ونحن الآن نترقب إجراء الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة المصرية.. يجب تأكيد أن يقتصر دور الرئيس المنتخب علي دور الراعي الذي يوفر التوجيه والمساندة والتشجيع لعمليات التغيير المستجيبة للمصلحة العامة. وأن يستمر لفترة زمنية محددة كمصدر إلهام وتحفيز لإرادة التغيير لدي الأمة بكاملها. تعد قضية التغيير القضية الأولي في عالم اليوم.. عالم المتغيرات سريعة الإيقاع.. عالم تحريك الثوابت وانهيارها.. وتفجر الثورات الشعبية.. عالم اليوم لا تتوقف مسيرته.. ولا تهدأ حركته.. وعندما نتحدث عن التغيير في مصرنا الجديدة نعني التغيير الشامل والمتكامل الذي يتسع ليشمل جميع مجالات الحياة. وبالرغم من التقبل الشعبي لرياح التغيير منذ اندلاع ثورة 25 يناير 2011, ولكن مازال هناك رفض ملحوظ للإجراءات التي يمر بها التغيير.. والأساليب المستخدمة في ذلك.. ويرجع ذلك لعدة أسباب.. لعل من أهمها: عدم وضوح أهداف التغيير من حيث كونه شاملا بحيث يشمل جميع مناحي النظم الأخري الاجتماعية والاقتصادية والتربوية والتشريعية والقضائية والدينية.. أم جزئيا بحيث يمس جانبا من الوضع العام للمجتمع.. ويترك الجوانب الأخري.. إما لكون الجوانب الأخري لا تحتاج إلي تعديل.. أو لعدم توافر مقومات المشروع القومي الذي يملي علي المجتمع وقيادته التحرك في اتجاه محدد.. أم كونه تغييرا استراتيجيا فيعني بالقضايا طويلة الأجل التي تشغل الدولة كخطوة للمستقبل.. أم تغييرا وظيفيا للنظم والهياكل والتقنيات داخل أجهزة الدولة.. كذلك فقدان هيبة الدولة وانهيار نظامها الاجتماعي والأمني والاقتصادي.. وزيادة معدلات الفقر والتضخم.. واتساع الهوة بين من يملكون ومن لا يملكون.. فضلا عن عدم الثقة بالقادة والقائمين علي عمليات إدارة التغيير.. وعدم إشراك جميع أصحاب المصالح في المجتمع المصري.. علاوة علي صعوبة الفصل بين الغث والسمين وبين المهم والتافه في البدائل والخيارات لكثرة الوعود والآمال السياسية والإعلامية.. مما أدي إلي تشتت ذهن المواطن المصري.. وازدياد التخبط والانشقاق داخل المجتمع ككل. لذا يجب علي الشعب حين يختار رئيسه القادم أن يتخلص من الوهم السائد عند الغالبية بأن تحديد القادة والفاعلين الاجتماعيين والسياسيين هو الأولوية في العملية التغييرية.. ويلي ذلك تحديد المسار الذي سيسلكه المجتمع لتحقيق التحول المستهدف نحو الأفضل.. ولكن واقعيا المطلوب في المرحلة الراهنة هو تفعيل إرادة التغيير المجتمعية بحيث يكون المجتمع بجميع أطيافه هو الفاعل الحقيقي لعملية التغيير وليس المفعول به.. وأن تصاحب عملية إرادة التغيير إرادة شعبية ومؤسسية تحافظ علي مكتسبات الثورة.. وتحاصر الشخصنة والفساد المتوارث في سلطة الرئاسة.. كما اتضح سابقا أنه يمكن استئذصال أو استبعاد الرئيس أو القائد بينما يظل النظام بكامله يعمل.. بل وقد يولد القائد البديل الذي يمثل امتدادا للقائد السابق بمنهجية تفكيره وأسلوب إدارته ورؤيته.. التي قد لا تصلح للتحديات التي تواجهها مصرنا الغالية في المستقبلين القريب والبعيد.