حبُّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) جزء لا يتجزأ من الإيمان ؛ يقول سيدنا عبد الله بن هشام (رضي الله عنه) : " كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) فَقَالَ: وَاللَّهِ لَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ ، قَالَ عُمَرُ : فَأَنْتَ الْآنَ وَاللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : الْآنَ يَا عُمَرُ" , أي الآن كمل إيمانك وتم. ويقول (صلى الله عليه وسلم) : « ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاوَةَ الإِيمانِ، أَنْ يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمّا سِواهُما، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لا يُحِبُّهُ إِلاّ للهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ في الْكُفْرِ كَما يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ في النَّارِ « ، وجاء رجل يسأل النبي (صلى الله عليه وسلم) فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ ؟ فقال له (صلى الله عليه وسلم): (وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟) فقال الرجل: لَا شَيْءَ إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ، فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم) : (أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ) (متفق عليه) ، وقد كان الشافعي (رحمه الله) يقول: أحِبُّ الصَّالِحِينَ وَلَسْت مِنْهُمْ لَعَلِّي أَنْ أَنَالَ بِهِمْ شَفَاعَهْ وَأَكْرَهُ مَنْ تِجَارَتُهُ الْمَعَاصِي وَإِنْ كُنَّا سَوَاءً فِي الْبِضَاعَهْ فإذا كان هذا هو حب الصالحين ، فما بالكم بحب سيد المرسلين وخير خلق الله أجمعين (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ؟! ثم كيف لا نحبه (صلى الله عليه وسلم) ، ونذوب في حبه ، وهو الذي أخرجنا الله (عز وجل) به من الظلمات إلى النور ، وهدانا به إلى صراطه المستقيم ، وهو الذي رفع الله (عز وجل) ذكره، وشرح صدره ، وزكَّى خلقه ، وجعله خير شافع وخير مشفع ، وهو الذي يصلي عليه رب العزة (عز وجل) ويأمرنا بدوام الصلاة والسلام عليه. ويقول سيدنا حسان بن ثابت: وضمَّ الإلهُ اسمَ النبيّ إلى اسمهِ إذا قَالَ في الخَمْسِ المُؤذِّنُ أشْهَدُ وشقّ لهُ منِ اسمهِ ليُجلهُ فذو العرشِ محمودٌ، وهذا محمدُ غير أن هذا الحب لا يمكن أن يكون مجرد كلام ، إنما هو حسن اقتداء ، وحسن اتِّباع ، وتخلق بأخلاق الحبيب (صلى الله عليه وسلم) واقتداء بهديه ، يقول الشاعر : تَعْصِي الإِله وَأنْتَ تُظْهِرُ حُبَّهُ هذا محالٌ في القياس بديعُ لَوْ كانَ حُبُّكَ صَادِقًا لأَطَعْتَهُ إنَّ الْمُحِبَّ لِمَنْ يُحِبُّ مُطِيعُ إن من يحب رسول الله لا يمكن أن يكون كذَّابًا ، ولا غشاشًا ، ولا خائنًا ، ولا جشعًا ، ولا متكبرًا ، ولا سبَّابًا ، ولا مبتدعًا , بل يكون كما قالت عائشة (رضي الله عنها) عن الحبيب (صلى الله عليه وسلم) : كان خلقه القرآن , وكان (صلى الله عليه وسلم) قرآنا يمشي على الأرض , أو كما قالت السيدة خديجة : كَلا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا ، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الدهر . لمزيد من مقالات د . محمد مختار جمعة