فاجأت وزارة التربية والتعليم الجميع بدون مقدمات بإلغاء إمتحان «الميدتيرم» للتعليم الأساسى الابتدائى والإعدادي، واستبدلته بدخول التلميذ ستة امتحانات فى كل مادة على مدى العام الدراسى إضافة لامتحان آخر العام، فى الوقت الذى نفى فيه مركز المعلومات واتخاذ القرار بمجلس الوزراء ذلك مؤكداً أن القرار لايزال فى طور المشروع المطروح للنقاش المجتمعي، بينما انبرى وكيل وزارة التعليم لنفى شروع الوزارة فى الرجوع فى قرارها الجديد، مما يكشف حالة من التخبط والتضارب فى إدارة ملف التعليم، فمع إعلان القرار الذى لم تنفه الوزارة أوتلغه، فإن هذه الامتحانات الشهرية تبدد عشرة أيام على الأقل شهريا، وبه يتحكم المعلم كليا فى أعمال السنة بطول العام الدراسي، بجانب جعل الأنشطة مواد رسوب ونجاح . الدكتور رضا حجازى رئيس قطاع التعليم العام فور صدور القرار بحضور وموافقة رسمية من أعضاء المجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعي، قال صراحة : إن التعديلات، شملت إلغاء امتحانات الميدتيرم واستبدالها باختبارات الشهور، وإن التعديلات التى تمت فى مصلحة الطالب وولى أمره.، مما خلق حالةٌ من الارتباكِ داخل الوزارة وأولياء الأمور بسبب إلغاء نظام الميد تيرم ، ثم تردد الحديث عن العودة للنظام الأول، فى حين أكد الدكتور رضا حجازي، فى لقاءات على الهواء لعدة أيام ، أن الوزارة لم تتراجع عن إلغاء امتحانات الميدتيرم واستبدالها ب«6 اختبارات شهرية»، وصرح بعد ذلك بأن المقترح الذى عرض على أعضاء المجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعى عبارةٌ عن مشروع قرار وزارى للتصديق عليه واعتماده من وزير التربية والتعليم، فى الفترة القادمة ثم قال: إنه ليس معنى عرض النظام الجديد على المجتمع، وطرحه للنقاش أن الوزارة تراجعت عنه، ثم قال أيضا فى تصريحاته : إن الوزارة قررت مد استطلاع رأى أولياء الأمور حول إلغاء امتحانات «الميد تيرم»، واستبدالها باختبارات الشهر، لمدة 15 يومًا، وأن النظام الجديد وإلغاء الميد تيرم لم يتم فى «يوم وليلة»، ولكن تعمل عليه لجانٌ منذ شهور مضت، كما عرض على المجلس الأعلى للأمناء والآباء، وأن تطبيق 3 اختبارات للطالب فى الفصل الدراسى الواحد يمنح المعلم والمدرسة فرصة للتقييم ومعرفة المستوى العلمى والمعرفى له . أما الدكتور حسنى السيد أستاذ البحوث التربوية فيقول : إنه من منطلق عرض الموضوع وتأكيد الوزارة بتفعيله قريبا، فإنها فاجأت الجميع مدرسين وآباء وأولياء أمور والرأى العام كله بإعلان إلغاء امتحان الميدتيرم ، وتأدية التلميذ ستة امتحانات إضافة لامتحانى نصف وآخر العام ، هو دليل قاطع على عدم وجود خطة تعليمية واضحة ، حيث تتغير العملية التعليمية وفق الأشخاص بلا استراتيجية أو أهداف واضحة ، لافتاً إلى أن القرارات العشوائية والإجراءات تكشف الجهل بالإمكانات التعليمية، وبالتالى لن تؤدى الى إصلاح حقيقى فى التعليم. وأضاف أستاذ البحوث التربوية أن أعجب مافى قرار الوزارة الذى تم طرحه للنقاش بعد إعلانه أمام الرأى العام، أن مواد الأنشطة سيتم تفعيلها، وعليها درجات رسوب ونجاح، ومع ذلك لا تضاف للمجموع وليس فيها دور ثان، وهنا لا نفهم مقصد الوزارة هل هى تقصد أن النجاح يكون إجباريا، فكيف تكون مواد رسوب وليس لها ملحق ، وهل سيعيد الطالب العام الدراسى فى حالة الرسوب فى الأنشطة، كما أنه لا توجد ملاعب أو حجرات مجهزة للنشاط فى الغالبية العظمى من المدارس فأين ستطبق هذه الأنشطة الإلزامية، إذ يتضمن مشروع القرار إضافة التربية الرياضية والمجالات العملية (صناعى ، زراعى ، اقتصاد) فى المرحلة الإعدادية، ضمن الأنشطة الأساسية فى الجدول المدرسي، بجانب إضافة الكمبيوتر، وتكنولوجيا المعلومات ضمن الأنشطة الأساسية فى صفوف الرابع والخامس والسادس الابتدائي. وأضاف الدكتور حسنى السيد أن وزارة التربية والتعليم أصدرت تبريرات لقراراتها التى نفتها منذ أيام فى بيان لمركز معلومات مجلس الوزراء بعد احتجاجات أولياء الأمور بيومين، وعلى لسان مسئول التعليم العام، الذى فسر القرار بأن «الامتحانات الثلاثة بكل تيرم تعتمد على تقييم موضوعى بسيط يتضمن أسئلة اختيار من متعدد أو صواب وخطأ مدته من 30 إلى 40 دقيقة، بهدف الاطمئنان بأن الطالب يسير على الطريق الصحيح ، ومنح الطالب 3 فرص بدلا من فرصة واحدة وأن الامتحانات الثلاثة ستكون عبارة عن أسئلة قصيرة متعددة لا تعتمد على الحفظ ولكن الفهم، وأن التقويم كان يطبق بشكل صوري، والتأكيد على أن النشاط جزء لا يتجزأ من تدريس المادة. حتى يكون هناك فهم لجميع المواد»وقال : إن هناك لجنة ثلاثية ستجرى تلك الامتحانات مشكلة من موجه المادة ومدير المدرسة ومدرس أول المادة.» وانتقد الدكتور حسنى السيد اشتراك مدير المدرسة فى وضع الامتحانات، قائلاً إنه من المعروف أن معظم المديرين تخصص تربية رياضية وزراعية ، فكيف سيشارك فى وضع امتحانات كل المواد . ويرى الدكتور أحمد حجى عميد تربية حلوان سابق أن قرارات الوزارة تتضمن العديد من السلبيات فهى تعالج جزئية من العملية التعليمية وتركز على الامتحانات، بينما تركت سائر جوانب العملية التعليمية، رغم أنه من الصعب ربط الامتحان بالتقويم الحقيقى لمستوى الطالب فالتقويم يعنى أن يتابع المدرس الطالب ومستواه فى كل حصة ويرصده، فالوزارة هنا تعتمد على الترقيع وليس العلاج الشامل المتواكب مع كل جوانب العملية التعليمية، واتخاذ قرار بهذا الشكل يعنى مزيدا من إهدار الوقت والأموال أيضا، فهناك مشكلة أزلية فى ارتفاع الكثافات، وعدم وجود أى أماكن لممارسة الأنشطة، فالمدرس يعلن عن النشاط ولا ينفذه ، فاعتمادات الأنشطة لاتكفى يومين فقط ، لذلك لن يكون هناك نجاح لأى فكرة مالم يكن هناك تطوير لكل أجزاء العملية التعليمية شاملة ، فالمعلم يحتاج تدريبا وتطويرا ، والفصل مكدس بأعداد غفيرة تحتاج أن تقسم على 4 فصول ، وعندى نحو ثمانية أنشطة كل منها تحتاج ملعبا أو معملا أوفصلا ،بينما بعض المدارس ليس فيها حجرة للناظر، فلا بد أن نأخذ الواقع والمتاح ثم ننتقل بالتدريج للأحسن والممكن فى كل أجزاء العملية التعليمية ، فليس معقولا أن نظام التعليم تقوده الامتحانات بثمانية امتحانات فى كل مادة . وأشار عميد التربية إلى أن هذا النظام الجديد يرسخ فكرة الدروس الخصوصية لأنه جعل فى يد المدرس 40%من الدرجات، فضلا على تكريس فكرة أن من يدفع يأخذ الدرجة، فلكى نحسن المخرجات لا بد من تحسين الأداء الحقيقى ، فنحتاج إلى جهاز متابعة حقيقى وجاد ، وموجهين يؤدون عملهم بإخلاص ، فلا بد أن ننسف كل ما هو قائم فى العملية التعليمية ، ونضع نظاما جديدا على أساس رؤية جديدة أيضا بالإمكانات الحالية، لأن الوزارة أرجعت مليارات من الجنيهات فائضا منها للدولة فى العام الماضي، برغم مشكلاتها المادية المستعصية، وتوفير اعتمادات للأنشطة ، ونعيد النظر فى الامكانات الحقيقية للوزارة، وتدريب المدرس على صياغة الامتحانات، ولا ننسى كلمات الدكتور محمود فوزى وزير خارجية مصر الأسبق إلى الأستاذ حسنين هيكل : (إن التعليم لا يصلح معه أسلوب الرفا).