أخى وصديقى.. هل لمجرد أننا اختلفنا فى الرأى على مرشح فى الرئاسة فتصير بيننا كل هذه الدماء والأنهار التى ابتعلت حرارة محبتنا وصداقتنا. لا أعتقد أن تصير فجأة عدوا لى حينما عبرت عن رأيى وتأييدى وترشيحى لأحد أنت تختلف معه فى الرأى. ولا أعتقد أنه من الحكمة أن تخاصمنى بعد أن عرفتنى كل هذه السنين. ولا أعتقد أيضا أن تزيل صداقتى معك على "فيسبوك وتويتر" لمجرد أننى اختلفت فى الرأى معك. فأنا كما تعلم.. لى شخصية مستقلة. وأنت كما تعلم.. لست أنا. هل تشرب مما أشرب؟.. وهل تحب ما أحب؟.. وهل تأكل فى نفس المطعم؟.. لا يا أخى.. أنت تعلم أن كل شخصية تمت تربيتها نتيجة ظروف وثقافات مختلفة. هل تقرأ مثلى؟ وهل تفكر مثلى؟ وهل لديك أصدقاء مثلى؟.. لا يا أخى. لماذا تحاكمنى بطريقة تفكيرك أنت؟ ولماذا مطلوب منى أن أصير خلفك بلا أى فرصة لإبداء الرأى.. هل طبيعة الصداقة هى التى تطالبنى بذلك!.. أم أن نشوة الاستعراض على ذلك الموقع البغيض هى التى تدفعك إلى ذلك؟ هيهات يا أخى.. فكما تعلم لسنا ملائكة.. لا أنت ولا أنا.. ولا الذين تستعرض أمامهم وأحيانا خلفهم.. تجر ثوبهم وتحمل حقائبهم وعقلك بينهم. هل أنت ملاك يمشى على الأرض؟.. حتى لو كنت ملاكا فقد يرسل الله ملاكا آخر لهدايتك. يقول الله تعالى: "قُل لَوْ كَانَ فِى الأرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنّينَ لَنَزّلْنَا عَلَيْهِم مّنَ السّمَاءِ مَلَكاً رّسُولاً". إذن يا أخى هون عليك فما الدنيا تساوى شيئا فهى كجناح بعوضة ورائحتها نتنة. وأعلم أن أجمل درس يعلمنا الزمان إياه: هو أن الورد ينبت فى ساقه الشوك.. وأن الحلاوة تنضج بالنار.. وأن مرور الزمان كفيل بتساقط ما قد جف من أوراق الشجر. هكذا علمنا الزمان.. أنه قد يريحك من حمل ثقيل كنت تحمله على ظهرك.. كأوراق الأشجار الجافة.. والخوف على الصديق ملأ قلبى بالهموم وعقلى بالتفكير ولسانى بالشكوى إن كان بك سقم. لكن الزمان أراحنى.. جعلنى أعرف طبعك وطباعك وتفكيرى وتفكيرك. وجعلنى متأكدا بأننى أشكره كل يوم على ما عافانى مما قد أصاب غيرى. شكرا لزمانى.. على تنقية أصدقائى.. وأشكره مرة أخيرة لأننى كنت أضع حياتى ثمنا لكى تعبر عن رأيك.. والآن.. الزمان قد أعاد لى حياتى.. حتى أحيا بصورة أفضل.. مهما صاحت النساء بجوارى. ويقول عنترة بن شداد: إذا كشف الزمان لك القناعا مد إليك صرف الدهر باعا فلا تخش المنية والتقيها ودافع ما استطعت لها دفاعا ولا تختر فراشا من حرير ولا تبك المنازل والبقاعا وحولك نسوة يندبن حزنا ويهتكن البراقع واللفاعا. [email protected] المزيد من مقالات أحمد سعيد طنطاوى