أعتقد أن أفضل من وصف شخص القائد أو الرئيس، أو الشخصية الكاريزمية لمنصب رفيع المستوي، هو الرئيس الفرنسى الأسبق جاك شيراك، الذى ظل ينتظر الرئاسة فى فرنسا سنوات عدة وكان يعلم إمكانات ومقومات نجاحه، وعندما أتت قال عبارته الشهيرة فى أول خطوة نحو قصر الإليزيه، إن الرئاسة هى موعد ولقاء الرجل مع قدره، فإما أن يكتب تاريخه أو يحفر قبره. ومناسبة هذا الحديث هو استعداد الوزير أحمد أبوالغيط، خلال الأيام الأربعة المقبلة لتولى منصب الأمين العام للجامعة العربية، حيث القلوب عالقة والعيون شاخصة فى أكثر من 22 عاصمة عربية لأكثر من 300 مليون عربي، ينتظرون المنقذ البارع الذى يمكن أن يتعاون مع قادتهم وحكوماتهم فى إطفاء حرائق القتل والتفخيخ، وتفجير الأجسام وجز الأعناق على يد عصابات القتل والتفجيرات الجوالة فى سوريا والعراق واليمن وليبيا والصومال ولبنان، الذى يرغب بفعل قوى الشر هناك للعودة إلى سيرته الأولي. أعلم أن الأغلبية من الشعوب العربية قد أصابها اليأس وضربها الإحباط، ونال منها العجز والقنوط والكفر بالنظام العربى الإقليمي، وبعضهم سارع منذ سنوات خاصة فى عهد الأمين العام الحالى نبيل العربي، إلى كتابة شهادة وفاة الجامعة. أقبل برأى البعض إن النظام الإقليمى العربى فشل وتراجع، والجامعة العربية باتت فى ذمة التاريخ وأن محصلة هذه النهايات للجامعة كان تصارع إدارات عربية ورغبة من قبل بعض دولها لخفوت وكمون أداء ودور الجامعة لأسباب خاصة ببعض الدول، أو نكاية فى مصر باعتبار أن الجامعة العربية موجودة فى عاصمتها القاهرة وفوق أراضيها، لكن على الجانب الآخر يعلم البعض أن جزءا كبيرا من نجاح دور الجامعة ومؤسساتها مثل أى دولة فى الإقليم أو فى العالم يتوقف على شخص وقدرات الحاكم وإبداعاته وبالتالى شخصية الأمين العام للجامعة تضمن نجاح أو تراجع وترهل دور الجامعة.. بدليل ما كان قائما أيام عمرو موسى عند تولى مقاليد الأمور داخل الجامعة، حيث كان الأداء ساطعا والنتائج ملموسة والحضور قائما والمبادرات والرؤية حاضرة والاشتباك مع قضايا المنطقة والإقليم حاضرا وقائما. ولذا أجد نفسى من المتفائلين بإمكانية عودة الدور والمكانة والجهد المرتقب للجامعة العربية، رغم سوءات الوضع العربى والخلل القائم فى التوازن بين دول الإقليم وعتمة المشهد السياسى فى الإقليم العربي، الذى تتجه أموره وتفاعلاته الى الأسوأ مع شخص الأمين العام الجديد للجامعة أحمد أبوالغيط، حيث إنه يتمتع بأفق دبلوماسى بلا حدود وصاحب معارك ناجحة وملموسة للدبلوماسية المصرية، وانتصارات معلنة وخفية فى كواليس معارك الخارجية المصرية، سواء فى عمله ونشاطه فى سفارة مصر فى إيطاليا والأمم المتحدة لسنوات طويلة، وكذلك فى منصب وزير الخارجية، حيث كان الأداء أفضل لكل من جاءوا بعده بمن فيهم الحالي، باستثناء الوزير نبيل فهمى الذى برع ونجح فى فترة كانت استثنائية وفارقة فى تاريخ الدولة المصرية بعد حكم الإخوان، واستعادة العودة والحضور والثقة بعد نجاح ثورة 30 يونيو. وبالتالى هذا الأداء والدينامية التى تتمتع بها شخصية الأمين العام الجديد أبوالغيط، من المؤكد أن تنعكس إيجابيا على امكان إحياء فرص دور وجهد الجامعة العربية وطرح أفكار ومبادرات خلاقة يتمتع بها الرجل، من خلال شبكة علاقاته الدولية وخبرته المتعددة فى المحافل العالمية والإقليمية والعربية، لإثراء الدور والحضور والمكانة وسرعة الأداء للجامعة، وإمكان العودة من جديد للدخول بقوة على خط الاشتباكات والأزمات العربية القاتلة وإمكانية وقف نزيف التدهور والخراب الذاهبة إليه غالبية العواصم العربية بشرط أن يسعى أبوالغيط للتغيير بكل ما يملك من قوة، وأداء وأفكار ومبادرات لتحسين فرص العمل والأداء داخل منظومة الجامعة العربية، ويجعلها حاضرة فى الداخل العربى والإقليمي. وعلى الجانب الآخر، مطلوب من الوزير أبوالغيط، وأرى أنه يستطيع ويقدر على إقناع قادة وملوك وشيوخ الدول العربية، على تغيير نظرتهم ومفهومهم نحو منظومة الجامعة العربية برمتها، من خلال إقناعهم بتوفير الغطاء الكامل من الآن فصاعدا للجامعة ومسيرتها وأدائها والثقة الكاملة لشخص الأمين العام الجديد مع تعزيز وتعميق وحدة المصير والمسار، حيث انه برغم حالة اليأس والإحباط والعجز الذى يعترى غالبية الشعوب وبعض العواصم العربية، إلا أن النظام العربى كله ليس شرا مطلقا وبالتالى ستكون مهمة أبوالغيط تبديد منسوب الخوف والقلق لدى الدول العربية، وجعل حاضر الجامعة على يديه أفضل من ماضيها، وتغيير المزاج العربى الى الأفضل، حيث ان النظرية الحاكمة لأبوالغيط تؤكد أنه اذا لم تتحرك مع الزمن فقد تختفى وتفني. وبالتالى مع أبوالغيط لن يترحم العرب على أمجاد أجدادهم وأسلافهم، ولن يذهدوا فى العالم العربى ويموت بعضهم غير قرير العين، ويرددون مثلما قال وترحم عبدالله القصيمى إن العرب ظاهرة صوتية، ولقد أحسن الرئيس السيسى صنعا عندما اختار ودفع بشخضية مثل أحمد أبوالغيط، لتسرى دماء جديدة فى مسيرة الجامعة وتنقذ العمل العربى المشترك قبل فوات الأوان لمزيد من مقالات أشرف العشري