قبل أن تضع صوتك في الصندوق عليك أن تجيب عن أسئلة أساسية: هل تعتقد حقا أن مصر شهدت ثورة كاملة لإسقاط النظام؟ وهل تصدق أن أكثر من ألف شهيد سقطوا في ميادين معركة الكرامة والحرية؟ وهل أنت مستعد لتساهم بصوتك أو صمتك في إفساح الطريق لعودة مبارك بماكينته الجبارة؟ وهل تطمئن علي نفسك وعلي مستقبل أبنائك وأنت تضعهم مجددا تحت حكم نظام عائد ممتلئ بالرغبة في الانتقام ممن جرحوا غروره وكبرياءه ؟! سيناريو الرعب الذي ينتظرنا أن تسفر الانتخابات المصرية عن فوز رئيس لا يتبني هذه المواقف. ثورة أو لا ثورة, وكل الكلام الأنيق عن مدنية الدولة, مع خالص الاحترام لأصحابه, ليس إلا عملية بحث عن ذرائع ومبررات وغسيل أيدي من خطيئة ترتكب الآن بإعادة دولة مبارك. فإن نتائج الفرز فاجأتنا بأننا صرنا مخيرين بين أن تكون الثورة أو لا تكون. وأن أركان الثورة المضادة أطلوا بوجوههم وفرضوا أنفسهم علي المشهد الانتخابي بعدما ارتدوا مسوح الثوار ورفعوا أعلامهم. كما أن المقاطعة في الظرف الراهن تمثل إضعافا لصف الجماعة الوطنية, وتصويتا غير مباشر لنظام مبارك, الذي حقق الاستقرار بمصادرة الحريات وإماتة السياسة, وحقق الأمن بوضع كل المعارضين في السجون, وفي ظله بلغت الفتنة الطائفية ذروتها, ونهبت ثروة مصر! إن المسئولية الوطنية والأخلاقية تفرض علي القوي السياسية المتمسكة بمبادئ التغيير الحقيقي ألا تطرح الثورة في المزاد. في النهاية تبقي أمام أسماء مثل حمدين صباحي وعبد المنعم أبو الفتوح الفرصة لخوض سباق رئاسي آخر في الموعد الذي سيحدده الدستور الجديد, أما الدخول ضمن فريق رئاسي لا يوجد حتي الآن ما يبشر بأن مقومات النجاح متوافرة له, لعدم وجود معايير للاحتكام بشأن دخول المجلس الرئاسي, و في ظل غموض صلاحيات المجلس الرئاسي وصعوبات تشكيله وإقناع الأغلبية الصامتة بجدواه, والتي ترغب في الاستقرار, وإنهاء المرحلة الانتقالية. فإن الفشل في التجربة سيضيع علي مصر الفرصة في استثمار شخصيات تصلح لقيادة البلاد من موقع الرئيس إذا ما حرقت بفشلها في إنقاذ البلاد والنهوض بها ضمن فريق رئاسي!. [email protected] المزيد من أعمدة محمود المناوى