ذو الوجهين: هو الذى يأتى كل جماعة أو فرد بما يرضيه فيظهر له أنه معهم ومخالف لضدهم أيا كان رأيهم، وهذه الخصلة الذميمة معول هدم فى بناء التماسك المجتمعى والأسرى وذلك لما تسببه من فساد ذات البين وتحمله لمن صاحبها من كذب وسوء طوية، وإذا نظرنا حولنا وفى مختلف المستويات والطبقات لوجدت هؤلاء وقد امتلأت بهم المؤسسات والمصالح وبروز هذه الخصلة لأسباب فى الفرد وأخرى فى المجتمع، أما التى فى الفرد فيعود إلى عدم ثقته فى نفسه وحاجته دائما إلى ما فى أيدى الناس، وعدم الجرأة فى قول الحق نظرا لضعف الإيمان، أما التى فى المجتمع: فهو لجوؤه وتداوله لمثل هذه الصفات والتصرفات، فالمجتمع يصفق لمثل هؤلاء، ويصفق للبهلوان الكاذب المنافق الذى يعصر فكره وطاقته فى اظهار المديح لآراء المجموعة أو الفرد الذى يتحدث معه، بجانب أن المجتمع فى أيامنا متهاون فى كثير من المسائل الشرعية والالتزام بالصفات الحميدة التى اكدها الشارع الحكيم فى آيات قرآنية، وأحاديث نبوية متعددة، ومن ذلك التحذير من صفات المنافقين والتى منها »ذو الوجهين« قال النبى - صلى الله عليه وسلم - »من كان ذا لسانين فى الدنيا جعل الله له لسانين من نار يوم القيامة« وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: «تجد من شر الناس يوم القيامة عند الله ذا الوجهين الذى يأتى هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه»، وروى البخارى أن أناسا قالوا لعبد الله بن عمر رضى الله عنهما أنهم يذهبون للسلاطين فيتكلمون لديهم بكلام فإذا خرجوا قالوا بخلافه، فقال لهم: كنا نعد هذا نفاقا فى عهد الرسول، وبالله عليكم لو نظر كل واحد فينا حوله لوجد هؤلاء، فيأتى إليك فيتملقك ويثنى عليك ثم يأتى من ورائك فيسبك ويذمك»، فصاحب الوجهين هذا يتكلم بنيتين كالشاه العائرة بين القطيعين هكذا وصفه النبى «صلى الله عليه وسلم» فعن ابن عمر قال: قال «صلى الله عليه وسلم» «مثل المنافق كمثل الشاه العائرة بين الغنمين تعير إلى هذه مرة وإلى هذه مرة لا تدرى أهذه تتبع أم هذه، كما أوضح الله سبحانه وتعالى هذه الصفة فى قوله تعالي: «مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا»، «النساء 143»، فذو الوجهين لا يعرف له طريق لأنه مذبذب القلب يلعب على جميع الحبال فهو كالحرباء يتلون فى معاملته مع الآخرين، وواقع الأمة اليوم ربما يرشدنا إلى ذلك، فكم من أمة دبت فيها الخلافات، وكم من ملة حصدت الندامة، وكم من أسرة انكشفت أسرارها وبان عوارها وما ذاك إلا بسبب أولئك الذين يحملون وجهين، إن ذا الوجهين له ضرر عظيم على المجتمع لافساده بين الناس.