رئيس الوزراء يلتقي المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية    اليونيفيل تعلن طلب تفسير من الجيش الإسرائيلي بعد الانتهاكات المروعة في لبنان    بكين: اختلافات كبيرة مع الاتحاد الأوروبي على رسوم السيارات الكهربائية    حزب الله يعلن خوضه اشتباكات مع قوات إسرائيلية داخل بلدة حدودية    حقيقة إيقاف قيد الزمالك ومرموش الأفضل مع آينتراخت والمنتخب يغادر إلى موريتانيا| نشرة الرياضة ½ اليوم 13-10-2024    هاري كين يقود إنجلترا أمام فنلندا بدوري الأمم    تشكيل بيراميدز في مواجهة كونيا سبور    ضبط عاطلين تخصصا في سرقة الأسلاك الكهربائية بمدينة 15 مايو    الهيئة القبطية الإنجيلية تشارك في تقديم الدعم لمصابي حادث قطار المنيا    محافظ المنوفية:47 فاعلية ثقافية وفنية لتعزيز القيم الإيجابية والمواهب    «برغم القانون» الحلقة 21.. تهديد لعابد عناني وصراع مع إيمان العاصي    أسباب الإصابة بالربو عند الأطفال    "حماية المستهلك": الدولة عازمة على التعامل بحسم لضبط الأسواق وأسعار السلع    مشاركة متطوعي وكوادر الهيئة القبطية الإنجيلية في حادث قطار المنيا    "الخادم والكتاب المقدس" في لقاء خدام "شرقي المنيا"    السعودية تعلن إتاحة 4 مطارات لإدارة القطاع الخاص خلال 2025    فرنسا: عازمون على مواكبة جهود المغرب للنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية    محافظ أسيوط يتفقد مركز صيانة السيارات    هيبة: نستهدف جذب الاستثمارات ونقل التكنولوجيا من 30 دولة    محافظ الغربية: إخلاء مديريات التعليم والطرق ضمن تدريب مجابهة الأزمات    تقارير: لامين يامال لا يعاني من إصابة خطيرة    ختام فعاليات سلسلة ندوات المؤسسية ومكافحة الفساد بالغربية    إحالة المتسبب في تجاوز كثافة الطلاب بالفصول للتحقيق بقنا    طلاب بيطري القناة في زيارة لمعرض «أجرينا»    قرار جديد بشأن المتهم بقتل زميله غرقا في القليوبية    وكيل التعليم الوادي الجديد يناقش استعدادات المديريات لامتحانات أكتوبر    الرئيس الأمريكي يزور ألمانيا الأسبوع المقبل    صحيفة إسرائيلية تكشف عن خسائر تل أبيب جراء الهجوم الإيراني الأخير    عمر كمال يناشد الأزهر: «تعبت نفسيًا.. هل فلوسي حرام»؟| بالفيديو    بحفلين متتاليين.. جورج قلته يشارك بهرجان الموسيقى العربية مع نسمة محجوب ولينا شاماميان    الثقافة تطلق برنامج "مصر جميلة" المجاني على مسرح 23 يوليو بالمحلة ضمن مبادرة "بداية"    رئيس جامعة الأزهر: 10 معجزات علمية في القرآن أذهلت العالم كله    عمر كمال يطلب فتوى من الأزهر حول مصدر أمواله: هل هي حلال أم حرام؟    رئيس مجلس قروي "تل": استمرار الانتهاكات الإجرامية الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني    كيفية علاج انسداد الشرايين بشكل آمن وفعال.. إليك أفضل 3 أعشاب    6 أهداف رئيسية لمؤتمر ريادة الأعمال والاستثمار العربى.. تعرف عليها    افتتاح العرض الجديد للوحات الخشبية لمصطبة حسي- رع بالمتحف المصري- صور    للمسنين نصيب من الخير.. التحالف الوطنى يمد يد العون للأسر الأكثر احتياجا ولجميع الفئات العمرية    الطبيب المصري محمد توفيق يكشف للقاهرة الإخبارية سر نجاح 33 عملية في 13 ساعة بغزة    طرق التعامل مع الطفل الكسول، وتحفيزه على المذاكرة والتحصيل    وفر تمويل للأنشطة.. النائب طلعت عبد القوي يستعرض مزايا قانون الجمعيات الأهلية الجديد    الأحوال المدنية تستخرج 23 ألف بطاقة رقم قومي للمواطنين بمحل إقامتهم    مصطفى شعبان يبدأ تصوير مسلسله الجديد حكيم باشا للعرض رمضان المقبل    محاولات فى الإسماعيلى لإقناع عماد سليمان بالعدول عن الاستقالة    القاهرة الإخبارية: الإفراج عن 12 أسيرا فلسطينيا فى جنوب قطاع غزة    الداخلية تواصل حملاتها لضبط حائزي المخدرات والأسلحة في 12 محافظة    ضربات أمنية مستمرة لضبط مرتكبى جرائم الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبى    سلامة الغذاء: تنفيذ 20 مأمورية رقابية على المصانع بالتعاون مع هيئة التنمية الصناعية بمختلف المحافظات    سكرتير المجلس الوزاري الأفريقي للمياه: أسبوع القاهرة يستهدف مشاركة المعرفة    المشاط : أزمات الدول النامية تُحتم التوسع في هيكلة الديون    قصف مدفعي إسرائيلي يستهدف مخيم البريج: 5 شهداء وعدد من المصابين    أسباب انتشار تطبيقات المراهنات في المجتمع    "أتمنى أن يكون معنا في معسكر نوفمبر".. الركراكي يتحدث عن إصابة بونو    رسائل تفتيش الحرب المهمة وتحية لأبطال القوات الجوية    تشريح جثامين زوجين وأبنائهم الثلاثة المتوفين في حادث تسرب غاز بالعاشر من رمضان    "القرار كان منصف".. وكيل القندوسي يكشف كواليس جديدة في تحقيقات النادي الأهلي مع اللاعب    القرآن الكريم| نماذج من البلاغة في كتاب الله    اللهم آمين| من دعاء الصالحين ل «الفرج والرزق والشفاء»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اطياف وظلال
«سمرقند» .. متعة لم تكتمل!
نشر في الأهرام اليومي يوم 22 - 07 - 2016

فى وقت أصبح فيه صوت الإرهاب يطارد صوت العقل في كثير من بقاع المعمورة، كان ولابد للدراما العربية أن تخرج من الكليشيهات التقليدية لترتدي ثوب التجديد وتحمل زمام المبادرة لتقف في وجه العنف والقتل والإجرام، ومن ثم كانت تصلح فكرة المسلسل التاريخي «سمرقند» لأن تكون مادة جيدة لصنع ذلك، خاصة أنه يحكي قصة تلك المدينة التي جمعت عبر إحدى مراحلها التاريخية تيارات مختلفة ترمز إلى ما نعيشه اليوم من اختلاف التوجهات والمعتقدات،
وذلك طبقا لرؤية كاتب السيناريو الأردني «محمد البطوش» الذي قال: «سمرقند عمل جديد من كافة النواحي، وخاصة من حيث البناء الدرامي والقصة الافتراضية، فالقصة هي حدوتة افتراضية عن جارية تباع وتشترى وتتحول لتصبح الوصيفة الأولى للملكة في قصر أهم ملك في تلك الفترة، حتى تصبح أيضاً صاحبة قرار، وهذه القصة هي التي تشكل البناء الدرامي الأساسي للعمل مع كافة الرسائل التي يمكن أن نقدمها من خلال هذا العمل، وأيد رؤيته مخرج المسلسل «إياد الخزوز» بقوله: أستهدف من خلال مسلسل «سمرقند» فئات لم تكن تتابع الأعمال التاريخية، وذلك بإعطاء مساحة جيدة للمرأة في العمل، وإيجاد حكايات شبابية شيقة، بالإضافة إلى اعتمادنا على تكنيك عالمي في الإخراج سيعيد للعمل التاريخي رونقه ومكانته بين الأعمال الدرامية الرمضانية، فهو ليس مسلسلا تاريخيا بحتا، بل هو خليط بين العمل التاريخي والمعاصر.
لكن الواقع الذي صدمني بعد المشاهدة أن المسلسل من حيث البناء الدرامي لم يوفق في إيصال رسائله على نحو جيد، رغم أن المؤلف استوحى فكرته بالأساس من رواية تحمل الاسم ذاته للكاتب اللبنانى «أمين معلوف»، مستندا في مرجعيته التاريخية على أمهات الكتب العربية، مثل «البداية والنهاية» لابن كثير و»الكامل في التاريخ» لابن الأثير، و لم يفلح المخرج في صناعة صورة تليفزيونية مبهرة، ولعل قصور الإضاءة والديكور قد أضاعا عليه فرصة العمل بتكنيك عالمي يستطيع أن يعيد للعمل التاريخي رونقه ومكانته بين الأعمال الدرامية الرمضانية، كما ادعى من قبل.
يقيني أنه كانت هنالك مقومات كثيرة للنجاح والفوز بمتعة المشاهدة التي تحمل في طياتها كثيرا من الرسائل المبطنة بفعل سياسي رجيم، مغلف بطابع التمزق ونظرية المؤامرة التي نحياها الآن في ظل أكبر اجتياح إرهابي لكثير من مناطق العالم ، فلسنا أمام مسلسل تاريخي بحت، بل هو خليط بين العمل التاريخي والمعاصر، ومن ثم فهو يسقط على الواقع بمقدار ما ينقل حقيقة ما حدث فى الماضي في قالب تاريخي عن حياة السلاطين وعلاقاتهم بالجواري والخدم فى الزمن القديم، جامعا في الوقت ذاته بين حياة الشاعر والفيلسوف عمر الخيام، ورفيقه «حسن الصباح» قائد فرقة الحشاشين، وهو أول من صنع جماعات التصفية البشرية، بل إنه يعد أقوى نظام اغتيالات عرفه التاريخ، لكن صناع العمل فشلوا جميعا في تحقيق الهدف المرجو من «سمرقند» بحبكة درامية تكتب له النجاح والتميز المطلوبين.
أسباب الفشل تبدو كثيرة، ومنها: جاءت معالجة شخصية «حسن الصباح» من حيث الشكل الخارجي بطريقة ساذجة وغير منطقية بالمرة فى أولى حلقات المسلسل، حين تصدى لمجموعة من الجنود في قلب إحدى الأسواق الشعبية وبمفرده تمكن من هزيمتهم، وتبدو عدم منطقية هذا المشهد في أن فعل القوة الخارقة لا يتناسب تماما مع التكوين الجسماني للبطل «فهد عابد»، علما بأن الثابت تاريخيا أن عبقرية «حسن بن الصباح» كانت تتركز في قدرته التنظيمية والفكرية، ولعل هذا ما أهله لتكوين تنظيم عسكري وعقائدى من أكثر التنظيمات تعقيدا على مر التاريخ.
ربما حاول المؤلف جاهدا تناول شخصية الوزير «نظام الملك» بشكل دقيق ومنضبط تاريخياً، ومعه حاول المخرج إظهار نشاطه وكفاءته وضبطه للأمور وحرصه على استقرار البلاد وإقامة العدل، لكن أداءا باردا من جانب «عاكف نجم» حال دون الاقتراب من حقيقة أكثر الشخصيات تأثيراً أيام السلطان «ألب أرسلان»، وهو الذي كان يعتبر أحد أهم الشخصيات فى التاريخ الإسلامي، وعبثا حاول صناع العمل صنع حبكة درامية ترصد الصراع فى حريم السلطان «ملك شاه» من خلال العلاقة بين «زبيدة» أم «السلطان بركيارق» التي جسدتها يارا صبري بأداء صوتي قوي وحركات وإيماءات أنثوية خبيثة توافق جوهر الشخصية المشحونة بكم الحقد والكراهية تجاه «تركان» أم «السلطان محمود» التي قامت بأداء دورها «ميساء مغربي» لكن الأداء المترهل من جانبها أضعف غالبية المشاهد التي ظهرت فيها فتاة جميلة فقط ، لكنها تبدو بليدة الإحساس والمشاعر.
وعلى العكس تماما كانت وصيفتها «نيرمين» والتي أدتها «أمل بشوشة» بشكل عفوي يؤكد موهبتها ونضجها في تجارب الدراما التليفزيونية، ويبدو لي أن «أمل» في تجربتها الثانية في الأداء باللغة العربية الفصحى، أدركت جيدا قبل أن تقبل على تجسيد تلك الشخصية أن مكونات الممثل المتميز في الأداء لابد أن تتوزع بين المرونة الجسدية والصوت المعبر والحركة والتعبير والخيال والإحساس بالصدق، تماما كما جاء في تقديمها لشخصية الجارية «نيرمين»، فالإحساس بالكراهية في مشهد، ثم يليه إحساس آخر بالحب والانتماء لمليكتها يؤكد براعتها كممثلة تعرف كيف تدير عواطفها على نحو يخدم الدور الذي تؤديه, وأفضل طريقة يقوم بها الممثل للسيطرة على عواطفه – على حد وصف الأكاديميين - هي «أن يحلل طبيعة إشاراته التلقائية, كما يجب أن يعرف الخصال النفسية والجسمانية والاجتماعية المتأصلة لديه» حتى يتمكن من توظيفها في مسار صحيح يحقق له الوصول إلى قمة الأداء الصعب.
وعلى هشاشة المشهد الأول فقد نجح «عابد فهد» بحنكته وخبرته الطويلة في مجال الأعمال التاريخية أن يتجاوز كثيرا من الصعاب في أداء دور «حسن الصباح» حين أكسبه نوعا من الدهاء، كما بدا في قسمات وجهه ورشاقة حركته في عديد من المواقف الصعبة، ولقد عايش «عابد فهد» شخصية «الصباح» بقدر من الواقعية جراء اعتياده تلك البيئات التاريخية، ونجح في إظهاره قوى الشكيمة، ودائم حضور الذهن في تلقين تابعيه أو فدائييه الذين يتمتعون بالحرص الشديد والطاعة والمقدرة على تنفيذ المهمات الموكلة لهم.
ظني أنه كان يمكن أن يكون مسلسل «سمرقند» متعة حقيقية باعتباره العمل التاريخي الأضخم لهذا العام، حيث استطاع أن يضع ميزانية كبيرة قام من خلالها بجمع مجموعة كبيرة من الفنانين العرب من المحيط إلى الخليج، لولا ضعف المعالجة في غالبية العناصر الفنية، فضلا عن حالات لا تحصى من أداء تمثيلي ضعيف ومرتبك لاحظناه على الشاشة الصغيرة لممثلين هم بكل المقاييس على درجة عالية من الموهبة، ويمتلكون قدرات مميزة وحضوراً لافتاً، بل إن كثيرامنهم يحملون تاريخاً ناصعاً في فن الدراما التليفزيونية وحتى المسرحية والسينمائية، ومن ثم لم تكتمل المتعة.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.