل القومى لأى دولة يعتمد أساسا على الموارد البشرية فالعنصر البشرى من أهم العناصر التى تسهم فى تحقيق التنمية ولن يتأتى ذلك إلا بتوفير التعليم الجيد، مؤكدا أن هناك العديد من المتطلبات لتنمية مهارات الخريجين منها: الثقة بالنفس، وتنمية مهارات التواصل لدى الطلاب، والتعرف على قضايا الوطن، والتمتع بمهارات بحثية جيدة، والتحلى بمعرفة شمولية واسعة، والقدرة على المبادرة واتخاذ القرار والاندماج فى المجتمع وقبول الآخر واحترامه. واستعرضت الدكتورة يوهانسن عيد رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد عرضا تفصيليا (لتنمية مهارات الخريجين فى ضوء مهارات القرن 21)، موضحة أن هناك العديد من التحديات التى تواجه التعليم العالى منها: تعدد أنواع التعليم، والتطور فى أساليب التعليم، والتحديات الاجتماعية والاقتصادية، والعولمة، وعدم مواءمة مهارات الخريجين واحتياجات سوق العمل، وعدم الاهتمام بالتعليم الفنى. وأشارت إلى أن الإطار القومى للمؤهلات الذى تعده مصر اللآن وانتهت الهيئة من إعداده فعليا هو أحد أهم السبل المهمة فى حل مشكلات التعليم والوسيلة الأساسية لتطوير مناهجنا بالشكل الذى يضمن تحقيق الهدف من المناهج وأساليب التدريس فى جميع مراحل التعليم وهو ضمن أفضل السبل لتحقيق أفضل عائد من خريجى الجامعات وانخراطهم فى سوق العمل بشكل يحقق المرجو منه. وأضافت أن الإطار يصنف التعليم فى 8 مراحل من رياض الأطفال حتى الدكتوراه كمنظومة قطاع جامعى مثل الطب والصيدلة والهندسة وخلافه والمهارات التى يجب أن يتحلى بها للانخراط فى سوق العمل من خلال تدريب الطلاب على مهارات ريادة الأعمال ويساعدنا هذا الإطار فى تصدير العمالة والاعتراف بخريجى الجامعات متكاملة ويضع مواصفات محددة لخريج كل مرحلة من حيث المعارف والمهارات والجداريات والجوانب الوجدانية الذى يجب أن تتوافر فى خريج كل مرحلة وهذا بدوره سوف يجعلنا نضع المناهج والمقررات بما يحقق مواصفات كل مرحلة ويجعل المناهج ليس الوسيلة الوحيدة للمعلومة والمعرفة وانما عدة جوانب ووسائل أخرى ويمكنا من تقليل الكثافات فى المدارس ويضع حلولا لعدة مشاكل ملحة فى التعليم ويساعد الإطار فى توصيف خريجى الجامعات ووضع مواصفات لكل خريج لان التعليم فى العالم كله أصبح يعمل وفق اطر للتعليم. فى جامعة حلوان كان اليوم مخصص من أجل الطالب والخريج استعد الجميع ولكن غاب رجال الصناعة ونأمل أن يتغير فكرنا ونعتمد على العلم والمعرفة ونؤمن بالابتكارات والقدرات وأن لدينا شباب قادر على المشاركة والانجاز فقطار التقدم والتنمية لا يمر على الكسالى بل ينتقل إلى الراغبين والحالمين فى التقدم والازدهار والنمو.