نظمت الوزارة الفيدرالية الألمانية للتعاون الاقتصادى والتنمية بالتنسيق مع مؤسسة الخبز للعالم، مساء الاثنين الماضى فى برلين، ندوة بعنوان الإسلام والمسيحية دور الدين فى التحولات السياسية والاجتماعية فى مصر، وكان المتحدث الرئيسى فى هذه الندوة شخصين فقط: كاتب هذه السطور، ونيافة الدكتور القس أندريا زكى رئيس الطائفة الانجيلية بمصر، وكان الحاضرون فى الندوة عددا من قيادات الصف الأول والثانى من بعض الوزارات الفيدرالية الألمانية، وبعض أعضاء البرلمان الألمانى، وقيادات الكنائس الألمانية، ومنظمات المجتمع المدنى، والهيئات الاجتماعية الدينية الأوروبية، والخبراء الأكاديميين، ومندوب عن السفارة المصرية ببرلين. وقد افتتح الندوة الدكتور جيرد مولر الوزير الفيدرالى الألمانى للتعاون الاقتصادى والتنمية، حيث ألقى كلمة مهمة أكد فيها أهمية مصر كدولة كبرى ومحورية فى منطقة الشرق الأوسط، وأكد أهمية دعمها فى مجالات التنمية الشاملة لمواجهة التحديات الجسيمة التى تواجهها فى الفترة الأخيرة. ثم بدأت أحداث الندوة لتتناول علاقة المسلمين بالمسيحيين فى مصر، ودور الدين فى التحولات الاجتماعية والسياسية فى مصر. ثم بدأ صديقى الدكتور القس أندريا زكى بالحديث عن عدد من أنشطة الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية التى تقدمها حاليا لأكثر من مليونى مواطن مصرى . وذلك دون النظر إلى الجنس أو الدين، وتحدث عن العلاقات الأخوية بين أبناء الوطن والتى تجلت بوضوح بين أبناء الوطن مسلمين ومسيحيين فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو، وأشار إلى الدور الكبير الذى قام به الرئيس عبدالفتاح السيسى والبرلمان المصرى فى إصدار أول قانون ينظم عملية بناء وترميم الكنائس فى مصر وتوافقت عليه الكنائس الثلاث فى مصر، وقد كان حديث الدكتور أندريا حديثا وطنيا مهما يقدم صورة مشرفة لمصر. ثم التقطت طرف الخيط لأتحدث عن تميز مصر بعدد من المؤسسات الدينية الكبيرة، كالأزهر الشريف، ودار الإفتاء، ووزارة الأوقاف، والكنيسة المصرية، وتحدثت عن آلاف الطلاب الوافدين الذين تخرج الكثير منهم متشربًا المنهج الأزهرى العريق، وعادوا إلى بلادهم متقلدين أرفع المناصب فمنهم من تقلد رئاسة الدولة فى بلاده، ومنهم من تقلد الوزارة أو القضاء أو الإفتاء أو التدريس وغير ذلك من المناصب، فاسترشدوا فى إدارتهم وعملهم بعدد من القيم المركزية التى تعلموها من الأزهر ومن مصر، ومنها حسن الجوار بين الأفراد والعائلات والشعوب والدول، وتقديس قيمة الحياة والإحياء، والتقدير الكبير لقيمة العلم والبحث العلمي، وصناعة الحضارة والمؤسسات، ومنظومة الأخلاق، مما يدل على دور المؤسسات الدينية فى مصر والذى يتجاوز تحقيق استقرارها الداخلى فقط، بل يتسع بما يليق بريادة مصر ودورها فى محيطها العربى والإسلامي، وأنها تملك دورا مؤثرا فى تحقيق الأمان فى العالم، فقط إذا تم دعمها لاجتياز أزماتها الحالية. وتحدثت أيضا عن أن الخريجين جميعا كانوا يحفظون الحديث النبوى الشريف: (أيها الناس! أطعموا الطعام، وأفشوا السلام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام)، وأن من يتم صناعة عقله على هذه القيم الإنسانية الكبري، ثم يطلع على برنامج الأممالمتحدة 2030 ويرى الأهداف السبعة عشر الكبري، وأولها: لا للجوع، ليدرك من هذا المبدأ وجود أرضية مشتركة بين الإسلام، والمبادئ الدولية، وكذلك عندما يرى منظمة الخبز للعالم وانتشار مؤسساتها فى 90 دولة من أجل توفير الطعام للإنسان ليدرك أننا معها على أرضية مشتركة، وعندما نرى جهود الهيئة الإنجيلية فى تقديم خدماتها لقطاع عريض من المصريين ليدرك أننا معها على أرضية مشتركة وهى أن الإسلام يمد يده للعالم كله حتى لا يبقى إنسان جائع فى أى مكان على وجه الأرض، وأن تيارات التطرّف التى هجرت هذه المبادئ العظمى لهذا الدين الحنيف وحولته إلى قتل وخراب يجب أن تزول. ثم بدأنا اليوم التالى باجتماع مع سفيرنا فى برلين السفير بدر عبد العاطي، المحامى الكبير عن مصر وقضاياها فى ألمانيا، ثم التقينا مع عدد من قيادات وزارة الخارجية الألمانية، حيث دار الحوار حول الوضع الحالى فى مصر، والدور الذى تقوم به لمكافحة الإرهاب. والحقيقة أن هذه الجولة ينبغى أن تتكرر، وأن تقوم الشخصيات الوطنية المصرية فى مختلف المجالات بتفعيل شبكة علاقاتها الجيدة على مختلف الأصعدة، لتعميق صداقات مصر وعلاقاتها، وجذب الدعم والمساندة لمصر لاجتياز أزماتها المختلفة. لمزيد من مقالات د.أسامة السيد الأزهرى