تنسيق الجامعات 2024.. برنامج "هندسة الروبوتات والميكاترونيات" بجامعة حلوان الأهلية    12.61% انخفاضا في الرقم القياسي للصناعات التحويلية والاستخراجية خلال أبريل 2024    قرار رئيس الوزراء بشأن إجازة رأس السنة الهجرية 2024: تفاصيل وتطبيقات    الذهب يتداول قرب أعلى مستوى عالمي.. سجل 2358 دولارا للأونصة    محافظ قنا: سنعمل معا على التنمية واستكمال مشروعات حياة كريمة    «الزراعة»: نسبة السكر في البنجر 21% بالوادي الجديد.. وإنتاجية الفدان 50 طنا    حزب الله: استهدفنا موقع البغدادي الإسرائيلي بصاروخ بركان ثقيل وحققنا فيه إصابة مباشرة    استنفار جوي إسرائيلي للتصدي لصواريخ ومسيرات حزب الله    رغبة شخصية وراء غياب محمد صلاح عن أولمبياد باريس    "رونالدو أمام مبابي".. قمة منتظرة بين البرتغال وفرنسا بذكريات يورو 2016    مجلس إدارة الزمالك يعقد اجتماعاً مساء اليوم    ضبط قضايا اتجار بالعملات بقيمة مالية قرابة 22 مليون جنيه    ضبط مندوب مبيعات اختلس أموالًا وادعى تعرضه لسطو مسلح بمدينة نصر    وزير التعليم الجديد يعقد اجتماعات مكثفة لمناقشة ملفات الوزارة    تحرير 35 ألف مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    عمرو سعد: أحمد حلمي قرر أنه مش هيشتغل معايا أنا وأخويا    بعد شائعة مرضه.. توفيق عبدالحميد لجمهوره: اهتمامكم تاج فوق رأسي    اليوم.. تامر حسني يطرح أغنية "جامدين كده كده"    أستاذ جراحة تجميل: التعرض لأشعة الشمس 10 دقائق يوميا يقوي عظام الأطفال    وزير الصحة يجتمع بنوابه الثلاثة لوضع أسس وخطط العمل خلال الفترة المقبلة    رئيس الاعتماد والرقابة الصحية يتابع الموقف التنفيذي لمشروع مؤشر مصر الصحي    وزير التموين ل"اليوم السابع": نستهدف جودة سلع الدعم المقدمة للمواطن    خطة مشتركة ل"الكهرباء والبترول" لوقف تخفيف الأحمال    "رغم سنه الكبير".. مخطط أحمال بيراميدز يكشف ما يفعله عبدالله السعيد في التدريب    قرعة التصفيات المؤهلة لكأس أمم إفريقيا 2025.. تعرف على موعدها    بسبب الانبعاثات..جنرال موتورز تواجه غرامة قدرها 145.8 مليون    محافظ القليوبية يعتمد مواعيد امتحانات الدور الثاني للعام الدراسي لصفوف النقل    سويلم يتابع ترتيبات عقد «أسبوع القاهرة السابع للمياه»    البيت الأبيض: هدف باريس وواشنطن حل الصراع عبر الخط الفاصل بين لبنان وإسرائيل دبلوماسيًا    محافظ أسيوط: مكتبي مفتوح للجميع، وإنهاء الخصومات الثأرية ومحاسبة الفاسدين أهم أولوياتي    إصابة 6 أشخاص فى حادث سير على الطريق الصحراوى بالبحيرة    ملفات محافظ أسيوط الجديد.. أبرزها إنهاء الخصومات الثأرية وإحكام الرقابة على الأسواق    تقرير: أوروبا تدعم زيادة شحنات الأسلحة لأوكرانيا وترفض إرسال جنود للقتال    قادة «شنغهاي للتعاون» يدعون لوقف إطلاق النار في غزة وتأمين وصول المساعدات الإنسانية    العكلوك: الاحتلال يستهدف التوسع الاستيطاني وتقويض صلاحيات الحكومة الفلسطينية    فيلم ولاد رزق 3 يتخطى 205 ملايين جنيه خلال 22 يوم عرض    عمال مصر جنود مجهولين في مهرجان العلمين: فخورون بمدينة المستقبل    استقبال العام الهجري الجديد 1446 بالدعاء والأمل    ليبرمان يدعو بلاده لاستخدام "السلاح غير التقليدي" ضد إيران    حزب الله يشن هجوما بمجموعة من المسيرات على 7 مواقع عسكرية إسرائيلية    المفتي يهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري بالعام الهجري الجديد    وزير الصحة يجتمع بنوابه الثلاثة.. ماذا قال لهم؟    أيمن سالم: نقابة الأطباء كانت عبارة عن مجموعة من عصابة شيطانية أثناء حكم الإخوان    «دون وفيات».. انهيار منزل من 5 طوابق بالمنوفية    بعد تشكيل الحكومة الجديدة.. رئيس الوزراء يعقد اجتماعا لحل مشكلة الكهرباء    ب"رؤية مصر 2030".. طلاب فنون جميلة بالأقصر يبدعون في مشروعات التخرج (صور)    ناقد رياضي: متفائل بالتشكيل الوزاري وأدعم استمرارية أشرف صبحي في وزارة الرياضة    موعد إجازة رأس السنة الهجرية واستطلاع هلال شهر المحرم    أول ظهور لحمادة هلال بعد أزمته الصحية    ميمي جمال: أنا متصالحة مع شكلي وأرفض عمليات التجميل    حظك اليوم برج الجوزاء الخميس 4-7-2024 مهنيا وعاطفيا    قصواء الخلالي: الحكومة الجديدة تضم خبرات دولية ونريد وزراء أصحاب فكر    دعاء استفتاح الصلاة.. «الإفتاء» توضح الحكم والصيغة    «المصري اليوم» ترصد مطالب المواطنين من المحافظين الجدد    أول رد سمي من موردن سبوت بشأن انتقال «نجويم» ل الزمالك    ميدو: المنتخب الأولمبي «بيشحت» لاعبيه من الأندية    لميس حمدي مديرا لمستشفى طلخا المركزي    أمين الفتوى: لا ترموا كل ما يحدث لكم على السحر والحسد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لعنة الأسد تصل إلي لبنان

لم تنفع سياسة النأي بالنفس التي انتهجها رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي لتحول دون وصول نيران لعنة الأسد إلي الداخل اللبناني‏. حيث ظل رئيس الوزراء اللبناني وحكومته ينأون بالنفس منذ اندلاع الأحداث في سوريا وحتي اليوم, لتفاجئ رئيس الوزراء وحكومته في عقر داره لأنه ابن طرابلس.فبعد إعتداءات متكررة من كتائب الأسد علي الأراضي اللبنانية بحجة مطاردة المسلحين مرة, ومهاجمة مهربي السلاح للثوار مرة أخري لم تتخذ حكومة نجيب ميقاتي أي رد فعل تجاه سوريا, وبعد أحداث وإعتدءات سورية متفرقة في لبنان علي المناطق الحدودية جاءت القشة التي قصمت ظهر بعير النأي بالنفس,فاشعلت طرابلس بلعنة الأسد رصاصا وقذائف وعشرات القتلي والجرحي.
وماكانت هذه القشة إلا قيام أجهزة الأمن اللبنانية بتوقيف شاب لبناني ذي توجه إسلامي يدعي شادي المولوي علي خلفية ارتباطه بتنظيم القاعدة والثوار السوريين وقيامه بتهريب السلاح إليهم بل ودخوله إلي سوريا للقتال إلي جانب الثوارحسب قول اللواء عباس ابراهيم مدير الأمن العام اللبناني. وبالرغم من إطلاق سراح الشاب المتهم بعد أيام من الإعتصامات وقطع الطرقات والإقتتال بين جبل محسن وباب التبانة, وبالرغم من تحرك الجيش السريع إلي طرابلس للسيطرة علي الأحداث استمرت الحرب الدائرة بين جبل محسن ذي الأقلية العلوية المنسوبة إلي طائفة بشار الأسد, وبين الأغلبية السنية في باب التبانة بدعم من شيوخ السلفية الذين يتخذون من طرابلس مقرا لهم.
وكالعادة إزدادت حدة الانقسامات في الشارع اللبناني بين السياسيين, فمنذ بداية إشتعال الثورة السورية والساسة في لبنان منقسمون إلي فريقين, الأول يؤيد النظام السوري ويقوده حزب الله ومعه تيار الإصلاح والتغيير بقيادة العماد ميشال عون فيما يعرف بفريق8 آذار,والثاني ذهب علانية إلي تأييد الثورة السورية ويقوده تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري ومعه فريق14 آذار حزبا الكتائب اللبنانية بزعامة رئيس لبنان الأسبق أمين الجميل والقوات اللبنانية بزعامة الدكتور سمير جعجع والذي يتهمه الفريق الأول بدعم الثوار في سوريا وتهريب السلاح إليهم بمساعدة السعودية وقطروتركيا, ويأوي المعارضين السوريين الفارين من تصاعد هجوم كتائب الأسد بعد سقوط حمص ودرعا بأيدي الجيش السوري الحكومي.
واتهم الفريق الداعم للأسد الفريق الداعم للثورة السورية بأنه يريد جر لبنان إلي أتون الأحداث السورية لتخفيف الضغط عن المعارضة السورية المدعومة تركيا وسعوديا وقطريا, وذلك بعد نجاح الجيش اللبناني منذ شهرين في توقيف سفينة أسلحة ضخمة في المياة الإقليمية اللبنانية كانت قادمة من ليبيا إلي الثوار داخل سوريا عن طريق طرابلس,ذات الأغلبية السنية الداعمة للثورة السورية,ورد عليه الفريق الداعم للثورة بأن مايحدث في طرابلس لاعلاقة له بالأحداث السورية وهو ماتنفيه الوقائع علي أرض الواقع مؤكدين أن الطائفة السنية مستهدفة بالحصار داخل الحكومة والشارع اللبناني مثلما هي مستهدفة في الشارع السوري ذي الأغلبية السنية علي أيدي كتائب الاسد.
ومن جانبها تحركت السفيرة الامريكية في بيروت والتقت رئيس الحكومة وبعض القوي السياسية معبرة عن القلق الأمريكي من نقل مايحدث في سوريا الي الداخل اللبناني الهش والذي لايحتمل صراعات جديدة.
وبعد مرور أكثر من اسبوعين من إطلاق سراح المولوي بكفالة علي ذمة التحقيق, لاتزال الحرب دائرة بين أبناء الوطن الواحد بين طرفين أحدهما يدعم النظام السوري الذي يرتكب المجازر يوميا علي مرأي ومسمع من العالم, وفي النهاية لايدفع الثمن إلا لبنان وسياحته واقتصاده الذي تأثر سلبا بعد قرار قطر والإمارات والبحرين نصح رعاياها بعدم السفر إلي لبنان ومطالبة رعاياها الموجودين في لبنان بالمغادرة فورا نظرا لإنعدام الأمن, وخوفا علي حياتهم, وهو مادفع رئيس الوزراء اللبناني إلي مخاطبة الدول الثلاث بالتريث في تنفيذ القرار القاضي بحرمان لبنان من السياحة الخليجية خلال الصيف وهو ماسيضرب الإقتصاد والسياحة اللبنانيين في مقتل هذا الصيف. وتطرح أحداث طرابلس المستمرة منذ أكثر من شهرين متتاليين أسئلة عديدة حول أهداف المجموعات الإسلامية المتطرفة من النزول إلي الشارع وتفجير الوضع في المدينة, حيث تؤكد كل المعطيات أن ما قامت به هذه المجموعات كان مفتعلا منذ البداية, وأن توقيف أحد المنتمين إلي هذه المجموعات لم يكن سوي حجة للإقدام علي هذا التوتر الذي يكبر يوما بعد يوم مثل كرة الثلج ولكنها ليس ثلجا بل هي نار تحرق الجميع.
ومن الملاحظ إن حجم ما جري لا يتناسب علي الإطلاق مع توقيف شخص متهم, وأن ردود فعل هذه المجموعات يثير الدهشة والاستغراب, حيث إن هناك حوادث عديدة حصلت في مناطق مختلفة علي أيد ي القوي الأمنية تجاوزت ما جري بالنسبة لشادي مولوي بكثير, بل إن بعضها أدي إلي مقتل عدد من الأشخاص, وعلي سبيل المثال فقد أقدمت قوي الأمن الداخلي أخيرا في الهرمل علي إطلاق النار علي سيارة أحد المطلوبين, مما أدي إلي مقتله ووالدته وإصابة زوجته وخادمة أثيوبية, وبالرغم من ذلك لم تقم القيامة في المنطقة ولم ينزل المسلحون علي الأرض أو تقطع الطرق, فلماذا حصل ما حصل في طرابلس فور الإعلان عن توقيف المولوي المتهم بالانتماء إلي تنظيم إرهابي وتهريب السلاح وغير ذلك؟
كل ذلك يؤكد أن هذه المجموعات استغلت توقيف مولوي لتنتشر في أحياء طرابلس وتفتعل التوترات والتفجيرات, ثم ما لبث أن تفاقم الموقف بعد دخول عدد كبير من المسلحين التابعين إلي ما يسمي الجيش السوري الحر إلي طرابلس والانتشار في بعض أحيائها والاعتداء بإطلاق النار علي الجيش اللبناني في أكثر من منطقة, وهناك عدد من جرحي هؤلاء المسلحين في المستشفيات وبعض الأمكنة.
ويؤكد المراقبون خاصة المؤيدين لبشار الأسد أن مايحصل في طرابلس لايزال مستمرا وليس منفصلا عن خطة شاملة ترمي إلي إرباك الجيش اللبناني في طرابلس والمناطق الشمالية الداخلية لإضعاف أدائه علي الحدود السورية بهدف تعزيز فرص تهريب السلاح والمسلحين إلي سوريا, خصوصا بعد أن نجح الجيش بنسبة معينة في ضبط العديد من هذه العمليات.
وتعود الغاية من افتعال هذه الأحداث بالطريقة التي جرت لتشمل أيضا خلق أجواء فتنة مذهبية في طرابلس وتوسيعها لتشمل عكار. وإذا نجحت هذه الخطة فإن انتقال عدوي الفتنة إلي مناطق أخري في لبنان يصبح خطرا جديا وحقيقيا, وهذا ما يؤكد أن ما تقوم به هذه المجموعات في أحياء طرابلس ليس مجرد ردة فعل عفوية علي توقيف المولوي, وليس مجرد اشتباكات محدودة بين باب التبانة وجبل محسن, بل هو في سياق خطة أوسع بين أطراف لبنانية كما يقول مؤيدو الأسد,وما يسمي المعارضة السورية,حيث انتقلت بعض هذه المواجهات إلي العاصمة بيروت في طريق الجديدة ذي الأغلبية السنية وبين أحد الأحزاب اللبنانية المناصرة للنظام السوري.
وإذا كانت الجهات العابثة بالأمن السوري قبل أحداث طرابلس الأخيرة قادرة علي نقل ما يحصل في الداخل السوري إلي الحدود اللبنانية السورية أو إلي المناطق الشمالية القريبة من الحدود, غير أنها نجحت بمساع خارجية طبعا في مد الصراع الطائفي من هناك إلي طرابلس التي تشتعل فيها الأوضاع الأمنية بين جبل محسن وباب التبانة منذ سنوات. فالجهات الدخيلة تعتمد غالبا علي الفجوات لتنفيذ مخططاتها, ويبدو أن مخططها الحالي هو ضرورة انعكاس ما يجري في سوريا علي لبنان, وقد استغلت وجود ثغرة في طرابلس لم تستطع كل المساعي السياسية السابقة لمسئولي المنطقة من ردمها.
وبالرغم من انتشار الجيش في شوارع المدينة وطرقاتها لاتزال طلقات القناصة تدوي بين الحين والآخر معبرة أنه لايصوت يعلو فوق صوت الرصاص, فهل يستطيع الجيش المدعوم سياسيا وحكوميا السيطرة علي الأحداث المتسارعة والمتصادمة في طرابلس؟ أم أنه سيهيل التراب علي نار لاتزال مشتعلة تنتظر قليلا من هواء الطائفية والمذهبية لتشتعل من جديد, حارقة في طريقها الأخضر واليابس و8 آذار و14 آذار ولبنان بأكملها؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.