رغم ان احدا لا يستطيع ان يطعن علي نزاهة وشفافية المرحلة الاولي من الانتخابات الرئاسية التي حظيت باحترام دولي واسع, إلا ان نسبة غير قليلة من المصريين يرون ان نتائج الانتخابات. أسفرت عن مأزق صعبا, حصر إختيار منصب الرئيس بين مرشح جماعة الاخوان المسلمين د محمد المرسي الذي تجاوز عدد اصواته5 ملايين صوت وبين الفريق احمد شفيق الذي حصد عددا ضخما من الاصوات يقل عدة ألاف فقط عن اصوات مرشح الجماعة, بينما خرج من السباق كل من عمرو موسي وعبدالمنعم ابو الفتوح اللذان تصدرا قائمة المرشحين في استطلاعات الرأي العام الي ما قبل اسبوعين عندما بدا واضحا ان مرشح التيار الثالث حمدين صباحي يشق الصفوف الي مقدمة المرشحين ويمكن ان يشكل منافسا قويا علي المركز الثاني. ومع ان البعض يعتبر نتائج المرحلة الاولي كارثية لأنها وضعت الناخبين المصريين امام خيارين كلاهما صعب, إلا أن نتائج هذه المرحلة بعثت برسائل مهمة الي كل الاطراف تؤكد عبقرية هذا الشعب وحسن فطنته وإدراكه. ذهبت اولي الرسائل الي جماعة الاخوان المسلمين التي حصلت رغم قوة ألياتها الانتخابية وقدرتها علي نصف الاصوات التي حصلت عليها في الانتخابات البرلمانية, فضلا عن النتائج المتواضعة التي حققتها في الاسكندرية والشرقية وعدد اخر من المحافظات بما يؤكد ان التصويت الاخير كان ينطوي علي نوع من العقاب لجماعة الاخوان بسبب اخطاء الجماعة وسوء اداء البرلمان الذي تشكل اغلبيته, وخوف نسبة غير قليلة من المصريين من رغبة الجماعة في الاستحواذ علي كل السلطات, وذهبت ثانية الرسائل الي قوي نخبوية عديدة اختلط عليها الفهم, عمدا او قصورا, تحب ان تري في المنافسة بين د محمد مرسي والفريق احمد شفيق مجرد معركة اخيرة بين طرف مهم في ثورة 25 يناير وقوي الفلول التي تريد اعادة انتاج نظام مبارك رغم ان نظام مبارك ذهب ادراج الريح وبات من المستحيل عودته, ورغم ان الاصوات الضخمة التي حصل عليها احمد شفيق تعبر عن مفهوم اوسع كثيرا من هذا المفهوم الضيق المتعلق بقضية الفلول يعكس المنافسة المحتدمة بين تيار الدولة المدنية الليبرالية وتيارات الدولة الدينية التي عززت تحالفها اخير ودخلت سوق المزايدة علي تطبيق احكام الشريعة. وذهبت ثالثة الرسائل الي المرشحين د محمد مرسي والفريق احمد شفيق تؤكد لكل منهما ان المصريين راغبون في رئيس منتخب في انتخابات نزيهة وأمينة, ينتصر لدولة مدنية قانونية تلتزم أهداف ثورة 25 يناير, يحترم التزاماته ويستطيع ان يحقق المصالحة الوطنية ويستوعب شباب الثورة وينهي حالة الاستقطاب الحاد التي يعيشها المجتمع المصري لصالح وفاق وطني ويكون الحكم العدل بين السلطات لا يساعد علي تركيز السلطة في يد واحدة. اما الرسالة الاخيرة فقد ذهبت الي هؤلاء الذين يهددون بالعصيان المدني ورفض نتائج الانتخابات اذا لم تسفر عن نجاح مرشحهم, لان حصول كلا من المرشحين المتنافسين علي عدد من الاصوات المتماثلة والمتقاربة يلزم الجميع ضرورة احترام نتائج صندوق انتخابات الاعادة الذي يعبر عن ارادة شعب ينبغي ان تعلو فوق مصالح الافراد والجماعات احتراما لقواعد الديموقراطية. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد