ذهبت اليها في مسرح الجلاء وسألتها سؤالين أختتم بهما حوارا نشر في أخبار اليوم. كان السؤال الاول, هو: لماذا قبلت هذا الدور القصير الذي لايليق بتاريخك؟ كانت اجابتها صامته لكن عيناها قالتا كل شيء. فسارعت بتوجيه سؤالي الثاني: تتجوزيني ياحاجة؟. حدث ذلك في السنوات الأخيرة من عمر تحيه كاريوكا, كانت بروفات مسرحية شباب إمرأة تجري علي مسرح الجلاء, وكان طبيعيا أن تؤدي فيفي عبده دور شفاعات لكن ما لم أقبله أن تؤدي تحية كاريوكا بطلة الفيلم دور أم أمام فاروق الفيشاوي الذي حل بديلا لشكري سرحان بطل الفيلم. كنا نعلم أن فيفي عبده أصرت علي إشراك ماما تحية في المسرحية من باب التكريم والمساعدة ليس إلا. وهكذا لم تكن نهايات تحيه كاريوكا تتناسب أبدا مع بداياتها ومشوار حياتها كله, ولم تتناسب بالطبع مع جائزة الدولة التي أهداها إليها جمال عبدالناصر يوم وقفت في مهرجان كان بملاية لف لتفضح إنحياز العالم لاسرائيل. حرمت تحية نفسها من احتمال فوزها بجائزة أحسن ممثلة عن دورها في فيلم شباب امرأة لكي تثبت للجميع أن مصر هي الأعظم: ومصر هي التي تستحق الاشادة والتكريم وليس الصهاينة. لا يمكن وصف السيدة تحية كاريوكا بأنها راقصة, ولا يمكن أيضا وصفها بلقب فنانة, ليس لأن اللقبين صغيرين أو حقيرين, ولكن لأن تحية كانت فدائية وسياسية مصرية قلبها ميت شاركت في مقاومة الاحتلال البريطاني بدهاء وذكاء, وحملت روحها علي كفيها وهي تهرب السلاح للفدائيين في الاسماعيلية. تحيه كاريوكا العظيمة قرأت مستقبل الشاب المصري المتهم باغتيال أمين عثمان وعرفت بحاستها السادسة أنه سيحكم مصر في يوم من الايام, فقامت بتهريب محمد أنور السادات بعيدا عن أعين السلطة, لتكتشف فيما بعد أن السادات هو أحد أفراد الضباط الاحرار الذين فجروا ثورة23 يوليو عام.1952 أعترف بأنني أحب تحيه كاريوكا.. احبها من أولها لآخرها.. أحب رجولتها بقدر ما أعشق أنوثتها.. أحبها لأنها ولدت مثلي في الاسماعيلية موطن الفدائيين العظماء. أحبها لأنها لم تترك مناسبة وطنية إلا وشاركت فيها, فهي نجمة المجهود الحربي مثل أم كلثوم تماما وهي المواطنة التي كان دورها في الحكم لايقل عن دور الوزراء.. وهي صديقة عبدالناصر وصديقة السادات حيث ابهرتهما بقدرتها علي ترجمة عشقها للوطن الي عمل وإنجاز وليس مجرد الخطابة البارعة أو المشاركة في عمل تمثيلي.. مجرد عمل تمثيلي يقول الممثلون في نهايته تحيا مصر. لو شئنا اختصار تحية كاريوكا في كلمتين لقلت: حزب الحب نعم هي أول تجربة حزبية مصرية متكاملة.. تجربة تحمل عنوانا واحدا اسمه مصر, وعلما واحدا يتكون من ثلاثة ألوان تخفق له قلوب المصريين. تحيه الأم الفدائية الصديقة والحبيبة والاخت والعمة والخالة.. لم تنجب بنتا أو ولدا بل انجبت ملايين البنات وملايين الرجال, كلهم يحبونها مثلي وربما اكثر, كلهم سيجمعون علي انها لو أدركت ثورة25 يناير أول من يحمل العلم في ميدان التحرير وأول من ينادي برحيل المخلوع وآخر من غادر الميدان ليذهب الي صندوق الانتخابات ليشارك في أول تجربة تعرفها مصر. لكن تحية ماتت ولن تختار الرئيس.. حتي لو عملوا مسلسلا يحمل اسمها فلن يتمكنوا من اشراكها في اختيار المستقبل. فاسمحي لنا ياسيدتي أن ننوب عنك في اختيار رئيس مصر القادم.. فهل تقبلين اختيارنا؟