أنا الشهيد.. أنا الدليل.. أنا القتيل.. أنا الذي قنصوني برصاصة في سويداء قلبي.. وكانوا قبلها قد صفوا بأخري عيني! أنا الشهيد.. أنا الدليل.. أنا من دهستني مدرعة المركزي علي الكوبري.. أنا الذي أطاحت برأسي سيارة السفارة في قصر العيني.. أنا الذي ارتطمت بجسدي النحيل عملاقة الحماية الحمراء تحت منزلي! أنا الشهيد.. أنا الدليل.. أنا الذي استقبلت بصدري العاري وذراعي المفتوحتين عن آخرهما رصاصات الغدر وهي تبادرني لتسكت صوتي.. وأنا الذي لم أطلب أكثر من خبزي.. وكرامتي.. والحرية لأبناء وطني! أنا الشهيد.. أنا الدليل.. هل مازلتم تتذكرونني؟! هل مازالت رائحة دمي المسفوح تملأ أنوفكم؟ هل مازال جسدي المذبوح يتراءي أمامكم؟ هل مازالت مشاهد تلك الرصاصات المنصهرة.. وذاك الحديد والبارود الذي اختلط بلحمي وفتت عظامي وتصاعدت أدخنته من بين أشلائي تهزكم؟ تقشعر لها جلودكم فتنسكب رقراقة دموعكم وعبراتكم؟! أنا الشهيد.. أنا الدليل.. هل مازلتم علي عهدي؟ هل مازلتم علي دربي؟ كما كنت أتمني أن أكون معكم في الطابور.. أدلي بصوتي.. أختار مثلكم من يقتص لدمي ويحاكم قاتلي ويكفكف دمع أمي وجرح أبي ولوعة صغيرتي.. وزوجتي. أخيرا.. أريد أن أقول لكم.. والله لا أبالغ أو أكذب.. إن صوتكم يساوي دمي.. فلا تهدروا دمي. المزيد من أعمدة هشام فهيم