أصدر مجلس الوزراء فى اجتماعه الأخير قرارا حاسما بمنع تصدير كل أنواع الأرز بما فيها «الكسر» الذى كان استثناؤه من قبل يفتح المجال للتلاعب فى تصدير الأنواع الأخرى ، وتهريبها عبر الحدود، فزاد من تفاقم المشكلة وجاء القرار بهدف توفير احتياجات السوق المحلية ، والمواطن المصرى، وبما يسهم فى خفض واستقرار أسعار المحصول فى أشهر قليلة، مع إلزام وزارة التموين والتجارة الداخلية بشراء نحو مليونى طن أرز شعير من المزارعين بسعر 2300 جنيه لطن أرز الشعير رفيع الحبة و2400 لطن الأرز عريض الحبة، وهو ما أثار ردود فعل مختلفة بين التأييد والمعارضة ، بعد الارتفاع الجنونى فى سعر الأرز منذ أكتوبر الماضى . بداية يرى احمد العطار مزارع من أهالى دمنهور ، أن وقف تصدير الأرز للخارج والتزام الدولة بشرائه سيسهم بشكل كبير فى تخفيض سعره على المواطن البسيط ، فالتجار كانوا يشترون الطن بسعر أقل من 1200 جنيه ويقومون بتخزينه واحتكاره ، ثم يطرحونه بالأسواق بسعر مرتفع جدا ، فى ظروف زيادة الطلب عليه ، وبهذا القرار سيكون أمامهم حل واحد ، وهو طرح تلك الكميات للأسواق؛ لأن المحصول الجديد سيوجد وفرة فى المعروض بالأسواق، فتتراجع الأسعار لمنع التصدير أو التهريب ويسبب لهم خسائر كبيرة نتيجة التخزين مع نزول المحصول الجديد من الأرز ، خاصة أن تحديد وزارة التموين سعر الأرز بمبلغ 2400 جنيه للطن من المزارعين يعتبر سعرا جيدا وعادلا ، بينما يبيعه التاجر ب 3 آلاف جنيه ، والمهم أن توقف وزارة التموين عقد أى مناقصات، لأنها بذلك قد تفتح الباب لتلاعب أصحاب المصالح ، فتصل للمواطن أسوأ النوعيات من الأرز بالسعر الأعلى ، كما يجب أن تكتفى الوزارة بشراء الأرز للقطاع العام دون تدخل أو تلاعب القطاع الخاص بعد التجربة السيئة التى مررنا بها، فتشترى الأرز بالسعر المناسب لحالته ، مما يحقق الاكتفاء الذاتى من هذه السلعة الحيوية للمواطنين . 40% انخفاضا فى السعر وأضاف عاطف عبدالجواد، مزارع، أن هذا القرار سيؤثر بالتأكيد إلى تراجع أسعار الأرز بنسبة تتجاوز 40% خاصة فور نزول المحصول الجديد للأسواق خلال الأيام القادمة، لأن هناك فائضا هذا العام من الأرز سيصل إلى 1.5مليون طن، مما يوجد وفرة فى المحصول، ويسارع فى خفض الثمن لأقل من خمسة جنيهات خلال شهر واحد، ولكن على جانب آخر فإن القرار قد يَضُر بالمزارعين، لأن التصدير كان مصدرا هاما لهم لضمان البيع للتجار مباشرة وبسرعة مع تنافسهم على الشراء، ويكون العائد سريعا لهم، ولعل تجربة القمح ليست بعيدة عندما سعرته الحكومة بأسعار منخفضة ثم رفضت استلامه، وبعد تعب وشقاء تسلمته بسعر 420 جنيها للطن . وقال : نحن نأمل ألا يحدث ذلك مستقبلا ومع ذلك فإن منع تصدير الأرز ، سيحرم الدولة من العملة الصعبة على مدى أكثر من ثلاثة أشهر قادمة ، وعلى الفلاح فى هذه الفترة أن يتكبد خسائر فادحة ، لأن تكلفة زراعة وحرث وشتلات ورى ومعدات لفدان الأرز الواحد بالتحديد ربما تصل إلى 4 آلاف جنيه، بينما إنتاجه يكون مابين طنين إلى 3 أطنان للفدان، مع الخوف من تأخر استلام الأرز كما حدث بالنسبة للقمح والقطن سابقا، بسبب روتين الموظفين ، وتدخل أصحاب المصالح مما يسمح بشكل آخر بعودة تجار السوق السوداء، والذين يشترون الأرز بأسعار أقل مع اضطرار الفلاح للبيع لهم بعيدا عن انتظار روتين الحكومة، ثم يوردونها بسعر الدولة ويكون الفرق هائلا بالتأكيد، فتظهر سوق سوداء بصورة أخرى على حساب الفلاح . أما محمد سعيد خضر عضو مجلس النقابة العامة للفلاحين ، فيطالب بالتنفيذ الدقيق لقرار حظر تصدير الأرز خاصة، أن التهريب عبر الحدود هو المشكلة الأولى التى تهدد الاقتصاد المصرى وليس الأرز فقط ، وكذلك تشديد الرقابة على التجار . ووصف القرار بأنه يعد مساعدة حقيقية للفلاح المصري، ويدفع لتحقيق الاكتفاء الذاتى من المحصول الاستراتيجى، والذى يجب أن يدخل ضمن خطة المشروع القومى لزراعة المليون ونصف المليون فدان الذى تتجه له الدولة حاليا، ولنخرج من مرحلة الاكتفاء الذاتى إلى التصدير والمنافسة بالسوق العالمية خلال سنوات قليلة . قرار غير مدروس ويتساءل محمد البربرى رئيس اللجنة الإعلامية بنقابة الفلاحين ، كيف تستطيع الحكومة تدبير 5 مليارات جنيه قيمة شراء المحصول للموسم الجديد ، فإذا كنا نزرع مليون فدان سنويا، ففى هذا العام بلغت المساحة المزروعة مليونين و300 ألف فدان بما يزيد على الضعف ، فالحكومة لن تستوعب وحدها هذا الكم الهائل وستضطر لفتح باب التصدير كعادتها كل عام بعد انتهاء الموسم، ليستفيد التجار على حساب المزارعين الفعليين، ويعود الفلاح ليطلب من الحكومة أن تشترى بسعرها المعلن، وهنا تكون مسئولية وزير الزراعة فى تنفيذ سياسة الدولة فى محاربة الفساد، وظهرت في موضوعات صوامع الغلال والتى شهدت كوارث تخزين القمح وكشفتها هيئة الرقابة الإدارية، عند حصر الكميات بوجود كميات أقل من نصف المقيدة فى الدفاتر ، وهذا يتطلب من الأجهزة الرقابية أن تسد جميع منابع الفساد المعروفة حتى لا تحدث مع عمليات توريد الأرز ، فبعض المهربين كانوا يستغلون عدم إخضاع كسر الأرز لقرار منع التصدير ويقومون بتصدير الأرز الجيد على أنه كسر مما ظهرت نتائجه السلبية على السوق المحلية واختفائه منها، حتى وصل سعر الكيلو للمستهلك إلى 9 جنيهات . ويقول عاصم مرشد عضو مجلس النواب عن دائرة كوم حمادة : إنه يجب على الحكومة وضع خطط لكيفية استغلال المحصول الفائض من الأرز بعد امداد المجمعات وتوفير الكميات المطلوبة للتموين، وبعدها تحدد درجة استغلال المحصول سواء بالتصدير أو تخزينه رصيدا من محصول استراتيجى ، لأن الفائض من محصول الأرز هذا العام سيصل إلى مليون ونصف المليون طن ، لأن ارتفاع أسعار الأرز فى العام الماضى دفع المزارعين لزيادة الكمية المنزرعة. وأشار إلى أنه سيتقدم بطلب إحاطة للمجلس لسرعة فتح التصدير بما يتواكب مع زيادة المساحة المنزرعة وزيادة الفائض ، وقطع الطريق على استغلال تجار السوق السوداء ، حتى يكون المستفيد الأول هو الفلاح والمزارع ، فإذا كنا حريصين على منع الاحتكار ، فلا بد من منع التهريب، وتشديد الرقابة على المنافذ البرية والبحرية، فإذا كانت هذه الإجراءات جادة من المتوقع أن يصل سعر الأرز إلى 4 جنيهات للكيلو ولا يتجاوز ذلك ، فالأزمة الآن لا تحتمل التأخير فى توفير كميات تغطى الاحتياجات بعد أن بلغ سعر طن الأرز فى السوق المصرية 3 آلاف جنيه ، وإن عدم الالتزام بالتنفيذ يعنى أن الزيادات ستستمر ، والعبء الأكبر يقع على المواطن البسيط فى النهاية . التنسيق بين الوزارات وأضاف أنه لابد من التنسيق بين الوزارات والأجهزة الرقابية لضبط المنافذ بالجمارك والحدود لمنع تهريب الأرز، وردع المخالفين، بهدف تحقيق استقرار الأسعار للمستهلكين والمزارعين، فى نفس الوقت، فالدولة حظرت تصدير الأرز من سبتمبر الماضى ، ومع بداية موسم حصاده يحدث انخفاض فى أسعار الشراء من المزارعين ممات تطلب تحريك السوق، فوافقت المجموعة الوزارية الاقتصادية فى أكتوبر الماضى على عودة التصدير مع فرض رسم قيمته 2000 جنيه على الطن لمدة 6 أشهر انتهت فى ابريل الماضى ، وبلغت الكميات المصدرة فى هذه الفترة نحوت 40 ألف طن ، ومن جانب آخر سيسهم القرار فى وقف استيراد الأرز وتوفير العملة الصعبة للبلاد ، والحفاظ على سوق هذا المحصول فى نفس الوقت وضمان حقوق الفلاح. وأشار إلى أن القرار جاء استجابة لمطلب مجلس النواب للسيطرة على سعر الأرز فى السوق، والتحكم فى سعره ومنع حدوث ظاهرة ارتفاع ثمنه.. فالتصدير كان أحد أسباب الأزمة الاقتصادية التى تمر بها البلاد، وأن هذه الخطوة ستسهم فى سد احتياجات السوق المحلية. كما يقلل الاستيراد ويخفف أزمة الدولار، فالأسعار التى حددتهات الدولة جاءت استجابة لمطالب مجلس النواب و المزارعين والمنتجين، وراعينا فيها تحقيق التوازن المطلوب والبعد الاجتماعى لجميع الأطراف، وهى فى الأساس تكون من مصلحة الفلاح بتحديد سعر يحقق له هامش ربح ، وتضمن أيضا توفير الأرز طوال العام بأسعار مخفضة وكذلك تشغيل معظم مضارب القطاع العام التى تعمل بأقل من طاقتها كثيرا . أما المهندس رجب شحاتة رئيس شعبة الأرز باتحاد الصناعات ، فأكد أن الموضوع فيه تداخلات وفنيات كثيرة ، فقرار مجلس الوزراء جاء مفاجئا ، وهو بالفعل لصالح المواطن والفلاح والقضية هنا تكون فى آليات التنفيذ ، فالفلاح لابد أن يبيع المحصول للتاجر من الأرض ، وبالتالى سيتساهل فى السعر ، والتاجر بدوره سيوجهه لمضارب القطاع العام أو الخاص ثم يورد الأرز الأبيض لهيئة السلع التموينية ، فالمضارب كل دورها سيكون استقبال الأرز الشعير فقط ، ودفع ثمنه مباشرة ، وبعد ضربه ورده للهيئة ، ولا يعتقد الناس أن الفلاح أقل وعيا من طبيعة السوق ، ولذلك سيكون حريصا على حقه ، وليس عيبا أن يكون هناك وسيط تاجر لأنه يملك الحركة والنقل والتسويق ، فلو أن هناك معوقات ظهرت من الدولة فلن يشتري، وبالتالى تسقط المنظومة والقرار منه يعود البعض لتخزين المحصول بدلا من الخسارة، ولا ينفى ذلك أن الناس من مختلف القطاعات تحرص على تخزين أرز لديها خوفا من تقلبات السوق التى تكررت أخيرا، أما بالنسبة لشعبة الأرز فهى تترقب مدى الجدية من جانب الدولة فى تنفيذ القرار ، وبلا مجاملات لأحد. ومن جانبه أكد المهندس فتحى مرسى رئيس الغرفة التجارية بالبحيرة، أنه يجب عدم فتح باب التصدير فى أوقات لاحقة لتكون الاستفادة من هذا القرار للفلاح والمزارع الفعلي، وتحقيق الاكتفاء الذاتى ، وبالتالى ستقل المساحة المنزرعة فى الأعوام القادمة، فطبيعى أن تزداد نسبة المياه، لأن زراعة الأرز تحتاج كميات كبيرة من المياه، وأنه على المختصين والمسئولين دراسة هذا القرار بعناية بما لا يضر الفلاح، وبما يحقق الاكتفاء الذاتى ، والهدف من توفير كميات كبيرة من المياه فى الأعوام القادمة .