من الذى يمارس التطهير العرقي؟ بنيامين نيتانياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى يتهم الفلسطينيين بأنهم يمارسونه من خلال دعوتهم إلى إنشاء دولة فلسطينية تخلو من اليهود، وهو ما وصفه بأنه «تطهير عرقي»، وذلك فى معرض رفضه الانتقادات الدولية للبناء فى المستوطنات بالضفة الغربية، ووصفها بأنها «تطهير عرقي» لليهود، مصرا على أنها ليست عقبة فى طريق السلام، وهى العبارة الدارجة فى الموقف الأمريكي، الذى يتردد كلما قامت حكومته ببناء المزيد من الوحدات الاستيطانية ،سواء فى القدسالمحتلة أو فى غيرها من المدن الفلسطينية. واللافت أن الإدارة الأمريكية هى التى بادرت بتوجيه انتقادات حادة لهذا الطرح على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية إليزابيث ترودو، والتى رأت أن استخدام مثل هذه المصطلحات غير ملائم وغير مفيد. بالطبع يجب ألا تخدعنا هذه المواقف الأمريكية، فتأثيرها لايتجاوز الحبر الذى تكتب به لأن نيتانياهو لايعيرها أى اهتمام، ويكرس مشروعه الاستيطانى الاستعمارى على الأرض، على الرغم من الانتقادات التى توجهها له واشنطن علنا، والمواقف الدولية الأخرى الرافضة لهذا المشروع. ومع ذلك يبقى السؤال مطروحا من الذى يمارس التطهير العرقى؟ الفلسطينيون أم نيتانياهو نفسه وحكومته الأكثر تطرفا فى تاريخ الدولة الإسرائيلية القائمة بالأساس على اغتصاب الحقوق؟ على هذا السؤال يعلق السفير محمد صبيح أمين سر المجلس الوطنى الفلسطينى بالقاهرة والأمين العام المساعد للجامعة العربية السابق لشئون فلسطين والأراضى المحتلة قائلا ل«الأهرام» بالطبع فإن مثل هذه التصريحات ليست غريبة على نيتانياهو ،فتاريخه فى كراهية الآخر وإيمانه بالتطهير العرقى واضح تمام الوضوح على مستوى الرؤية، وعلى صعيد الواقع منذ تولى منصب رئيس الحكومة للمرة الأولى فى العام 1996، وتكفى الإشارة الى أنه من يعطل عملية السلام، بل أوقفها تماما، فضلا عن أطماعه وتخيلاته الواسعة فى التطهير العرقى للفلسطينيين والاستيلاء على أراضيهم، ولعلنا نذكر فى هذا السياق الكلام لصبيح أنه طرح وطالب الفلسطينيين بالاعتراف بالدولة اليهودية، والتى عرفها كبار رجال الدين الصهاينة بأن حدودها وردت فى التوراة ،أى أنها تمتد من الفرات الى النيل،كما قام بضم الجولان ورفض -وما زال - الدولة الفلسطينية المستقلة. ويلفت صبيح الى أن نيتانياهو يمارس التطهير العرقى بكل أشكاله فى القدس، ليس بالنسبة للبشر فحسب ، وإنما بالنسبة للذاكرة والتاريخ والحضارة وأسماء الشوارع والمنازل والمواقف وإطلاق قطعان المستوطنين والمنظمات المتطرفة، التى تعمل ليل نهار على تطهير القدس من كل ماهو عربى وإسلامى وحتى مسيحي، والنتيجة ملموسة فى كم البيوت المدمرة والمواطنين الفلسطينيين الذين هجروا قسرا كل ذلك يتم بناء على مخطط للتطهير العرقى الذى يمثل ملمحا مهما وواضحا لنيتانياهو وحكومته.ويرى أمين سر المجلس الوطنى الفلسطينى أن هذا الرجل أى نيتانياهو لا يعترف بحل الدولتين ولا بقضية السلام، ودائما يجنح الى التوتر وإشعال فتيل الحرب الى جانب محاولاته الدائمة للنيل من القيادة الفسطينية سواء فى زمن الشهيد ياسر عرفات أو فى زمن الرئيس الحالى محمود عباس أبو مازن والذى يعمل بإصرار ودأب على الإضرار بمكانته فى العالم من خلال توجيه اتهامات غير صحيحة وباطلة له، وبالتالى فإن رئيس حكومة المتطرفين يعمل بقوة على تخريب عملية السلام من خلال إجراءات على الأرض وإطلاق قطعان المستوطنين للقتل والحرق وهدم البيوت والمنازل والاقتحام اليومى للمسجد الأقصي، تحت حماية حراب جيش الاحتلال وقوات الأمن وبأموال مقدمة من المؤسسات الحكومية ورجال الأعمال الصهاينة سواء داخل اسرائيل أو من خارجها. والأخطر فى سياسات نيتانياهو التى تكرس سياسات التطهير العرقى هو إصراره على يهودية دولة اسرائيل ورفض أى تعايش مع الفلسطينيين وهم السكان الحقيقيون والأصليون للأرض، ومن ثم بات المطلوبا موقفا عربيا قويا فى هذا الاتجاه يتكاتف مع موقف دولى واضح مثلما حدث إزاء حكومة التمييز العنصرى فى جنوب أفريقيا التى سقطت من جراء الضغوط الدولية الى جانب المقاومة الوطنية فى مطلع التسعينيات فتشكلت دولة تضم كل الأعراق والفئات .