بقدرما كان هناك اختلاف في أسماء مرشحي الرئاسة لحظة الإنتخاب بين الواقفين في طابور الناخبين والناخبات إلا ان الجميع كان يختار مصر ويراها من وجهة نظره. وعلى الرغم من أن الأعداد كانت أقل من مثيلاتها المشاركة في الإنتخابات البرلمانية وفي الإستفتاء، كان التصميم على القيام بالواجب الإنتخابي عاليا لدي المشاركين، من أجل مصر. كما أنها كانت لحظة فريدة تلك التي شاهدنا فيها جميعا فرز الأصوات على الشاشات، لم نشاهدها نحن فقط وإنما العالم أجمع. هي لحظة أبكت البعض من الذين لم يتصوروا أبدا هذا المشهد في دولتنا بعد سنوات طويلة من تزوير إرادته. تحية واجبة لروح من تركونا وسالت دماءهم في الأحداث العديدة التي عشناها خلال الفترة السابقة، حتى يكون للمصريين في الداخل والخارج صوت ورأي في كل ما يتعلق بشئون بلادهم. هي مكتسبات على قلتها في غاية الأهمية بالنسبة للمصريين. وهم ليسوا على استعداد للتخلي عنها أبدا وستظل دماء من ماتوا في أعناقهم ليسألوا عنها يوم الحساب. لهذا ومن أجل هذه الدماء، على الرئيس القادم أيا ما كان انتمائه لم شمل المصريين جميعا وحقن دمائهم، من أجل مصر حتى تخرج من عنق الزجاجة في المرحلة القادمة. لقد بدأت المرحلة الإنتقالية ولم تنته كما يظن البعض، ويتعين أن تكون مرحلة بناء وتعاون وتوازن بين القوى المختلفة وليست مرحلة شد وجذب بين من أثبتوا تواجدهم في المشهد السياسي. رغم الإحباط الذي يسود المشهد مع انحسار الإعادة بين التيار الديني وأحد رموز النظام السابق، إلا أن هبة الشعب في 25 يناير من العام الماضي إنما تؤكد أن أي تلاعب بكرامة وقوت هذا الشعب وإرادته لن يسكت عليه بعد الآن. لقد أعادتنا نتائج الإنتخابات إلى خياراتنا قبل الثورة أي إما النظام السابق أو الإخوان. ولكن مما يعطي الأمل في الأيام القادمة قول أحد الفلاحين على إحدى القنوات وهو في طريقه للإدلاء بصوته : " الشعب كان نايم وصحي ولن يرتاح حتى يحقق مطالبه ". هي كلمات بسيطة لكنها معبرة ودليل على أن الشعب لن يسمح بإعادة دولة النظام السابق التي ثار عليها. فمعطيات المشهد اختلفت ويتعين على كل القوى العمل معا من أجل هدف واحد هو مصر التغيير. لنتذكر كلمات صلاح چاهين البسيطة والمعبرة والرقيقة والمليئة بالحب عندما تحدث عن مصرفقال : على اسم مصر التاريخ يقدر يقول ما شاء وأنا مصرعندي أحب وأجمل الأشياء بحبها وهي مالكه الأرض شرق وغرب وبحبها وهي مرميه جريحة ف حرب بحبها بعنف وبرقة وعلى استحياء وأكرهها وألعن أبوها بعشق زي الداء وأسيبها وأطفش ف درب وتبقى هي ف درب وتلتفت تلاقيني جنبها في الكرب والنبض ينفض عروقي بألف نغمة وضرب على اسم مصر اللهم احفظ مصرنا واحقن دماء شعبها العظيم ... نعلم أن المشوار طويل، لكنه بدأ ... فافرغ علينا صبرا يا الله ...