فى غمار الجدل الساخن والتحليلات والانتقادات اللاذعة. المحاكم التى نصبت وممثلو الادعاء الذين اعتلوا منصة وسائل الاتصال الاجتماعى لتوجيه الاتهام الى اوضاعنا الاقتصادية وكيفية التعامل معها. فى ظل الاعلان عن التوصل الى اتفاق مع صندوق النقد الدولى للحصول على قرض بمبلغ 12 مليار دولار. يتعين ان نتوقف لحظة ونتساءل بموضوعية هل مصر استثناء عما يدور فى العالم حولنا، وما شهدته وتشهده العديد من الدول حاليا؟!! نعم مصر فى وضع اقتصادى حرج، ولا يمكن التقليل من تشابك الاوضاع. ما بين حلقة مفرغة من التضخم فى الاسعار وزيادة عبء المرتبات والمعاشات ومعها اعباء الدعم، وبالتالى الدين العام الذى قفز على غرار قفزات الزانة فى الاولمبياد، الى الضغوط التى يتعرض لها الجنيه المصرى وتكاد تعصف به لصالح الدولار واخواته من العملات الاجنبية والعربية، نتيجة عوامل متعددة ابرزها تراجع ايرادات السياحة وتحويلات المصريين فى الخارج والصادرات. وبالنسبة للاستثمار الاجنبى وعائدات قناة السويس. فكلاهما مرتبط بالاوضاع الاقتصادية ومدى انتعاش التجارة الدولية. مع تحملنا مسئولية اهدار المليارات من الدولارات فى استيراد سلع تباع على الارصفة وفى الطرقات، ابتداء من الغورية وسوق الثلاثاء والنزهة الجديدة. الى محلات جماعات الضغط فى المجتمع الراقى والكومبوندات.. هذا كله صحيح. اذا كان الوضع كذلك. فلماذا لاننظر حولنا نعى الدروس ونسترشد بالحلول بدلا من حلقات الندب والعويل، او حملات النقد والتضخيم والتهويل!! لماذا لانقرأ واقع الاقتصاد العالمى عامة. والوضع فى المنطقة العربية خاصة، ونطرح التساؤل، هل مصر استثناء فى اوضاعها الاقتصادية الحالية؟ الواقع وقراءة التطورات العالمية والازمات الاقتصادية. تشير الى ان مصر ليست استثناء من دورات الازمات الاقتصادية التى تمر بها الدول. طالما تم تشخيص الداء ويتم المواجهة بصورة جادة وحاسمة، ولكنها استثناء على صعيد المنطقة العربية وتطورات الاوضاع الداخلية والاقليمية منذ عام 2011. توجد حقيقة اساسية خاصة بالاقتصادات النامية والصاعدة، تتمثل فى ان الاستثمارات التى تتوجه اليها من الخارج تنحصر فى مجموعة محددة. من المستثمرين تركز على الاستثمار فى العملة المحلية الخاصة بها وحالما يبدو شرح فى هذه الاقتصاديات يتم التخلى عن العملات المحلية وسحب الدولارات، وذلك على النقيض من الاقتصاديات القوية. ولاتخرج مصر عن هذه الحقيقة. ناهيك عن المؤثرات الاخرى التى تتلاعب فى تحويلات العاملين فى الخارج. حدث ذلك فى الازمة المالية الاسيوية التى بدأت بتايلاند التى انهارت عملتها فى مواجهة الدولار من 25 الى 48 وحدة باهات فى غضون سبعة اشهر عام 1997 ثم انتشرت لتشمل اندونسيا وماليزيا وكوريا الجنوبية وتايوان، وهنا تدخل صندوق النقد الدولى وسارعت الولاياتالمتحدة بتقديم الدعم المالى يصورة عاجلة. مصر ليست استثناء فى التعرض لازمة مالية ولكنها استثناء فى القدرة على الاستمرار فى ظل الظروف التى تجتاح المنطقة العربية وطبيعة التحديات الداخلية والخارجية التى اعقبت 25 يناير وما تلاها وهو ما سجلته بعثة الصندوق فى فبراير 2015 وما يقتضى منا مزيدا من التشخيص الدقيق والمعالجة الواعية المستنيرة، بعيدا عن جماعات الضغط واصحاب الصوت العالي. لمزيد من مقالات نزيرة الأفندي