عندما قامت ثورة يناير شهد ميدان التحرير موقفا موحدا من كل فئات الشعب المصري وبقيت جميع القوي الوطنية ولا أقول السياسية 18 يوما تحت سقف واحد ونداء واحد الشعب يريد إسقاط النظام.. وسقط رأس النظام وبقيت جميع مؤسساته.. وتصورت القوي الوطنية ان الثورة نجحت وبدأت رحلة الغنائم.. وهنا انسحبت بعض القوي لتستعد لموسم الإنتخابات البرلمانية.. وبدأت رحلة الصراعات.. جمعت الساحة الإخوان المسلمين.. والسلفيين والجماعات الإسلامية.. والصوفية والليبراليون.. والعلمانيون وائتلافات شباب الثوار.. والأحزاب التقليدية الوفد والتجمع والناصري والغد واكثر من 20 حزبا مجهول العنوان.. وفي أيام الثورة كنت تري جميع الرموز الوطنية بجميع الأطياف الدينية والفكرية والإبداعية والمدنية والسياسية علي قلب رجل واحد.. ومنذ بدأت رحلة الصراعات والانقسامات حول الغنائم انسحبت تيارات كثيرة وغابت وجوه ورموز ومواكب منهم من ذهب إلي البرلمان ومنهم من ذهب إلي الحكومة.. ومنهم من ذهب إلي الفضائيات والإعلام والصحافة وكل واحد بحث عن سبوبة تحت شعار الثورة.. وهناك من بدأ رحلة المؤتمرات الخارجية والمشاركات أو محاضرات بأسم الثورة وتركوا الشعب حائرا يسأل عن رموزه وسرعان ما بدأت القوي السياسية لعبة الصراع حتي وصلنا إلي الإنتخابات الرئاسية وكانت معظم الخيوط قد تقطعت فوجدنا أكثر من مرشح إسلامي.. وأكثر من مرشح ليبرالي.. واكثر من مرشح ثوري.. وحدثت تجاوزات كثيرة في المعركة الإنتخابية حتي بين الثوار أنفسهم وشارك الإعلام في إشعال المزيد من الفتن وهبطت علي ارض الكنانة اموال كثيرة مجهولة المصدر والعنوان وبدأ السباق علي الأموال الوافدة وكلما اشتدت المنافسة علي المنصب الرفيع زادت المعارك حول حقائب الأموال الوافدة, والتي أخذت طريقها لشراء أصوات الناخبين وتحول السيرك السياسي في مصر إلي أسوأ مسرحية عبثية بين النخبة وانقسمت قوي اليسار والليبراليين والأحزاب التقليدية والتيار الإسلامي بكل طوائفه.. وفجأة وجد الجميع أنفسهم امام حقيقة مؤلمه.. في آخر السرداب المظلم الطويل ظهر جدار عتيق وقف الجميع امامه واصبحنا امام حائط سد وعلينا ان ندفع الثمن. إختلف رفاق السلاح فكانت الهزيمة. [email protected] المزيد من أعمدة فاروق جويدة